الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«يونس» أرسله الله إلى مئة ألف آمنوا جميعاً

9 أغسطس 2012
أحمد محمد (القاهرة) - بلدة “نينوى” بأرض الموصل بالعراق، كانت عاصمة للدولة الآشورية، ومن أغنى وأعظم المدن الشرقية خلال تلك الفترة وأدت سعة الرزق بها وغناها الفاحش إلى ضلالها بارتكاب الموبقات والمعاصي، انحرف أهلها عن منهج الله، وعن طريقه المستقيم، صاروا يعبدون الأصنام، ويجعلونها نداً لله وشريكاً له، وكان لهم صنم يعبدونه اسمه “عشتار”، فأراد الله أن يهديهم إلى عبادته وطريقه الحق، فأرسل إليهم نبياً كريماً هو يونس عليه السلام. ومن أسمائه ذو النون ويونان، وهو من الرسل الذين أرسلهم الله بعد سليمان وقبل عيسى، وذكره في عداد مجموعة الرسل: (وإن يونس لمن المرسلين)، وأثنى عز وجل عليه: (وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين). لم يذكر المؤرخون ليونس نسبا، وجل ما أثبتوه أنه يونس بن متى، وقالوا متى هي أمه، كما قال ابن الأثير في الكامل، ولم ينسب إلى أمه من الرسل غير يونس وعيسى، وقالوا إنه من بني إسرائيل، ويتصل نسبه ببنيامين، ويظهر أن رسالته عليه السلام كانت خلال القرن الثامن قبل الميلاد. غضب يونس راح يعظ قومه وينصحهم ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة، ويخوفهم من النار، ويحببهم إلى الجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده، وظل ينصح قومه لكنهم رفضوا الإيمان بالله، وتمسكوا بعبادة الأصنام، واستمروا على كفرهم وضلالهم، فلم يؤمن منهم أحد، بل إنهم كذَّبوه وتمردوا عليه، واستهزأوا به، وسخروا منه. شعر يونس باليأس من قومه، وامتلأ قلبه بالغضب لأنهم لا يؤمنون، ويئس من استجابتهم له، وأبوا واستكبروا، فخرج غاضباً وقرر هجرهم، تركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال، بسبب كفرهم، خرج من قريته إلى الشاطئ، ركب سفينة مشحونة، ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم. في وسط البحر هاجت الأمواج واشتدت الرياح، وارتفع الموج، مالت السفينة وكادت تغرق، وكانت محملة بالبضائع الثقيلة، فألقى الناس بعضاً منها في البحر لتخفيف الحمولة، ورغم ذلك لم تهدأ، وظلت مضطربة تتمايل بهم يميناً ويساراً فتشاوروا على تخفيف الحمولة البشرية، فاتفقوا على عمل قرعة والذي تقع عليه، يرمي نفسه في البحر. وقعت القرعة على نبي الله يونس، لكن القوم رفضوا أن يرمي نفسه في البحر، وأعيدت القرعة مرة أخرى، فوقعت عليه، فأعادوها مرة ثالثة فوقعت عليه أيضاً، فقام وألقى بنفسه في البحر، وكان في انتظاره حوت كبير أرسله الله له، فالتقمه لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها، وترك قومه مغاضبا قبل أن يأذن الله له، وأوحى إليه أن يبتلع يونس دون أن يخدش له لحما، أو يكسر له عظما، قال تعالى: (وإن يونس لمن المرسلين، إذ أبق إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المدحضين، فالتقمه الحوت وهو مليم). في بطن الحوت ظل يونس في بطن الحوت بعض الوقت، يسبح الله، ويدعوه أن ينجيه من هذا الكرب، قال تعالى: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين). ولقد خرج يونس بغير إذن، متسرعاً لفيض رغبته في أن يؤمن الناس، اندفع إلى الخروج كراهية لعدم إيمانهم، فعلمه الله أن على النبي أن يدعو لله فحسب، والله يهدي من يشاء، فهو نبي أرسله الله إليهم، يبلغ عن الله ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة. عندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في الظلمات، ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل، سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين، فسمع الله دعاءه واستجاب له، “فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون”، وأمر الله الحوت أن يقذفه على الساحل. واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت، فمنهم من قال إن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء، ومنهم من قال إنه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة. لفظه الحوت ثم أنبت الله عليه شجرة ذات أوراق عريضة تظلله وتستره وتقيه حرارة الشمس، قال تعالى: (فنبذناه بالعراء وهو سقيم، وأنبتنا عليه شجرة من يقطين)، خرج سقيماً عارياً على الشاطئ وأنبت الله عليه شجرة القرع، ورقها في غاية النعومة، كثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نيئاً ومطبوخاً، وبقشره وببذره، وفيه نفع كثير. لما استكمل عافيته، أمر الله يونس أن يذهب إلى قومه، ليخبرهم بأن الله تاب عليهم، ورضي عنهم، فآمنوا به فبارك الله لهم في أموالهم وأولادهم، قال تعالى: (وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتعناهم إلى حين)، ولما عاد وجدهم مؤمنين، فلبث فيهم يعلمهم ويهديهم ويدلهم على الله، ويرشدهم إلى الصراط المستقيم، ومتع الله أهل نينوى، آمنين مطمئنين بالحياة الطيبة والعيش الرغيد حتى حين. ولقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم: “‏لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من‏‏ يونس بن متى”، وقوله عليه الصلاة والسلام: “من قال أنا خير من ‏‏ يونس بن متى‏ ‏فقد كذب”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©