اختتمت في العاصمة القطرية الدوحة، السبت الماضي، فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان ترايبيكا السينمائي، وسط جدل إعلامي وجماهيري غير مسبوق، حول الأفلام المعروضة، والجوائز، والضيوف الذين أثاروا عدداً من المشاكل. وقد جاءت فعاليات المهرجان غير هادئة، منذ مرور الفنانين الأجانب والعرب والهنود على السجادة الحمراء، كما جرت العادة في المهرجانات السينمائية، لتمطرهم فلاشات المصورين، وتنهال عليهم طلبات الحوارات الصحفية والتلفزيونية، والأضواء، حتى إشعار آخر. (الدوحة) - استهل المهرجان الحديث النشأة فعالياته المتشعبة بالفيلم الملحمي “الذهب الأسود” للمخرج الفرنسي جان جاك، وشارك في تمثيله نجوم عرب بجانب نجوم العالم مثل، طاهر رحيم، أنطونيو بانديراس، مارك سترونج، فريدا بينتو، ريز أحمد، ليا كيبيدي، ويعد العرض العالمي الأول للفيلم الذي أنتجه التونسي طارق بن عمار. ويتناول الفيلم المنافسة بين أمراء في الجزيرة العربية، قبيل مرحلة اكتشاف النفط في الخليج، ومن ثم تبدأ مسيرة توحيد القبائل بالقوة والحكمة أيضاً، وتكلفت ميزانية الفيلم 50 مليون دولار، حيث لاقى هذا التمويل الضخم انتقادات لاذعة للمبالغة في تكلفة إنتاجه. حتى أن بعض النقاد الذين حضروا الفيلم، أعلنوا أن هذه الميزانية لو تم صرفها واستثمارها في دعم وصناعة الأفلام العربية لكان أكثر جدوى، حيث أن المعروف عن الأفلام العربية أنها فقيرة في الإنتاج وتعتمد ميزانيات بسيطة، وصناعة السينما لا تحظى بالدعم الكبير عربياً. بانديراس عربياً جزئياً وعن مجريات وأحداث الفيلم تحدث النجم العالمي أنطونيو بانديراس، وبطل فيلم الملحمة العربية “الذهب الأسود”، معلقاً على مسيرته في هوليوود قائلاً: “منحتني هوليوود فرصة العمل مع فئات مختلفة من الأفلام، كأفلام الحركة والأفلام الموسيقية وأفلام الرعب كما مكنتني من إخراج أول فيلم لي”.? كما تحدث عن فيلم الملحمة العربية “الذهب الأسود” الذي شارك في بطولته، والذي عرض للمرة الأولى في الليلة الافتتاحية لمهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي. وتكلم بانديراس عن دور الأمير العربي الذي لعبه، وقال إنه يعتبر نفسه عربياً جزئياً، فأنا من الأندلس جنوب إسبانيا التي حكمها العرب ثمانية قرون. ولطالما أثارت الثقافة العربية اهتمامي لأنها جزء من تراثي”.? وعند سؤاله عن تطور صناعة الأفلام في العالم العربي، وجه النجم العالمي الثناء والتقدير لمؤسسة الدوحة للأفلام لما تبذله من جهود في تطوير صناعة السينما على مستوى المنطقة”. وتابع بقوله: “يأمل الجميع في أن يقوم العرب بأنفسهم برواية قصصهم الخاصة، وأن يتولى المخرجون والمؤلفون والممثلون العرب هذه المسؤولية، وعندما ترغب ببناء أسس متينة لصناعة السينما فإن ذلك يستغرق وقتاً طويلاً، وبكل تأكيد فإننا سنرى نتائج ذلك خلال 10 أو 15 عاماً”. مهرجان مختلف وفي سياق متصل أكدت أماندا بالمر، المديرة التنفيذية لمؤسسة الدوحة للأفلام، أن مهرجان هذا العام يختلف عن العام الماضي كونه كبر وتوسع وأصبح هناك أكثر من 100 موظف في مؤسسة الدوحة للأفلام يعملون على تحقيق أهداف المؤسسة وتنظيم المهرجان والانتشار من خلال المجتمع لنشر الوعي لدى المجتمع، كما أن هناك شبانا قطريين في كل إدارة أو قسم بالمؤسسة. وأضافت بالمر أن المهرجان بات أكثر تواصلا مع المجتمع ويهتم بنشر ثقافة الفيلم والسينما ويهتم بالتواصل مع الناس من خلال أنشطة اجتماعية وتعليمية، لافتة الى أن مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي الدولي يختلف عن جميع المهرجانات السينمائية الدولية في انه يهتم بالمجتمع ويشاركه في الأنشطة، كما أن المهرجان يعد واحدا من أنشطة مؤسسة الدوحة للأفلام والذي يعتبر تتويجا لنشاط المؤسسة السنوي ويساعدنا على ان نخلق أحداثا قريبة من الناس. واستطردت قائلة: أود أن أوجه شكري للجميع لما تقدمون من دعم لمهرجان الدوحة السينمائي، وإننا حقاً في غاية السعادة لوجودكم هنا معنا. وخاصة بوجود هذا الكم من صانعي الأفلام هنا، والسبب من وراء إقامة هذا المهرجان هو اكتشاف مواهب جديدة. ونأمل أن تلتقي هذه المواهب مع بعضها البعض لتكون النتيجة صناعة أفلام مشتركة. ومن جانبه علق محمد ملص، المخرج السوري ورئيس لجنة تحكيم الأفلام الروائية ضمن