الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأسر تعيد برمجة حياتها بعد الشهر الكريم وإجازة العيد

الأسر تعيد برمجة حياتها بعد الشهر الكريم وإجازة العيد
20 أغسطس 2012
(أبوظبي) - مع انقضاء شهر رمضان الذي يحوط بسكينته أوقات أفراد الأسرة، تعم حال فوضى المواعيد في البيوت، وتختفي تلك الأجواء العائلية التي ما تجتمع على أمر كما تجتمع على موائده وجلساته المسائية، وبدلا من ذلك الصخب المحبب ما بين الآباء والأبناء حتى الأقارب والأصدقاء، تفرغ الأماكن من أصحابها. ويتبعثر الأفراد كل بحسب مواعيده وانشغالاته، فكيف يرجع الناس إلى حياتهم اليومية بعد شهر الصيام؟ وإلى أي مدى يشتاقون إلى أيام الشهر ولياليه؟ وما هي الأمور التي يحنون إليها خلال رمضان ويتمنون لو أنها تدوم. حنين إلى رمضان تتجه الكثير من الأسر بعد شهر رمضان، الذي حمل لهم رسالة خصبة تضم في طياتها معاني التواصل الأسري من جهة والاجتماعي من جهة أخرى، إلى إعادة برمجة حساباتها، فيما يخص أوقات ومواعيد حياتهم الخاصة والعامة. ويتحدث عمر عبدالرحمن الذي يعمل في إحدى شركات البريد السريع عن حنينه إلى شهر رمضان بالإشارة إلى أنه شهر العائلة، ويذكر وهو أب لـ 3 أبناء أنه لا يقدر على الجلوس مع أسرته على مائدة واحدة إلا في رمضان. والسبب أنه يعمل بدوامين ولا تسمح له ظروفه من العودة إلى البيت إلا في وقت متأخر، أي أنه خلال الأيام العادية بالكاد يرى أبناءه قبل موعد النوم، ويتمنى عمر لو أن حال الالتزام بالعمل وعدم هدر الوقت تنطبق على باقي الأيام كما هو الحال في شهر الصيام، وهذا بنظره من شأنه أن ينظم حياة الأسر ويجعلها أكثر سهولة واستقرارا. ويقول إنه في رمضان أكثر إنتاجا من أي وقت آخر لأنه يضع في باله هدفا يرجعه إلى البيت في وقت محدد. وهذا يجعله سعيدا بما ينتظره من مشهد استقبال أبنائه له عند باب البيت قبيل موعد الإفطار. وهذا كله يجعل عمر يشتاق إلى شهر رمضان الذي يعيد ترتيب حياته على الوجه الذي يرضى عنه. وتوافقه الرأي علياء القاضي وهي أم لولد وبنت وموظفة في القطاع الحكومي، تقول إنها في رمضان تجتهد في عملها واضعة في اعتبارها أن أجندة التزاماتها الأسرية والمنزلية ملأى بالأمور التي تنتظرها. وهي ما أن تعود إلى البيت خلال شهر الصيام حتى تخلد قليلا إلى النوم، وهذا ما لا يحدث معها في الأيام العادية، وهي تلجأ إلى الاسترخاء بقصد النهوض بعد ذلك والدخول إلى المطبخ لتجهيز مائدة الإفطار. وتذكر علياء أن هذا الأمر يشعرها بالسعادة المطلقة لأن ابنتها التي تصوم للسنة الثانية على التوالي، تختار أن تشاركها في إعداد الطعام. وذلك من أجل أن تمرر بعضا من الوقت في أداء ما يشغلها عن الجوع، وهذا بحسب علياء ما لا يحدث خارج إطار شهر الصيام حيث إن الخادمة هي من يقوم بمهام الطهي للأسرة. وتشير إلى أنها بمجرد انقضاء الشهر حتى تعود إلى حال التخاذل مع أن وقتها يكون أوسع وفيه حرية أكبر للتحرك، والسبب برأيها يعود إلى أهمية وضع سقف لأي أمر نقوم به. تماما كما أن شهر رمضان يحدد لنا تحركاتنا ويضعنا ضمن إطار معين ينظم مواعيدنا ويحثنا على التركيز في العمل. تعاون بلا ملل ويذكر عصام عبد ربه الذي يعمل في مكتب للاستشارات الهندسية أن أكثر ما يشتاق إليه بعد رمضان هو اللمة التي تجمعه بإخوانه وأمه وأبيه على مائدة الإفطار والسحور، ويقول إنه مع اختلاف دوامات العمل غير أنهم جميعا يلتقون بلهفة وكأن عرسا ما ينتظرهم وبشكل يومي، وهذا برأيه إن دل على شيء فهو يدل على حاجة أفراد الأسرة إلى مثل هذه المناسبات التي تبعدهم عن أمور الدنيا التي يمكن تأجيلها، وتفضيل التواصل الأسري على سواه. ويشير عصام إلى أن شوقه إلى شهر