الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

وسائل التواصل الاجتماعي الراعي الرسمي للشائعات

وسائل التواصل الاجتماعي الراعي الرسمي للشائعات
3 أغسطس 2014 23:00
شكلت وسائل التواصل الاجتماعي ثورة في تداول وتبادل المعلومات، سلطت الضوء على كثير من القضايا، وعمقت مفاهيم الحريات الفردية، وقضايا حقوق الإنسان والتنمية والبيئة وأشاعت ثقافة القانون. إلا أن هذه الوسائل أصبحت في أحيان كثيرة سيفاً مسلطاً على المجتمعات، لأن البعض يستخدمها بطريقة مغرضة في نشر الشائعات، والبعض الآخر يتلقى المعلومات بطريقة عشوائية، لا واعية. وبهذا أصبحت أداة يمكن استخدامها في بث الفوضى وضرب الوحدة الوطنية للمجتمعات، أو إثارة النعرات، خاصة أن مراقبة محتواها أمر جد عسير. وحذر مختصون ومراقبون وقانونيون من اتخاذ مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً للمعلومات والأخبار بسبب افتقارها للصدقية. وقال عبد الرحمن الشميري، رئيس التحرير التنفيذي، المدير العام لصحيفة «الوطن» إن مشكلة وسائل التواصل الاجتماعي كانت ولا تزال وستظل في الصدقية، ما لم تكن هناك محددات ومعايير للمستخدمين تلزمهم بتحري صدق ودقة الأخبار وعدم تمريرها قبل ذلك. وأوضح أنه إذا كانت وسائل الإعلام التقليدية ملزمة بتحري الدقة بحكم مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية، فإن الأمر ليس كذلك على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، لأن تحري دقة وصحة الأخبار عملية ليست في متناول المستخدم العادي، ما يضع علامة استفهام كبيرة حول كثير مما يتم تداوله عبر هذه الوسائل، الذي يتضح فيما بعد أنه مجرد إشاعة. وطالب عبد الرحمن الشميري بسن قوانين وضوابط تحمل المستخدمين مسؤولية ما ينشرونه عبر هذه المواقع، مشيراً إلى أن الإمارات وكثيراً من دول العالم، لديها تشريعات تحاسب على نشر الأخبار الكاذبة في وسائل التواصل الاجتماعي. إلا أن عملية الانتشار السريع للمادة المتناولة والسرعة الفائقة في تناقلها وتعدد الأطراف المسؤولة عنها تطرح صعوبات إجرائية كبيرة في تطبيقها بصرامة على المتسببين في نشر الإشاعات، مشددا على أن الأضرار لا تتوقف على الفرد بل تتعداه إلى تهديد أمن واستقرار المجتمع. كما طالب بسن قوانين رادعة لأصحاب الحسابات الوهمية ممن ينقلون أخباراً تهدف للإساءة إلى الآخرين، في أعمال هدامة ينبغي ألا يسمح لهم بها، مشيرا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لها إيجابات كثيرة، منها تقريب المسافات بين الناس والقدرة والسرعة والفعالية إذا أحسن استخدامها، ما يتطلب ملاحقة مروجي الشائعات. وأشار إلى أهمية التعاون بين الأسرة والمجتمع والجهات والنظام التشريعي وجهات مكافحة الجرائم المعلوماتية، لطابع التخفي الملازم للجريمة الإلكترونية، مؤكداً أنه لا بد من العمل المشترك للتوعية بالآثار السلبية للشائعات، وكشف الإيجابيات والسلبيات وأهمية التربية والتأسيس السليم للفرد، لحمايته من مخاطرها. وقال الدكتور شريف الباسل مدير تحرير صحفية «الفجر»، إن مواقع التواصل الاجتماعي لا توجد عليها رقابة ولا تتبع جهة مختصة للتحقيق في الأخبار التي تتداولها. وأضاف أن الأخبار المنشورة على موقع التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على المجتمع، خاصة الشباب، الذين يساهمون عادة في نشره الأخبار دون التحقق من صحته، بقصد أو بغير قصد، لأنهم متحمسون ولا توجد لديهم الخبرة والحنكة الكافية لترشيح وتصفية الأخبار الصادقة من الكاذبة، بل وحتى الصادقة التي لا ينبغي نشرها. وبالتالي يقومون ليس بتصديق الخبر فقط والإيمان به، بل يعيدون نشره على أوسع نطاق. وطالب بتدريب الشباب على طريقة استقاء المعلومة من المصدر الصحيح، من خلال عقد ندوات وتوزيع منشورات تعلمهم الطريقة الصحيحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف «أنا أرى أنه من الضروري تأسيس جهة تحاول فرز الأخبار غير الصحيحة، خاصة فيما يتعلق منها باستهداف جهة أو دولة معينة أو يسبب بلبلة اجتماعية أو يروج لمعلومات خاطئة، والرد على هذه الأخبار. كما أنه من الضروري سن قانون يحدد