الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لغتنا الأم تفتقد اهتمام أبنائها وثقافة الغرب تهدد هويتنا العربية

لغتنا الأم تفتقد اهتمام أبنائها وثقافة الغرب تهدد هويتنا العربية
12 أكتوبر 2012
اللغة العربية، كانت تميز أروقة البلدان العربية، وكان لها حضور جميل في مجالس الأدب وقصائد الشعر، وصولاً إلى أحاديث الناس في الحياة العامة، عندما كانوا يتكلمون بفصاحة أمام الأقوام الآخرين مفتخرين بلغتهم. وبين الماضي والحاضر، شتان في الفارق، حيث أصبحت لغتنا العربية لا تحظى باهتمامنا ورعايتنا مثل اعتناء بقية الأمم بلغاتها، كما أن لغة الغرب المغلفة بثقافته، تغزو البلاد العربية، وتنخر في ثقافتنا ولغتنا، حيث تناولت حملة «الاتحاد» على مدار خمس حلقات أسباب معاناة لغة الضاد، وتركز في حلقتها الأخيرة اليوم، على تأثر الهوية العربية نتيجة لكثرة الاعتماد على استخدام المصطلحات الأجنبية، باعتبارها عنواناً للتطور ومجاراة الواقع الذي نعيشه، خاصة في مجال الإعلام، وعدم اتقان بعض مقدمي البرامج للغة العربية ومغالاتهم في استخدام المفردات الأجنبية، دون دراية منهم أن ذلك يؤثر في هويتهم العربية. (أبوظبي) - تزخر كتب التاريخ بصفحات ساطعة بما تحويه عن العلماء العرب، الذين نقل عنهم الغرب في مختلف العلوم، وكانوا يصرون على التعامل بلغتهم العربية، وأجبروا العالم على ترجمة علومهم، حيث قال جمال عبدالله المطروشي، معلم لغة عربية، إن الدراسات المتخصصة، كالطب والعلوم والهندسة‏، فهي تدرس في بلادنا باللغة الإنجليزية‏، بينما تدرس في كل بلاد العالم الأخرى بلغة البلد‏، وقد نتعلل بضعف الإنتاج العربي في هذه العلوم، ومحاولة مواكبة الحديث فيها، لكن ننسى دائماً التاريخ الذي يروي لنا أن العرب هم أول من أبدع في هذه العلوم، وألفوا فيها الكثير من الكتب‏، فقام الغرب بترجمة كتبهم إلى لغاته المختلفة للاستفادة منها، ثم أضاف عليها، ولم يقم بتعريب الدراسة في جامعاته ومعاهده‏. الهوية وأضاف، لا بد أن يعي الجميع أن اللغة تعني الهوية، وتعني الانتماء للوطن وللدين ولكل المقدسات، وتعني ثقافة شعب وفكر أمة‏، وأرى أن الدفة الأساسية في يد وزارة التربية والتعليم والإعلام‏، من خلال خلق جيل قويم بدلاً من هؤلاء الطلاب الذين يأتون إلينا في كليات الطب، ولا يعرف الكثير منهم كتابة سطر واحد باللغة العربية من دون أخطاء‏، فيجب أن يعود الاهتمام باللغة في كل شيء حتى في مدارس اللغات‏، فلا أرى فائدة من تدريس الرياضيات والعلوم باللغة الأجنبية، ما دام يدرس الطالب هذه اللغة كمادة مستقلة ويتقنها، لأن في إتقانها أيضا فائدة كبيرة في الاطلاع على الحديث، وفي المنافسة في سوق العمل، فهذا أمر مطلوب أيضاً‏، ولكن يجب ألا يطغى على لغتنا وثقافتنا‏.‏ وأشار إلى أن أكثر الإعلاميين الجدد لا يستطيعون أن يتحدثوا لغة عربية سليمة، بل إن كثيراً من الإعلاميين والمذيعين يلجأون دائماً إلى التكلف في استخدام مفردات وألفاظ غربية وأجنبية في أحاديثهم ولقاءاتهم‏، ومن يتابع تلك البرامج سيلاحظ كثيراً أنهم يحاولون أن يثبتوا رقيهم وتمدنهم بالمبالغة في استخدام تلك الألفاظ‏، دون دراية منهم أنهم بذلك يتخلون عن هويتهم العربية، التي يجب أن يعتزوا بها. دمج العبارات وبسؤال جمعة النقبي، موظف، عن رأيه في تأثر اللغة العربية بالبرامج الإعلامية، قال، من منا لا يشاهد البرامج التلفزيونية، التي تبث في المحطات العربية ثقافية كانت أو ترفيهية، فقد يجد