أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن التنمية في المنطقة تواجه العديد من التحديات التي تتطلب خططا رشيدة وبرامج ذكية للتعامل معها، خاصة فيما يتعلق بظواهر مثل التضخم، وارتفاع الأسعار، وتأثير الأموال السائلة، ومما تتطلبه تحديات العولمة من دعم لقدرات دول المنطقة اقتصادياً· وقال معاليه خلال افتتاح الملتقى الأول للاستثمار في دول الخليج العربية، الذي جرت فعالياته تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية إن من أهم الظواهر الواقعية في دول الخليج أن ثلثي السكان تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وهم يمثلون شريحة شرائية واستهلاكية كبيرة تتطلب توفير الخدمات والإسكان لها من خلال ضخ الاستثمارات في مشروعات تلبي طلبات هذه الشرائح، وهو الأمر الذي يعني وجود فرص استثمارية كبيرة لهؤلاء· وشدد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان على أهمية النظر لهذه الشريحة من سكان المنطقة على أنها ثروة وطنية يجب استغلالها واستثمارها بشكل جيد، وتوفير الوظائف لها لاستيعابهم كمشاركين في العملية التنموية· وأكد ضرورة الاهتمام بالتعليم كمدخل للتنمية الاقتصادية في دول الخليج، وتعزيز دوره في التطوير والنمو الاقتصادي، وخلق حوار جاد بشأن دور القطاع الخاص كلاعب رئيسي في التنمية بصورتها العامة· ولفت إلى أن دول الخليج تتمتع حالياً بفرص هائلة ومزايا عديدة لإحداث نقلة نوعية في التنمية، خاصة في ظل اتباع سياسات تنويع مصادر الدخل، وتعزيز دور القطاع الخاص في مسيرة تنمية المجتمع، إضافة إلى الانفتاح الذكي على اقتصادات العالم، وإيجاد نقاط ارتباط مع دول العالم من خلال توقيع اتفاقيات للتعاون المشترك والتبادل الاقتصادي، وبالتالي أصبحت نموذجاً يحتذى به في وضوح الأهداف لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة· وأضاف معالي الشيخ نهيان بن مبارك ''لاشك أن الإمارات وتحت القيادة الرشيدة تعطي للتنمية البشرية اهتماماً واضحاً يعكس الرغبة في ايجاد الإنسان القادر على التعامل مع تحديات العصر''، ومن هنا يأتي أهمية إعطاء التعليم الدور المنوط به كرافد رئيسي ضمن منظومة الاستثمار في التنمية· وقال عبدالرحمن النقي الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية إن دول الخليج تمتلك مقومات ضخمة لدعم آفاق التعاون الاستثماري، فوفقاً لأرقام الأمانة العامة لمجلس التعاون فإن عدد المشروعات بلغ العام قبل الماضي ألف مشروع باستثمارات 5,2 مليار دولار، وساهم مواطنو دول التعاون في 524 مشروعاً من اجمالي المشروعات، ويصل عدد ملاك العقارات في المشروعات العقارية الجديدة إلى 34 ألف مواطن خليجي· وأضاف بالرغم من هذا فإن حركة التجارة البينية بين دول التعاون متواضعة، ولا تمثل سوى 10% من إجمالي التجارة الخليجية مع دول العالم، وهو الأمر الذي يتطلب رؤية متكاملة لتعزيز حركة التجارة البينية، لافتاً إلى قيام اتحاد الغرف بإجراء دراسة ميدانية مسحية حول مقومات الاستثمار الخليجي انتهت إلى أهمية اعطاء دفعة أكبر لقطاع الاستثمارات· وبدأت أعمال الملتقى بحضور أكثر من 300 شخصية اقتصادية من مختلف دول الخليج والعالم العربي، وبمشاركة 30 متحدثاً من صانعي القرار والخبراء في مجال الاقتصاد والاستثمار بينهم رئيس وزراء لبنان الأسبق الدكتور سليم الحص والدكتور عدنان القصار رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية العربية والدكتورة ميرفت التلاوي منسقة القمة العربية الاقتصادية· وأكد عدنان القصار على أن بناء القدرات