الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سؤال يحضر كثيراً

26 فبراير 2016 22:21
أسئلة تحضر كثيراً من صميم ما نمارسه من فعل كالقراءة منها سؤال: هل اختلطت الكتابة ببعضها إلى حد لا يدع مجالاً للتفريق بينها، وما هي مشروعية هذا الاختلاط؟ بالفعل تمازجت الأنواع الكتابية، فأنت اليوم لا يمكنك أن تقرأ كتاباً في أي مجال إبداعي، أو غير إبداعي دون أن تلحظ توغله وامتزاجه في غيره. تحول سريع ولافت في عالم الكتابة، ربما يكون قد بدأ منذ عقود بعيدة، مذ تساءل القراء والنقاد في ذلك الحين حول أحقية أن تسمى رائعة تولستوي «الحرب والسلم» 1865 رواية تاريخية لاختراقها حاجز قواعد اللعبة، ثم صارت الإشكالية وما تزال حول الرواية هي الأكثر وضوحاً! فما الذي يفرق بين الرواية التاريخية والكتابة التاريخية، ومثلها الرواية، والسيرة الذاتية، وكذلك الرواية العلمية، والكتابة العلمية في الكيمياء والفيزياء، والرواية البوليسية عن التقارير والوثائق البوليسية، والرواية السياسية عن الوثيقة السياسية وهلم جرا، نظل نهز رؤوسنا ونتساءل، وعلى الرغم من أننا قد نصل إلى مشارف معرفة الإجابة، إلا أنه يحلو لنا أن نعود إلى المربع الأول نفسه، والسؤال نفسه حول الفرق بين الكتابة الإبداعية وغير الإبداعية، كلما صادفتنا هذه السالفة - لا قطعها الله- في جلسة مع الأصدقاء، في ندوة أو محاضرة في صحيفة يومية أو مجلة، أو حتى على الهاتف. في أيامنا هذه نبدو كما لو أننا نشتغل على ما يشبه النزعة التجريبية في كل شيء، وعلى رأسها الكتابة الأدبية، وبخاصة الروائية ذات الخاصية التراكمية من حيث الكم، فنفهم أننا نقرأ عملاً روائياً كما نتصور بينما نجد فيما نقرأه أننا نمسك، أو نشاهد باقة ورد فيها من كل بستان زهرة وبألوان وأشكال وروائح مختلفة، أما ما يرضينا أو لا يرضينا فيها، فهو شيء آخر وعادي. لكن الرواية لم تعد مع هذا النزوع إلى تعدد ورودها متأثرة فقط بهذا الجانب الذي يلاحظه القارئ في حبكتها، وفي شاعريتها، وفي تجريبها اللغوي وكل فنياتها وجمالياتها، بل حتى في إعطائك في بعض الأحيان فرصة للتفريق بينها وبين ما يقنعك بأنها ليست عملاً توثيقياً لشدة تغولها ونزوعها نحو شيء كالبحث الجامد الذي لا تنقصه سوى الفرضية التي بني عليها، ويريد إثباتها بالحقائق. بين هذا وذاك والسقوط في فخ الكتابة العلمية والتاريخية وسواها نتساءل: هل تمر الرواية بأشكالها بمرحلة تجريبية - لو أردنا أن نظلم هذه النزعة - أم أنها تعيش في مرحلة تجاوز للوعي بها؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©