المضيفين أو مقدمي البرامج، وكذلك الضيوف يتباهون بدمج العبارات والتعابير من شتى اللغات، منها الفرنسية والإنجليزية، فلا تمر جملة خلال النقاش إلا ويسارعون بتزيينها بتعبير أجنبي، ظناً منهم أن في ذلك أمارة على مستواهم العلمي والثقافي العالي، في حين أن هنالك بديلاً وبكل جدارة في اللغة العربية له معنى أكثر دلالة وتعبيراً، ويترك وقعاً أكبر في نفوس المشاهدين. ونوه بوجود شريحة من المشاهدين ليسوا ملمين باللغات الأخرى والتعابير الغريبة هذه، والسخرية في ذلك المشهد عندما يقوم أحد المشاركين في البرنامج بالسؤال عن معنى كلمة معينة باستهزاء «شو بقولولها بالعربي»، موضحاً أنه ليس ضد اللغات الأخرى وتعلمها والإلمام بالعبارات المتداولة عالمياً، لكن لا غنى عن اللغة الأم، فتكلم اللغة العربية والتعبير عن المواقف بمفرداتها الغنية، فلغتنا من أجمل لغات العالم، فيها مخزون وافر من المعاني والمفردات عجزت لغات الأرض كلها عن أن تضاهيها. وسائل الإعلام ويرى علي البلوشي طالب بجامعة الإمارات،أن الشباب في هذه الأيام يتكلمون اللغة الإنجليزية أكثر من لغتهم العربية ويتداولونها بينهم، غير مهتمين بلغتهم الأم التي هي ثقافتهم ورقيهم الحقيقي، فأصبحت لغتنا ضائعة لا يحافظ عليها سوى قلة من القراء والمهتمين، لافتاً إلى أن لوسائل الإعلام دوراً مهماً في نشر الوعي وتربية أطفالنا على لغة عربية سليمة، فحينما نتكلم عن وسائل الإعلام منها “مسموعة ومقروءة ومرئية”، فالصحافة أيضاً لها دور كبير، فهناك أعداد كبيرة ممن يقرؤون الصحف اليومية ويتابعونها، لذلك على الصحافة أن تنشر ما يجذب القارئ للصحف بكتابة مقالة باللغة العربية، أو نشر قصيدة شعر، أو إرفاق قصة قصيرة في الصحف، ولوسائل الإعلام الأخرى دور أيضاً كالإذاعة، فهي قد تكون أكثر أهمية من الصحف لأنها مسموعة والآذان تلتقط ما تسمع، عندما تبث الإذاعة في برنامج أو فقرة تتحدث عن اللغة العربية يستمع لها الناس في البيت، وفي السيارة، وفي العمل، لتتعلم آذانهم سماع لغة عربية فصيحة، تحببهم فيها وتصبح جزءاً من اهتماماتهم اليومية، بعيداً عن تعقيدها. ويتابع البلوشي: كذلك للتلفاز دور في نشر الوعي اللغوي، ونهوض اللغة العربية، فالكثير من قنواتنا تبث لنا مسلسلات وأغاني وأفلاماً عربية وأجنبية بشكل كبير، من دون النظر إلى أهمية تعزيز ثقافتنا العربية ودورها في نهوض الأمة، فعندما يبث التلفاز برنامجاً للأطفال باللغة العربية يعلمهم لغتهم ويفيدهم أكثر من مشاهدة أفلام الكرتون المتنوعة، من دون التركيز على ما ينمي قدرات أبنائنا، كذلك لنهوض اللغة العربية يجب تخصيص برامج تثقيفية تجمع الأسرة للمشاهدة والتعلم، وضرورة ابتعادنا عما يصدره الغرب لنا عبر قنواتنا. تعزيز اللغة من أجل تعزيز اللغة العربية، تطالب شمسة الظاهري، مُعلمة، بتنقية الفكر من خلال زيادة الإقبال على القراءة، موضحة أن دور وسائل الإعلام كبير في توعية الناس بأهمية القراءة، وضرورة تذوق لغتنا في المكتبات وتربية الأطفال على القراءة، وزرع حب القراءة واللغة العربية في نفوسهم وعقولهم، فعندما نعزز حب القراءة لدى الناس بوساطة وسائل الإعلام كافة ونعطيها الاهتمام الأكبر، وعندها نستطيع أن نقول إننا على طريق التقدم والنهوض بحضارتنا لأن لغتنا هي هويتنا ومن دونها تضيع الهوية، لنحميها من أي تشويه يدخل عليها، فلتكن نقية بهممنا ولتعلُ بعلمنا ووسائل إعلامنا المختلفة. تطورات العصر وتتألم نورة أحمد المشغوني، معلمة، من