المسؤولية عن الأخبار في وسائل التواصل الاجتماعي». وأكد أنه من جهة أخرى، لابد للجهات المسؤولة توفير المعلومات الصحيحة لمن يطلبها لأنها تسهم في كبح جموع مروجي الشائعات، مشدداً على أن حجب المعلومات هو البداية الفعلية لانتشار الشائعات وبدل مكافحة المعلومات الخاطئة. وتابع أن «الجيل الجديد لا يقبل حجب المعلومة، وبالتالي يستهلك المعلومات المغلوطة بسهولة». من جهته، قال خالد منيسي مسؤول التحرير في جريدة الوحدة، إن الشائعة لها أكثر من هدف، سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وهي بصفة عامة مصدر للقلاقل في أي مجتمع، لكن ثقافتنا العربية الإسلامية تحصنا ضد هذه الشائعات وتحثنا ليس فقط على ضرورة التمسك بقيمنا الإسلامية والتعامل مع هذه الشائعات بحذر، بل بضرورة الابتعاد عن مصدرها واستقاء الأخبار من مصادرها الصحيحة، وكذلك مواجهة الشائعات، سواء عبر النسق الاجتماعية الموجودة داخل المجتمع أو عبر القوانين المطروحة. وطالب بتشريعات تحد من تداول الشائعات والأخبار المغلوطة، لأن مروجي الشائعات لهم أجندة خارجية، بدليل أنهم يطلقون الشائعات بشكل منظم جداً، ما يجعلنا مطالبين بضرورة الانتباه لهذا الخطر وملاحقة مرتكبيه، حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة. وقال الإعلامي خالد بن ققه إن ما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كان الخبر حصرياً أو منقولاً بأخطائه ومن مصدر غير محدد يعد مشكلة، لأن ثمة من يعيد النشر، مشيراً إلى أنه من العيوب الكبرى في أسلوب التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو ما يحدث فيها من تزييف يسبب الحيرة للمتلقي، مضيفاً أننا أمام إشكال كبير لأن عملية الكتابة مستباحة تماما، فالكاتب غير معروف ولا توجد عليه رقابة. وأضاف أن إيجابيات هذه المواقع تصبح موضوع تساؤل إذا ما استخدمت كمصدر للخبر. وقال الصحفي محمد زين في صحيفة الغربية: لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة صبحت لدى الكثيرين أسرع وأقصر طريقة لنشر المستجدات بأي بقعة في العالم بلمح البصر. وأضاف أنه بالنسبة للصحافيين الذين اعتادوا في عهود خلت أن الخبر مقدس ويُسْتقى من مصدره، وجدوا أنفسهم أمام سيل جارف من المعلومات الصحيحة والخاطئة، ما جعل بعضهم يتعاملون مع إشاعات وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها المقدمة الأولى للخبر، وكأنه خبر يقين، متعللين بتحقيق السبق وبأن المدونين عبارة عن صحفيين غير مؤطرين. وفي كل الأحوال انسياق الصحفي خلف الإشاعة أو تجاهلها، يعتبر المحك الحقيقي لذكاء الصحفي وحدسه وقدرته على التمييز بين الخبر والشائعة، رغم أن المسافة الفاصلة بينهما هي ذاتها الفاصلة بين الضلالة والهدى. «الرقابة الغذائية» وإشاعة «الكركم» ومن أمثلة الشائعات، ما دعا الرقابة الغذائية إلى نفي وجود خطر من كركم الطعام في 11 مارس 2012. وقال مدير إدارة الاتصال والمعلومات في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية محمد جلال الريايسة وقتها، إن الشائعات حول بعض السلع الغذائية تنتشر عشوائياً، وأرجع ذلك إلى «مواقع التواصل الاجتماعي، ما يصعب معه تصحيح المفاهيم المغلوطة»، داعياً المستهلكين إلى الرجوع للجهات المعنية للتأكد من صحة الأخبار المتداولة. وقال مدير إدارة الاتصال والمعلومات في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية محمد جلال الريايسة، إن ما أعلنته وزارة الصحة حول عدم مأمونية استخدام الكركم، يقتصر على تأثيراته الضارة إذا استخدام كدواء، وأن ما أعلنته وزارة الصحة لا يتصل بسلامة الكركم الغذائية. وأكد أن مختبرات الجهاز تجري فحوصاً على عينات من الشحنات الغذائية كافة، عند وصولها إلى المنافذ الحدودية، كما تجري اختبارات على عينات عشوائية من الأسواق، للتأكد من سلامتها قبل وصولها إلى المستهلكين. الهيئة العامة للشؤون الإسلامية: نشر الشائعات حرام حذرت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في دولة الإمارات على موقعها من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فيما يضر الناس مؤكدة أن مواقع التواصل