التنافسية العربية مسألة في غاية الأهمية، وزيادة فرص العمل للأعداد المتزايدة من طالبي العمل، مع الأهمية النسبية لدور القطاع الخاص في تلبية الحاجات الملحة، حيث يستطيع أن يوفر قدراً من الكفاءة في ظل الانفتاح الاقتصادي بالعديد من الدول العربية· وأشار إلى أن دول الخليج تمثل نموذجاً مهماً لاستقطاب الاستثمارات، حيث أسست العديد من الدول مراكز مالية واستثمارية مستقطبة للاستثمارات، لافتاً إلى ظاهرة المدن الاقتصادية التي تتسع في دول المنطقة· وقال القصار إن حجم استثمارات دول الخليج وحدها في قطاع البنى التحتية يصل الى أكثر من 700 مليار دولار (2,57 تريليون درهم) وأصبحت دول مجلس التعاون أكبر سوق لتمويل المشروعات على مستوى العالم، وسوقاً للفرص الاقتصادية الواسعة· وأكد القصار على أن الدول العربية عادت الآن لتشق طريقها نحو الاستثمارات العالمية، لافتاً إلى أن حجم التدفقات الاستثمارات الأجنبية وفقاً لأرقام عام 2006 الصادرة عن الأمم المتحدة بلغت 62 مليار دولار (228,1 مليار درهم) مقابل 45 مليار دولار (165,6 مليار درهم) عام ،2005 وجاءت السعودية في المقدمة تليها مصر ثم الإمارات· وقال ''اللافت للنظر أن دول الخليج استقطبت 52% من إجمالي هذه التدفقات الاستثمارية الأجنبية، وذلك بفضل المناخ الاستثماري والبنى التحتية الجيدة والقوانين الاقتصادية الأكثر وضوحاً''· وأشار إلى أن التطورات الحاصلة في المنطقة تساهم في تسريع تحول الأسواق الخليجية من أسواق ناشئة إلى أسواق عالمية، وهذا يتطلب توفير المناخ المناسب لاطلاع هذه الدول بدورها، وتوفير البنية التحتية والقانونية، وإطلاق المبادرات، مع سياسات حكومية تدفع بالاستقرار لوضع أفضل، مشيراً إلى أن الإعداد لقمة اقتصادية مسألة في غاية الأهمية وخطوة على الطريق الصحيح· وأكد رئيس وزراء لبنان الأسبق الدكتور سليم الحص في ورقة عمل تحت عنوان ''التكامل الخليجي مدخلاً للتكامل العربي'' أن مجلس التعاون قد خطا خطوة مشهودة في سبيل السوق الخليجية المشتركة، وفي مؤتمر القمة الخليجية الذي انعقد في الدوحة صدر بيان تاريخي أعلن فيه بدء العمل بالسوق الخليجية المشتركة اعتباراً من مطلع العام ،2008 ونص على تقوية أواصر التعاون بين الدول الأعضاء وتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين وصون وحدتها· وأوضح أن السوق الخليجية المشتركة توجب أن يعامل مواطنو دول المجلس في أي دولة من الدول الأعضاء مثل معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز في كل المجالات الاقتصادية· وكانت هناك دعوة إلى استكمال تحقيق المعايير المالية والنقدية لتقارب الأداء الاقتصادي بين دول المجلس، وتم تكليف وزراء المال ومحافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية لوضع برنامج لاستكمال جميع متطلبات الاتحاد النقدي ورفعه إلى الدورة المقبلة للمجلس الأعلى التي تعقد السنة المقبلة في مسقط· وقال الحص إنه في حال تحقق الاتحاد الخليجي اقتصادياً ومالياً ونقدياً، فمن الطبيعي أن يتطور سياسياً في صيغة كونفدرالية، ويكون مرشحاً لأن يصبح كياناً فدرالياً، والاتحاد الخليجي سيكون نواة للاتحاد العربي الشامل ورائداً له، لذا فإن الرهان على نجاح الاتحاد الخليجي هو من الرهان على ولادة اتحاد عربي جامع، تتكامل فيه عناصر الدولة الاتحادية العربية· ودعت ميرفت التلاوي الحضور واتحاد الغرف التجارية الخليجية والأمانة العامة لمجلس التعاون الى تقديم الاقتراحات المناسبة لأعمال القمة العربية الاقتصادية المرتقبة والمقرر انعقادها في الكويت في وقت لاحق·