الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

جناح أوزبكستان في مهرجان الشيخ زايد.. رحلة إلى أعماق القارة الصفراء

جناح أوزبكستان في مهرجان الشيخ زايد.. رحلة إلى أعماق القارة الصفراء
31 ديسمبر 2019 00:08

أحمد السعداوي (أبوظبي)

«الإمارات ملتقى الحضارات»، شعار مهرجان الشيخ زايد في نسخته الحالية الذي تأكد عبر مشاركة عشرات الدول، في فعاليات وأنشطة المهرجان من خلال أجنحة تعرض موروثها الثقافي والحضاري، في تظاهرة حضارية على أرض الإمارات، بوصفها منارة التسامح والتواصل بين بلدان العالم، ومن بين تلك الدول سجلت أوزبكستان حضوراً لافتاً بما قدمته من زخم الفعاليات التي تنوعت بين الحرف الشعبية، العروض الفنية، ألوان المطبخ الأوزبكي، وغيرها من مفردات الثقافة والتراث في تلك الدولة القابعة في وسط آسيا.

ألوان الجمال
في الرابعة عصر كل يوم، ومع بدء توافد الجمهور على ساحات المهرجان، يبدأ أبناء أوزبكستان فعالياتهم التي تكشف للجمهور من كل الجنسيات بعضاً من موروثهم العريق والمتميز، فيتعجب المشاهد من ألوان الجمال المختلفة التي تصبغ معروضات الجناح الأوزبكستاني، بين مصنوعات السيراميك والخزف بألوانها المدهشة، والآلات الموسيقية ذات الأصوات والألحان المتأثرة بفنون آسيا الوسطى، واستعراضات الفنون الشعبية التي يقدمها أبناء وبنات أوزبكستان في تناغم حركي مبهر، ومذاقات المطبخ الأوزبكي بما يتميز به من ثراء لافت.
وينتشر الجمهور بين جلوس على الأرائك المصنوعة على الطراز الأوزبكي أو وقوفاً حتى لا يفوتهم أي مشهد من هذا العالم القادم من ربوع القارة الصفراء، وهو الاسم الذي تعرف به قارة آسيا.
نور بك، وهو شاب عشريني، يعمل مسؤولاً بجناح أوزبكستان، ويتحدث العربية، حيث درسها في جامعة طشقند، يقول إن الوفد الأوزبكي المشارك في مهرجان الشيخ زايد يتكون من 60 شخصاً يقدمون الحرف التراثية المختلفة والفنون الشعبية المعروفة عن أبناء أوزبكستان، وتم تزيين الجناح بجلسات خشبية مخصصة لراحة الجمهور، وهذه الجلسات مصنوعة يدوياً من خشب الجوز، ويتم وضع مفروشات مزخرفة من القطن على تلك الجلسات، تمنح الجمهور مزيداً من الشعور بالراحة لدى وجودهم في المهرجان الذي نعتبره حدثاً عالمياً، ونحرص على أن نشارك فيه بأبهى صورة، ولذلك جئنا إلى هنا محملين بمختلف أشكال الموروثات المحلية والفنون التي توارثناها هناك عبر قرون كثيرة.

«بيلاف»
ويذكر نور بك، أنه من الفعاليات المميزة التي قدمت للجمهور هذا العام، صنع قدر كبير من الـ «بيلاف»، وهو الطبق الشعبي الأول في أوزبكستان، وتوزيعه على زوار المهرجان، حيث سبق أن تم تسجيل الـ«بيلاف» في موسوعة جينيس للأرقام القياسية قبل عامين بعمل أكبر قدر منه شارك في صنعه خمسون طاهياً لإعداد الـ «بيلاف» كما دخل قائمة «اليونيسكو» للتراث الإنساني غير المادي قبل عدة سنوات، والبيلاف يتكون من الأرز، لحم الضأن، الجزر، الزبيب، الحمص، الزيت، قليل من البصل، وهو يشبه في طعمه ومظهره إلى حد كبير البرياني المعروف في المنطقة العربية.
وأوضح نور بك، أن هذا الطعام يقدم أيضاً بكميات كبيرة في موسم حصاد الأرز، كما يتم تناوله بعد صلاة الفجر في طقس يمسى «نهار أوش»، مبيناً أن الـ«بيلاف» معروف في أوزبكستان منذ آلاف السنين.

«الكورداك»
ومن الأطعمة الشعبية التي قدمت ضمن الجناح الأوزبكي، الكورداك وهو عبارة عن «لحم مشوي»، والسامسا وهي فطائر محشوة بأنواع متعددة من اللحم مع البصل، والشوربة التي يدخل في إعدادها قطع كبيرة من اللحم، لافتاً إلى أن الأوزبكيين يتناولون طعامهم بواسطة اليد وهم جالسون على الأرض حول مائدة صغيرة تسمى «الداستار خان»، وتقدم الحلويات والفاكهة في بداية الوجبة، ثم تتبعها الخضراوات والسلطات ليحين بعدها دور الشوربة وغيرها من الأصناف، وصولاً إلى الطبق الرئيس الذي يكون اللحم ضمن مكوناته.
الفنون الشعبية بما تتميز به من تنوع لافت أدهش جمهور مهرجان الشيخ زايد، تحدثت عنها كلميرة مرحيموف، مسؤولة فرقة الفنون الشعبية الأوزبكية، بقولها إن الفرقة تتألف من 6 فتيات و9 رجال بين عارض وموسيقي، وجميعهم يزورون الإمارات لأول مرة، ومبهورون بما وجدوه من مظاهر حفاوة وترحيب من أبناء الإمارات، وكذلك مشاهد النهضة والعمران في أرجاء أبوظبي التي تضاهي أرقى المدن العالمية إنْ لم تتفوق عليها أحياناً.