الاجتماعي لها أهمية كبرى في العلاقات بين الناس، غير أنها قد تستخدم في الشر، ومن وسائل استعمالها في الشر بث الشائعات بألوانها المختلفة وبريقها الخادع ومبرراتها الملتوية المصحوبة بالكذب والخداع وبث بذور الفتنة في المجتمعات. وأضافت والإشاعة هي: الإظهار والنشر للأخبار من غير تثبت وتحرٍ للصواب. وإن الواجب على المسلم الحذر والتحري قبل إشاعة الأخبار وعدم التحدث بكل ما يسمعه؛ جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع». قال العلامة المناوي رحمه الله في فيض القدير:(أي إذا لم يتثبت؛ لأنه يسمع عادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع لا محالة يكذب والكذب الإخبار عن الشيء على غير ما هو عليه وإن لم يتعمد). وفي الإشاعة أضرار كثيرة، وقد عبر عنها القرآن بالإرجاف، قال الله تعالى:(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاّ قَلِيلاً) [الأحزاب:60]. قال العلامة ابن جزي رحمه الله في تفسيره التسهيل لعلوم التنزيل في معنى المرجفون:(قوم كانوا يشيعون أخبار السوء ويخوفون المسلمين). والسؤال هنا: كيف يتعامل المسلم مع الشائعات؟ والجواب: إن القرآن الكريم والسنة النبوية رسما لنا طريقاً واضحاً للتعامل مع الشائعة يتجلى ضمن مايلي: 1- التثبت والتبين دون قبول مضمون ما في الشائعة وعدم العمل بمقتضاها؛ قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (6) الحجرات. وقد قرأ الجمهور:(فتبينوا) من التبين، وقرأ حمزة والكسائي:(فتثبتوا) من التثبت، والمراد من التبين: التعرّف والتفحص، ومن التثبت: الأناة وعدم العجلة والتبصر في الأمر الواقع والخبر الوارد حتى يتضح ويظهر. 2- مشاورة المتخصصين والرجوع إلى المصادر الموثوقة قبل نشر الخبر؛ فمن الخطر الجسيم إعادة نشر أي خبر قبل التثبت من مصدره ومن مضمونه ومن الهدف منه وما قد يترتب عليه، ولذا فإن الله سبحانه وتعالى ذم المنافقين بإذاعة الأخبار الكاذبة؛ قال الله تعالى:(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاّ قَلِيلاً) [النساء: 83]. قال العلامة ابن كثير رحمه الله في تفسيره:”قوله:(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به): إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة”. 3- ظن الخير بالغير والتماس العذر للآخرين ما أمكن؛ قال الله تعالى: (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وقالوا هذا إفك مبين. . ) [النور:12]. وإن التماس العذر للآخرين من محاسن الأخلاق، فقد أخرج ابن عساكر بسنده إلى محمد بن سيرين : “إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد له عذراً فقل لعل له عذراً”. 4- الستر مطلوب وهو أنفع من التشهير ولو مع فرض صحة الخبر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعين أحداً عندما ينتقد سلوكاً معيناً منه؛ قال العلامة المناوي رحمه الله في كتابه التيسير بشرح الجامع الصغير:(. . . فكان يقول ما بال أقوام يفعلون كذا وهذا أبلغ وأعم نفعاً لحصول الفائدة فيه لكل سامع مع ما فيه من حسن المداراة والستر على الفاعل وتأليف القلوب). وهكذا إذاً تبينا هدي ديننا في التعامل مع الشائعات، نسأل الله تعالى أن يحفظ على بلاد المسلمين أمنها وأمانها واستقرارها وأن يحفظ بناتها وشبابها، والله تعالى أعلم. رأي القانون حذر المحامي الأستاذ حامد المنهالي من اتخاذ مواقع التواصل الاجتماعي مصادر للأخبار، مؤكداً أنه على الجميع اتخاذ الحيطة والحذر حتى لا يقعوا ضحية للجهل بالقانون، خاصة فيما يتعلق بنشر شائعات تضر بالدولة أو الأفراد أو دول ومجتمعات الدول الأخرى، أو بالمقدسات أو العقائد أو الأديان. وقال المنهالي إن الإمارات سنت قانوناً خاصاً بالجرائم الإلكترونية تحت اسم «قانون جرائم أنظمة المعلومات»، وهو القانون رقم 2 الصادر 2006 ويتألف من 29 مادة تطرقت إلى منظومة الجرائم الإلكترونية بأنواعها كافة، منها جرائم تصل إلى الحبس أو والغرامة أو الاثنين معاً، بعضها تصل غرامته إلى 150 ألف درهم. ومن هذه الجرائم الإشاعات المغرضة سواء تعلقت بالدولة أو الأفراد أو المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©