المهرجان قائلاً: أرى أن هذ المهرجان هو أحد أفضل المهرجانات التي تبرز صناعة السينما الشبابية والتي ستكشف مستقبلنا فيما بعد. وأضاف بقوله: “لم يكن الاختيار بين الأفلام المشاركة سهلاً، ولكن فيلم “عمر قتلني” الذي قدم قصة إنسانية حقيقة تكشف النظام القضائي في فرنسا، من خلال لغة سينمائية متميزة. أما فيلم “نورمال” فقد ناقش بشجاعة ما تشهده المنطقة من أحداث، وقمع الناس ومنعهم من حرية التعبير، وحالة الارتباك العامة، بأسلوب يتميز بالحرية والشجاعة والدفء”. فيلم ملحمي رائع ومن جهتها أعربت الفنانة المصرية يسرا عن سعادتها بالتقدم الذي وصل اليه مهرجان الدوحة ترايبيكا، مؤكدة أن المهرجان يزداد خبرة في كل دورة، وأن الدورة السابقة التي حضرت فيها كرئيسة لجنة تحكيم استفادت منها كثيرا لعملها مع نجوم عالميين في هذا الموقع، وقالت يسرا: علاقتي بمهرجان الدوحة ترايبيكا قوية، فقد أعطاني الفرصة ان أكون رئيسة لجنة تحكيم على نجوم كبار ومنهم سلمى حايك، وهذا أمر يضاف لمشواري، وأعتقد أن المهرجانات العربية تفيد بشكل كبير مسيرة صناعة الفيلم العربي وعلى رأسها مهرجان الدوحة ترايبيكا، وكما تابعنا هذا العام أنتجت قطر فيلما عالميا وهو “الذهب الأسود” الذي أعتبره ملحميا رائعا من الطراز الأول. ?وعن الفوائد المرجوة من المهرجانات العربية، تقول يسرا “تشهد هذه المهرجانات اتفاقات كثيرة فنية وثقافية، كما انها تفتح أفاقا للعمل العربي المشترك في مجال الانتاج، واعتقد انه بفضل وجود مهرجان كبير في الدوحة تم إنتاج عمل كبير مثل “الذهب الأسود” الذي قدم نموذجا رائعا للإنسان العربي، بعيدا عن تشويه صورته كما يحدث في الأعمال الاجنبية في العالم”.? وحول أهمية الإنتاجات المشتركة، تقول يسرا “لدينا في العالم العربي ثروات كبيرة، بالاضافة الى أننا نستطيع ان نتكامل في كل مجالات صناعة السينما، فلدينا رؤوس الأموال وأماكن التصوير بالاضافة الى الكوادر في كل المجالات السينمائية وأتمنى ان تتجمع هذه الموارد لإنتاجات عربية ضخمة”. جوائز الأفلام العربية وأعلن المهرجان عن نتائج مسابقة الأفلام العربية التي انتهت إليها لجنة التحكيم، أمام حشد من ضيوف صناعة الأفلام من مختلف أنحاء الوطن العربي والعالم.. حيث فاز فيلم “نورمال” للمخرج مرزاق علواش، والفيلم الوثائقي “العذراء، الأقباط وأنا” للمخرج نمير عبد المسيح بجائزتي مسابقة الأفلام العربية، لأفضل فيلم روائي ووثائقي على التتابع.? كما فازت المخرجة رانية اسطفان، والتي قامت بصناعة الفيلم الوثائقي “اختفاءات سعاد حسني الثلاثة”، بجائزة أفضل مخرج فيلم عربي وثائقي، فيما أحرز رشدي زيم، مخرج فيلم “عمر قتلني” جائزة أفضل مخرج فيلم عربي روائي. ?وحقق فيلم “عمر قتلني” أيضاً جائزة أخرى نالها الممثل سامي بواجلا، لأفضل أداء تمثيلي.? وتبلغ قيمة جائزتي أفضل فيلم عربي وثائقي وأفضل فيلم عربي روائي 100 ألف دولار أميركي. فيما ينال المخرجان الحائزان على جائزتي أفضل مخرج فيلم عربي وثائقي، وأفضل فيلم عربي روائي مبلغاً قدره 50 ألف دولار أميركي. وخصص المهرجان جائزة قدرها 15 ألف دولار أميركي لأفضل أداء تمثيلي.? وذهبت جائزة أفضل فيلم عربي قصير إلى فيلم “وينك؟” للمخرج عبد الله النجيم، الذي نال جائزة قدرها 10 آلاف دولار، فيما حصد فيلم “أبي ما زال شيوعياً” أسرار حميمة للجميع” للمخرج أحمد غصين، جائزة شهادة تقدير، والذي تلقى جائزة قدرها 10 آلاف دولار ضمن خدمة التطوير التي تقدمها مؤسسة الدوحة للأفلام.? كما قدم المهرجان لكل من المخرجين محمد رضوان الإسلام وجاسم الرميحي جائزة كانت عبارة عن جهاز “آي باد” محفور عليه شعار مؤسسة الدوحة للأفلام، وذلك عن فيلم “الصقر والثورة” الذي أحرز جائزة برنامج “صنع في قطر. انتقادات الجمهور و «صفعة» الشريف لاقت الفعاليات المصاحبة للمهرجان انتقادات من الجمهور القطري، حيث انتقد البعض الصرف الكبير والبذخ المصاحب للمهرجان، وجلب ضيوف كثر، ووضع ميزانيات كبيرة، وتشتت الجمهور بين الأفلام. كما أثرت المشكلة التي أحدثها الفنان عمر الشريف، وهو أحد ضيوف المهرجان، بصفع مذيعة قناة الحرة عائشة الدوري أثناء وقوفها بجانبه لأخذ صورة تذكارية معه كفنان هوليودي عالمي، حيث فقد توزانه وأعصابه، وأثارت هذه الصفعة موجة من الانتقادات ضده في وسائل الإعلام المختلفة.