(أبوظبي) - نظمت جماعة الأدب في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي أمس الأول في مقر الاتحاد بالمسرح الوطني محاضرة للباحث والناقد المصري الدكتور أحمد الأمير تحت عنوان «قراءة في أدب الرحلات عند أنيس منصور» وحضرها نخبة من الأدباء والكتّاب. وفي تقديمه للمحاضر الأمير قال الشاعر الإماراتي سالم بوجمهور: «إن أحمد الأمير يدخل إلى موضوع مهم وبخاصة أن أنيس منصور قد غادرنا قبل أيام معدودات بعد رحلة عمر حفلت بالكثير من التجارب وخاضت العديد من وجوه الحياة». وأضاف بوجمهور: «إن تجربة الراحل أنيس منصور في ارتحالاته قد كرست نوعاً مهماً من الأدب وهو أدب الرحلة في شكلها الحديث ضمن أسلوبه الممتع مع ما يحمل الرجل من قدرة على اقتناص غير المألوف فيما يشاهده ومن أقصى الأرض إلى أقصاها شاهد أنيس منصور الحياة بكل حيواتها وبكل ما تكتنز من غرابة». واستهل الدكتور أحمد الأمير محاضرته بالتمهيد لمفهوم الرحلة وأدبها واعتبر هذا الجنس الأدبي جيء لغرض المتعة والمعرفة في آن واحد وقال: «لاشك أن أدب الرحلات من أكثر فنون الأدب خصباً ومتعة، فهو الذي تمتزج فيه وتتداخل أجناس أدبية عديدة، كالقصة والسيرة الذاتية والشعر أحياناً، بل يمتد ليشكل توثيقاً تاريخياً وجغرافياً وبُعداً ثقافياً واجتماعياً للرحلة التي يتناولها سواء من حيث الزمان والمكان أم من حيث الأشخاص والأحداث. واستشهد الباحث الأمير بآراء عدد من الكتّاب العرب حول مفهوم الرحلة حيث قال «ويرى الدكتور شوقي ضيف أن الرحلات من أهم فنون الأدب، لأنها خير رد على التهمة التي طالما اتهم بها هذا الأدب وهي قصوره في فن القصة ويدلل على رأيه بما ورد في كتب الرحلات من قصص عن زنوج أفريقية وعرائس البحر وحجاج الهند وأكلة لحوم البشر، مما يصور الحقيقة حيناً ويرتقي إلى الخيال حيناً آخر». وأشار الأمير إلى معرفة العرب لأدب الرحلات، كما في رحلات المسعودي والإدريسي والبيروني ثم ابن جبير في القرن السابع الهجري، وابن بطوطة في القرن الثامن، وهما من أشهر الرحالة العرب القدماء. وقال: «أما في العصر الحديث فيبدو في مقدمة كتاب أدب الرحلات اسم الأديب الراحل أنيس منصور «1924-2011» وهو الكاتب والصحفي المصري اللامع والذي أتقن العربية والإنجليزية والألمانية والإيطالية، وسافر في كل بلاد الدنيا وأَلف كتباً عديدة، ويعد كتابه «حول العالم في 200 يوم» من أكثر الكتب انتشاراً باللغة العربية». وتحدث الأمير عن بدايات أنيس منصور وتنقله عبر الصحف الكبرى في مصر وهي «الأهرام» و«أخبار اليوم» ومجلة «الكواكب» ونوه بمؤلفاته ومنها «عاشوا في حياتي» و«الذين هبطوا من السماء» و«قالوا» و«في صالون العقاد» وغيرها. وأشار الباحث إلى أعمال أنيس منصور الدرامية وترجماته ورواياته كما تحدث عن بعض الجوائز التي حصل عليها. وعن مواقف التي كتب بها أنيس منصور قال الدكتور أحمد الأمير: «كان لأنيس منصور عمود يومي بالأهرام بعنوان «مواقف» حيث كان يكتب فيه مقالات متنوعة في الأدب والسياسة والتاريخ ولكنه يخصص يوم الجمعة للأقوال التي يجمعها أو يؤلفها وهي تميل في الغالب إلى الطرافة والفكاهة». واشتهر الباحث بعدد من الأقوال الطريفة التي يغلب عليها هي آراء «في الرجل والمرأة». وعن رحلاته تحدث الأمير عما كان يلفت في كتابته عنها، وأشار إلى ما رواه عن هيرودوت وعن ابن جبير وعن ماركو بولو خلال رحلاته وسماع القصص عنهم. وأكد أن أنيس منصور يهتم بالغرائبية القصصية في أدب الرحلات وهذا لا يعني إهماله الوصف بل هو يقتنص كل ما تقع عليه عيناه سواء في رحلاته هو أو في رواياته عن الرحالة الآخرين، إذ قرأ منصور كل كتب الرحالة حيث يقول: «قرأت أعظم الرحلات في التاريخ كي أعرف وأخرج من الشرنقة التي ولدت فيها: الريف والمدن الصغيرة، ولم يخطر على بالي أنني سوف أقوم وحدي بأطول رحلة في التاريخ عبر القارات الخمس».