ابتعاد الناس عن التحدث باللغة العربية، حيث أصبح الغالبية ينظرون إليها على أنها لغة القدامى باعتبارها لا تتماشى مع تطورات العصر، فصارت اللغة العربية مهمشة حتى في مناهجنا التعليمية، وأصبح الجيل الجديد لا يستطيع حتى فهم الآيات القرآنية، حتى الآباء في تربيتهم لأبنائهم أصبحوا يعلمونهم منذ الصغر الكلمات الأجنبية، ويشعر الأب بالفخر الشديد إذا رأى ابنه يتحدث باللغة الإنجليزية. وتضيف، افتقد المجتمع إلى أبسط معاني الاعتزاز بالهوية العربية حتى بات الكثير لا يستطيع حتى تكوين جملة عربية مفيدة، متسائلة لماذا كل هذا التأثر بالغرب؟ هل هناك أعظم من الاعتزاز باللغة التي شرفنا الله بها وجعلها لغة لكتابه العزيز؟ وترى أن الابتعاد عن معرفة اللغة العربية ومعانيها الجميلة، يجعلنا حتى لا نفهم ما نقرأه من آيات القرآن الكريم، وبتنا نقرأ القرآن من دون استيعاب لمعاني ألفاظه ولا حتى نستمتع بالإعجاز العظيم في كلماته وأسلوبه، فهو يجمع بين هشاشة اللفظ وعذوبة المعنى وجزالته والدقة العالية في نظمه، لكن حتى نكون أكثر تميزاً عن غيرنا في لغتنا لا بد أن نعتز بهذه اللغة، أو بالأحرى بهذه الهوية ونعزز في نفوس أبنائنا التعظيم والفخر بأننا من أصحاب هذه اللغة، وننمي بداخلهم الحب لها ونعلمهم معنى الانتماء للعربية الفصحى حتى لا نفقد نحن ولا الأجيال القادمة هذه الهوية التي أنعم الله بها علينا. وتساءلت، ألا يحق لنا الفخر بأن اللغة العربية هي لغة الدين التي يتعلمها الغرب ليفهموا بها قواعد الإسلام وأركانه؟، فلتكن لدينا بعض الغيرة على هذه اللغة وإلا سنعيش بلا هوية، لافتة إلى أنه لتعزيز اللغة العربية لا بد أن تبنى الطرق والاستراتيجيات الحديثة في تدريس اللغة العربية، والإكثار من المناشط اللغوية الحيوية، واستخدام التقنية الحديثة في تطـوير تعليم اللغة وتعلمها والأهم تعزيز أهمية العربية كرمز ومرتكز مهم في الهوية الوطنية والحفاظ عليها، لأن رفعة الأمم من رفعة لغتها، وقوتها من قوة لغتها. تعاملات يومية ويستغرب ظاعن عبد الرحيم، موظف، من تهميش اللغة العربية في تعاملاتنا اليومية ذاكراً تجاربه التي مر بها في كل من المستشفيات والبنوك، ويقول: “كل شخص يدخل البنك كثيراً ما تصادفه عروض الإعلان باللغة الأجنبية، وحين تترجم تلك النصوص، فإنها تكون بلغة عربية سيئة جداً، وذلك يعود إلى عدم الاهتمام الكافي من قبل قطاع المصارف باللغة العربية، أما التعاملات المصرفية فتتم حصراً باللغة الأجنبية، ولا توجد ورقة أو دفتر أو إشعار تسلم باللغة العربية، ألا يتطلب هذا منا رسم علامة استفهام كبيرة؟ ويواصل ظاعن حديثه عن تجربة مماثلة في مستشفى، بالطبع بعد الفحص والكشف على المريض يصدر الدكتور تقريراً عن حالة المريض وغالباً ما تكون تلك التقارير، كما يعرف الجميع باللغة الإنجليزية، هذا ناهيك عن وصفة الدواء وتوقيع المسؤول، وحتى لافتات التعريف داخل المراكز الصحية والطبية معظمها مكتوب باللغة الأجنبية، موضحاً أنه ربما يقول البعض إن معظم الأطباء لا يتقنون اللغة العربية في الكتابة الطبية، نظراً لدراستهم الطب في البلاد الأجنبية، حتى في بلادنا ندرس الطب باللغات الأجنبية، وهذا يدفعنا أيضاً لتوجيه صرخة تقول: لماذا لم نصل بعد إلى أن ندرس علومنا بلغتنا، مطالباً في الوقت ذاته بتحويل الكتابة باللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، لتخرج تقاريرهم على مستوى آمال الأمة ولغتها. تقليد أما وداد الصايغ 33 