طقوس تقليدية
وأوضحت مرحيموف، أنه بدأت ظهور تقاليد فن الرقص الأوزبكي في العصور القديمة كجزء من الأنشطة الاحتفالية والطقوس التي تمارس في أوقات العطلات والحصار والمناسبات الدينية، وكان ولا يزال هذه الرقصات جزء رئيس من ثقافة هذه المنطقة، حيث تتميز هذه الرقصات بالتوافق بين حركات الأيدي وتعبيرات الوجه، حيث تستخدم هذه الاستعراضات في التعبير عن مشاعر الفرح والحب والحزن، ومن عادات هذه العروض أن يبدأ الراقصون قبل بداية العرض أن يضعون أيديهم على قلبهم ثم يمدونها نحو السماء وهذا يعني أن كل المشاعر والأحاسيس تنبع من القلب. ولفتت إلى أن هناك 3 مدارس للرقص الأوزبكي، وهي خوارزمي، فرغانة، بخارى. الخوارزمي، تتميز بأصالة حركاتها وتشبه في كثير منها حركات الحيوانات والطيور مثل رقص الحمام، السنجاب، الماعز، القطط، الديك البري، ويتمزج بهذا اللون من الفنون عروض تشبه السيرك، حيث تتم الاستعانة باللاعبين بالنار أو السكاكين، لإضفاء مزيد من الحماسة على تلك العروض.

أداءات فنية
وأوضحت أن مدرسة بخارى، فتجمع بين تقاليد رقص بخارة وسمرقند، وتشبه في أغلبها حركات الجمباز. ويرافق هذه الرقصات أغانٍ قديمة وتمثيل مسرحي ومجموعة من الأداءات الفنية التي تعكس حالات العاطفة والغزل، كما تستخدم في هذه الرقصات بعض الأدوات المنزلية القديمة مثل الملاعق الخشبية والأطباق والأباريق، وتتميز ملابس العارضين بأنها مزركشة لتزيد من الإبهار لدى المشاهدين وحضور تلك الاحتفالات، في حين السمة الغالب لمدرسة فرغانة، هو النعومة والتعبير بحركات سهلة وأيادٍ مرفوعة نحو السماء. وكان يتم استخدام هذه الرقصات في التعبير عن مواقف مختلفة في الحياة الاجتماعية داخل المجتمع الأوزبكي القديم.

صناعة السيراميك
على شير نرجوايف، المتخصص في صناعة السيراميك والخزف، أشار إلى أن صناعة السيراميك لها أهميتها لدى الشعب الأوزبكي، حيث نجد في كل مدينة أسلوبها الذي يميزها في منتجات السيراميك من حيث الألوان والتصاميم والأشكال والتقنيات المستخدمة في الصناعة، مثلاً في وادي فرغانا يستخدم الحرفيون طبقة زرقاء تسمى «إشكور»، فيغلب اللون الأزرق على منتجات هذه المنطقة، أما في بخارى، فيتميز السيراميك هناك بقاعدته مع زخارف خضراء وزرقاء. أما الفخار الخالص فتشتهر به منطقة جيجدوان، اعتماداً على منتجات تقليدية مستخرجة من البيئة المحيطة، حيث تتم زخرفة هذه الأواني الفخارية برسومات يدوية يقبل عليها الجمهور باستمرار باعتبارها ترمز للموروثات الحرفية العريقة لدى شعب أوزبكستان.

السجاد.. جودة وعراقة
يعتبر السجاد الأوزبكي من المنتجات المعروفة بجودتها وعراقتها، حيث يتم إنجازه في عدة مدن منها خيفة وبخارى وسمرقند، والحرفيون هناك يصنعون السجاد باستخدام تقنيات وتصاميم مختلفة يعود بعضها إلى مئات السنين حتى تمنح تلك المنتجات عراقة وتميز، وذلك باستعمال الأصباغ الطبيعية والأشكال المأخوذة من اللوحات القديمة، وإلى جانب السجاد يحتل الحرير أهمية كبيرة في الموروث المحلي بأوزبكستان، وتتم مفارش حريرية للتعليق على الجدران أو وضعها على الأرض، حيث يشتهر سجاد سمرقند الحريري بشكل خاص بالألوان الطبيعية الفاخرة.

منحوتات خشبية
المنتجات الخشبية المنحوتة من العلامات البارزة ودليل المهارة لدى شعب أوزبكستان، حيث جرت العادة منذ قرون على تزيين المباني بأعمدة وأبواب خشبية منحوتة بنقوش زهرية معقدة، كما تتم صناعة غرف الجلوس بالشكل نفسه عن طرق عمل أرائك تسع لعدد كبير من الأشخاص مثل تلك الموجودة في جناح أوزبكستان في المهرجان، كما تستخدم تلك المنحوتات الخشبية في صناعة منتجات صغيرة تضع فيها المرأة حليها أو العديد من الأغراض الأخرى مثل حوامل القرآن الكريم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©