الصيام يوازي فرحته بعيد الفطر كما أنه يشعره بأهمية التعاون فيما بين أفراد الأسرة الواحدة، ويقول إنه وإخوانه يتقاسمون في شهر رمضان مسؤوليات كثيرة، بينها الذهاب إلى السوق والقيام بتبضع المواد الغذائية، وكذلك التفكير بالأصناف التي يريدون أن تحضرها لهم الوالدة على مائدة الإفطار، وأحيانا يتشاركون في إعدادها جميعا داخل المطبخ، كما أن عصام يفتقد ما بعد شهر رمضان إلى الدعوات التي يلبيها مع أسرته إلى بيوت أحد الأقارب، وكذلك الاستقبالات التي بدورهم يدعون إليها معارفهم. أما منى الصمدي وهي طالبة في الثانوية العامة فتنتقد حال الملل الذي يسيطر عليها بمجرد انقضاء شهر رمضان. وتقول إنه بعكس النظرية السائدة فإن شهر الصيام يحث المسلمين على الاستفادة من وقتهم على أقصى حد. وهذا ما لا يتوفر دائما في الأيام العادية. وتذكر منى أنها خلال شهر رمضان تؤنس ساعاتها بقراءة القرآن والسيرة النبوية، وكذلك بالاطلاع على قصص الصحابة وميزات العشرة المبشرين بالجنة. وهي تتساءل عن سبب كل هذا التكاسل الذي يصيبها ويصيب غالبية الناس ما بعد رمضان، مما يدفعها حقا إلى الشعور بالملل وحاجتها إلى أمر ما يشغلها. لكن بحسب قولها فهي لا تجد ما يفرح قلبها كما هو الأمر بالنسبة لشهر رمضان الذي تفرض أجواؤه الروحانية حالا من الهدوء النفسي يسيطر على الجميع. وتروي منى استنتاجها، والذي يتلخص بأهمية إيجاد سقف يحدد المواعيد والالتزامات التي يتحرك فيها كل شخص، وهذا برأيها من شأنه أن يجعل الأشخاص دائما يسعون إلى إنجاز أمر ما بانتظار الآخر، وألا يتركوا أنفسهم في مواجهة المجهول والحرية المطلقة، وهذا برأيها يجعل الشخص أثيرا للروتين والفراغ ولاسيما بعدما ما كان يشعر بحلاوة التجديد يوما بيوم خلال شهر رمضان الذي يضج بالصخب العائلي المحبب. تواصل روحي من جهته، يتحدث الاستشاري الأسري الدكتور سمير غويبة عن سبب الفوضى التي يشعر بها الناس مع انقضاء أيام رمضان ولياليه، ويذكر أنه لا بد بعد شهر الصيام من أن تتخذ الأسرة العبرة من أجوائه وتحاول أن تعمم طقوسه على باقي أيام السنة بحسب المستطاع. ويشرح الدكتور غويبة أهمية التواصل الروحي الذي يفرضه شهر رمضان على الجميع، مما يعين الآباء والأبناء على الشعور بالاستقرار والسكينة، مشيراً إلى أن الحنين إلى الشهر الفضيل نابع من تذوق حلاوة هذه الألفة المفقودة على مر الأيام. هذا عدا طبعا عن خصوصية العبادات التي تترك في المسلمين إلحاحا لممارسة المزيد منها وتلمس معانيها. ويوضح الاستشاري الأسري أنه لابد للجميع من القيام بمجهود ما من أجل الإبقاء على أجواء رمضان طوال أيام السنة. وذلك عبر التقاء الأسرة أكثر من مرة في اليوم، سواء في الصباح الباكر قبل انطلاق الكبار إلى أشغالهم والصغار إلى المدرسة، وكذلك الأمر إما على وجبة الغداء أو العشاء، وذلك بحسب المستطاع. ويؤكد الدكتور سمير غويبة أن هذا النوع من التواصل الأسري من شأنه أن يريح الأفراد ويقلل من حال الوحدة الذي تنعكس على شخصياتهم، ويقول إن الفوضى التي تعم في البيوت لجهة انفراد كل شخص بجلساته ومواعيد نومه واستيقاظه وطعامه، تؤدي مع الوقت إلى الفراغ العاطفي. وهنا لا بد من التدخل السريع لإيجاد حل يتوافق مع الجميع ويعينهم على الجلوس معا بين وقت وآخر بهدف التشاور والتسامر وتحسس المودة، ويعتبر الدكتور غويبة أنه من غير المقبول الاستسلام إلى ظروف الحياة والنمط السريع المفروض علينا. ويرى أنه مع وجود الإرادة، فإنه من الممكن إيجاد الحلول الملائمة التي تعيد الأجواء اللطيفة إلى البيوت، والتي لا تحلو إلا بمظاهر اللمة والتكاتف على أمر ما وفي وقت محدد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©