عاماً، فتتمنى أن نعتز بلغة القرآن، نتعلمها، نُعلمها، نتداولها، في تعاملاتنا وأحاديثنا نحرص على لغة عربية صحيحة وإن كانت غير فصيحة، فلا حاجة لــ «بليز، سي يو، تيك كير، يونو، يس، شوبنج» في المنتديات والجامعات، بالإضافة إلى حماية تلك اللغة واستخداماتها، سواء في مواقع العمل المختلفة، أو عبر استخدامها التجاري، مضيفة، يجب ألا ننسى دورنا في ربط أبنائنا بها، فلغة الضاد هي لغة القرآن، التي تعمّق روح الانتماء لتاريخنا وإرثنا العظيم، وتنقش هويتنا على أجساد أجيالنا المستهدفة. مصطلحات الحياة اليومية تتعجب رؤية الهاشمي، ربة بيت، ما تسمعه من الأهل والأقارب من أنهم يميلون ومهما كان تعليمهم لاستخدام مصطلحات من لغات أخرى في الحياة اليومية، بل الأدهى أن هناك بعض العائلات تخاطب أطفالها باللغة الإنجليزية، موجهة السؤال، ألا يكفي إلحاقهم بمدارس اللغات وتحدثهم بها في المدارس؟، فإن كنا سنتوقف عن استخدام اللغة العربية في المدرسة وفي المنزل فأين سنستخدمها؟، وتواصل حديثها، بأن ما يحدث هو تقليد أعمى ينم عن جهل مطبق، وبعدم وعي بأهمية لغتنا واكتسابنا هويتنا منها، ومن يقم بذلك يتخيل أنه يصل بنفسه إلى مصاف المتقدمين وإلى العالمية. تنمية الهوية العربية أشار شير خليفة عبدالله الشامسي، مدير مدرسة، إلى أنه حينما نعتز نحن الكبار بلغتنا وهويتنا سنجد أبناءنا يتشربون اللغة العربية، ويتمثلون الوطنية في كل تصرفاتهم، وفي رأيه أننا بحاجة إلى استراتيجية لتنمية الهوية العربية لدى الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات قبل الأطفال، لأن الطفل يولد صفحة بيضاء نكتب فيها ما نريد، موضحاً أنه لابد من معرفة أسباب تراجع اللغة وعزوف الطلبة عن دراستها، والسعي الجاد لمعالجة ذلك، من خلال هذه البحوث التي تستهدف تطوير وسائل تعليم اللغة وطرائق تدريسها ومناهجها لجعلها أكثر جذباً للطلبة، فلم يعد الوقت يسمح بالسكوت على ما يحدث من مسخ متعمد للغة العربية على ألسنة العرب في كل مكان، وحان الوقت لدق جرس الإنذار للعودة إلى اللغة العربية، لأن القوة لن تتحقق في ظل هوية ممزقة. تربية الطفل على محبة اللغة العربية لفتت فاطمة العلي استشارية تربوية، إلى ضرورة تربية الطفل على محبة اللغة العربية، بنقاط عدة، عدم التعامل مع مناهج اللغة العربية على أنها صعبة وتنفر الطفل من أول درس، فإذا نظرنا إلى مناهج اللغة الإنجليزية، فإننا نجد الصور الملونة الجميلة، ونجد القصص الممتعة التي تحرك الخيال وتربط بالجذور، أما نحن فوعظ وإرشاد وتربية وقسوة وتخويف، وجميعه «ضبط وربط»، فالطفل ينفر من اللغة العربية، خاصة أن اللغة العربية صعبة، وكونها مقسمة إلى فصحى وعامية، فهذا يصعبها أكثر. وتضيف، يجب أن نبدأ أولاً بلغة سهلة للطفل، بإمتاع للطفل، بالأغاني وبالقصص وبالصور وبالأفلام، كل هذه من دون تعقيدات ومن دون محاولة للوعظ. التربية العربية تميل جداً إلى الوعظ والقسوة على أساس أننا سنخرجهم رجالاً، لكن الرجال يكونون إذا اقتنعوا بما نعطيهم في هذه المناهج. أيضاً الملاحظ أن البرامج التلفزيونية المترجمة لغتها ركيكة، ولا تمت حضارياً بصلة إلى الأطفال، ولا نستطيع إنتاج برامج تلفزيونية تستطيع أن تستوعب الطفل ضمن حضارته، وكثيراً ما تكون اللغة مترجمة عن الغرب، وظروف أحداث هذه الأفلام التلفزيونية غريبة عن الطفل، فهذه الأمور يجب أن نعنى بها ونعززها عند الطفل منذ الصغر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©