الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شهدة الإبري.. عالمة مسندة ومحدثة وخطاطة

26 سبتمبر 2013 20:45
أحمد مراد (القاهرة) - شهدة الإِبَرِي الدينوري، المحدِّثة المسندة العالمة، والكاتبة والخطّاطة، امرأة جليلة كانت ذات دين وعبادة وصلاح وبر وإحسان، وواحدة من أبرز فقيهات النساء على مدار التاريخ الإسلامي الممتد لأكثر من 1400 عام. هي شُهْدة بِنْت أحمد بْن الفرج بْن عُمَر الإبري فخر النساء بِنْت أَبِي نصر الدينوري الأصل البغدادي، ولدت بعد الثمانين وأربعمائة للهجرة، وكان أبوها من مشاهير بغداد ومحدثيها- توفي عام 506 هـ- وقد اهتم بإحضارها مجالس العلماء منذ صغرها، فأحضرها في الثامنة من عمرها مجلساً له، وعمرت وصارت أسند أهل زمانها، وقد درست علوم الحديث على أيدي أكابر علماء عصرها أمثال أبي الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله ابن البطر القارئ المحدث المتوفى سنة 494 هـ، وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي، وطراد بن محمد الزينبي أبي الفوارس، وثابت بن بندار، وأبي الحسن بن أيوب، وعبد الواحد بن علوان، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، ومنصور بن حيد، وجعفر السراج، وفخر الإسلام أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي، وغيرهم. شهدة الكاتبة وكانت شهدة الإبري من أبرز علماء الحديث في عصرها، وانتهى إليها إسناد بغداد، وعمرت حتى ألحقت الصغار بالكبار، وكانت تكتب خطاً جيداً لذلك سميت بشهدة الكاتبة، وهي ممن أخذ الخط عن ابن البواب، وتتملذ عليها ياقوت بن عبد الله الموصلي. وتلقى علوم الحديث على يدي شهدة الإبري عدد كبير من المحدثين والعلماء والفقهاء منهم ابن عساكر، وابن الجوزي، وعبد القادر الرهاوي، والشيخ الموفق، كما حدّث عنها السمعاني، وابن الأخضر، والشيخ العماد، والشهاب بن راجح، والبهاء عبد الرحمن، والناصح، والفخر الإربلي، وتاج الدين عبد الله بن حمويه، وأعز بن العليق، وإبراهيم بن الخير، وبهاء الدين بن الجميزي، ومحمد بن المني، وخلق كثير، وآخر من روى عَنْهَا أَبُو القاسم بْن القميرة، توفي سنة خمسين وستمائة هجرية. ورد في كتاب «وفيات الأعيان» لابن خلكان: شهدة بنت الإبري فخر النساء شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الإبري الكاتبة الدينورية الأصل البغدادية المولد والوفاة؛ كانت من العلماء، وكتبت الخط الجيد وسمع عليها خلق كثير، وكان لها المساع العالي ألحقت فيه الأصاغر بالأكابر، واشتهر ذكرها وبعد صيتها. وكانت وفاتها يوم الأحد بعد العصر ثالث عشر من المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وعندما توفيت صلي عليها بجامع القصر وأزيل شباك المقصورة لأجلها، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء، ودفنت بباب أبرز وقد نيفت على تسعين سنة من عمرها، رحمها الله تعالى. أعلام النساء قال ابن الجوزي عن شهدة الإبري: قرأت عليها، وكان لها خط حسن، وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وخالطت الدور والعلماء، ولها بر وخير، وعمرت حتى قاربت المائة. وقال الشيخ الموفق: انتهى إليها إسناد بغداد، وعمرت حتى ألحقت الصغار بالكبار، وكانت تكتب خطاً جيداً، لكنه تغير لكبرها. ومن ثناء العلماء عليها يقول الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء» عن شهدة: الجهة، المعمرة، الكاتبة، مسندة العراق فخر النساء. ويقول عنها عمر رضا كحالة في كتابه «أعلام النساء في عالمي الغرب والإسلام»: عالمة فاضلة وكاتبة مجيدة ذات دين وصلاح وبر وإحسان. كما يقول عنها السيوطي: كانت ذات دين وورع وعبادة، سمعت الكثير، وعمرت، وكتبت الخط المنسوب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع، وما كان من زمانها من يكتب مثلها، وكان لها الإسناد العالي، ألحقت الأصاغر بالأكابر. الأسانيد العالية ومن مروياتها: كتاب العلم ليوسف بن يعقوب القاضي، وكتاب الأموال لأبي عبيد، وكتاب قرى الضيف لابن أبي الدنيا، وكتاب ذم المسكر لابن أبي الدنيا، وكتاب أخلاق النبي لإسماعيل القاضي، وكتاب ذم الغيبة لأبي الحسين بن فارس. وقد حقق لمشيخة شهدة الإبري الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب في كتاب بعنوان «العمدة من الفوائد والآثار الصحاح والغرائب في مشيخة شهدة»، وعن أهمية هذه المشيخة يقول المحقق: إن فيها بياناً لما روته هذه المحدثة الفضلى عن بعض شيوخها، وهذا ما يسمى بالمشيخة، وإذا كانت هذه المشيخات كثيرة للرجال فمشيخات النساء المحدثات قليلة بل نادرة وهذه المشيخة منها، كما أن هذه المشيخة تقدم الأسانيد العالية، فشهدة قد عمرت حتى ألحقت الصغار بالكبار، أي تساوي الصغار مع الكبار في أخذ الأحاديث عن الشيوخ نتيجة لعلو إسنادها، وما من شيخ من الشيوخ الذين أخذت عنهم إلا وعمّر في الغالب الأعم، ومن أمثلة علو الإسناد في هذه المشيخة أن إسناد شهدة علا حتى تساوى بالإمام مسلم رحمة الله عليه، وهو في القرن الثالث، وهي في القرن السادس، كما أن من أهداف هذه المشيخة تقديم طائفة من العلم النبوي الشريف من حديث رسول الله «صلى الله عليه وسلم» الصحيح، فغالب أحاديث هذه المشيخة صحيحة، وهي إما متفق عليها، أخرجها الشيخان أو أخرجها أحدهما، أو هي على شرط أحدهما، ومن آثارها وإسهاماتها المجتمعية أنها أنشأت رباطاً في بغداد في رحبة جامع القصر سكن فيه بعض العلماء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©