سعيد الصوافي (أبوظبي) - أكّد خبراء عسكريون ضرورة تعزيز التعاون لحماية الأمن البحري في منطقة الخليج العربي، فيما دعا آخرون إلى توحيد الجهود لتطوير قوة بحرية خليجية مشتركة؛ لتوفير الأمن الإقليمي وازدهار المنطقة والشعوب. وأشاروا في الوقت نفسه، إلى أهمية الدور الذي يقوم به مركز التنسيق البحري لدول مجلس التعاون الخليجي لتبادل المعلومات في تعزيز العمليات البحرية المشتركة. في السياق ذاته، أشار الخبراء إلى أن قوات الإمارات تبقى دائماً قوية، وعلى أهبة الاستعداد للتعامل مع أي تهديدات للدولة وللمنطقة بشكل عام، لافتين إلى مشاركاتها العسكرية في قوات حفظ السلام والإنقاذ حول العالم. جاء ذلك خلال فعاليات الدورة الثانية لمؤتمر قادة القوات البحرية لدول الخليج التي انطلقت أمس في أبوظبي، بحضور مجموعة من قادة القوات البحرية لدول إقليمية ودولية مختلفة. واستقطب المؤتمر، الذي نظمته مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري “إينغما”، أكثر من 300 مشارك، من ضمنهم وفود رسمية عدة رفيعة المستوى، وضباط من القوات المسلحة الإماراتية، إضافة إلى طلاب وكبار ضباط القوات البحرية الإماراتية، وفعاليات من القطاع الخاص والإعلام. واستهل الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، رياض قهوجي المدير العام التنفيذي لمؤسسة «إينغما»، بالتقدم بالشكر للوفود والمتحدثين وجميع الحضور على مشاركتهم، وأشار إلى أنه يتم عقد هذا المؤتمر في وقت تتزايد فيه التهديدات البحرية، الأمر الذي يستوجب بناء مهارات وقدرات خاصة لمواجهة هذه التحديات. وفي الجلسة الأولى التي ترأسها أنطوني وينز رئيس شركة لوكهيد مارتن لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أشار إلى أن بناء القدرات البحرية ضروري خاصّة في هذه المنطقة التي تواجه تهديدات القرصنة والإرهاب يتطلب امتلاك مهارات وقدرات خاصة لمواجهتها والتصدي لها. وتحدث العقيد يوسف المنيعي نائب قائد مركز العمليات البحرية في مملكة البحرين، عن استخدام المعدات التجارية الموجودة على أرفف المحال والحلول المركبة داخل الحاويات أو الجاهزة للتركيب لمواجهة التهديدات تحت سطح الماء. واختتم الجلسة الأولى اللواء جايمس ت. لوبيلين نائب قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية، من خلال التطرق إلى المقتضيات الاستراتيجية لبناء القدرات على القيام بردود فعل عسكرية لمواجهة التهديدات غير المتكافئة في البحر. وشدّد على أهمية توفير جهود الشراكة الإستراتيجية لمواجهة التحديات البحرية، مشيراً إلى أن الأسطول الخامس في البحرين يعمل بالتعاون مع مجريات دول مجلس التعاون الخليجي للتصدي للتهديدات البحرية. واختتم حديثه بالقول: إن القوات البحرية تبقى على أهبة الاستعداد عبر التخطيط وتكثيف تدريباتها وزيادة تحسين معداتها. وتناولت الجلسة الثانية مسألة جاهزية القوات العسكرية ضد التهديدات غير المتكافئة، وتحدث فيها الفريق البحري إيفانجيلوس أبوستولاكيس رئيس أركان البحرية اليونانية، عن أدوار القوات البحرية في البيئات البحرية الأمنية الجديدة والقدرات المطلوبة. وقال رياض قهوجي المدير العام التنفيذي لمؤسسة «إينغمــا»، إن العمليات البحرية أصبحت أكثر فعالية وأهمية، خاصة في مكافحة القرصنة، مشيراً إلى تطور علاقة التعاون بين القوات البحرية وقوات فرض القانون والقوات المدنية لمواجهة التحديات الأمنية. من جهة أخرى، تطرق العميد البحري سيد عريف الله حسيني قائد سلاح خفر السواحل في البحرية الباكستانية إلى مسألة المخاوف الأمنية في منطقة الخليج والتحديات البحرية. وأشار إلى الاهتمام الدولي بهذه المنطقة؛ نظراً لكونها مصدراً للطاقة، وأن ثلاث حروب اندلعت في السنوات الماضية لم تشكل خطراً على النفط، مشدداً على ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لحماية الأمن البحري في منطقة الخليج العربي. وفي السياق ذاته، تناول العميد البحري أنطوان بوسانت، قائد منطقة المحيط الهندي البحري في فرنسا، موضوع المصالح المتغيرة وعواقبها بالنسبة للخليج والعالم البحري، مسلطاً الضوء على مكانة الخليج الإستراتيجية كحلقة وصل بين أوروبا وآسيا وغيرهما بالمصادر، مشيراً إلى وجود ثاني أكبر مطار في العالم واقع في دولة الإمارات. وقال: لا أقلّل من خطورة التهديد الإيراني للمنطقة، إضافة إلى خطري القرصنة والإرهاب، وهي تهديدات غير تقليدية علينا التعامل معها خلال السنوات المقبلة. وختتم هذه الجلسة العميد البحري كايث بلاونت قائد العناصر البحرية في سلاح بحرية المملكة المتحدة، نائب قائد القوات البحرية المشتركة المدمجة، متكلماً عن تحديات دمج العتاد المهم والتوافق العملاني في القوات البحرية المختلفة. وذكر أن معظم معدات البحريات الخليجية حديثة وتدار من قبل خبراء في تلك البحريات. وأشار إلى تطور أداء قوات التحالف من حيث المعلومات والاستخبارات وتبادلها وتوفر الوحدات الجاهزة للعمل والقوى البشرية المدربة والكافية عدداً. وطالب بالمزيد من المناورات والعمليات المشتركة مع دول الخليج من أجل محاربة القرصنة والإجرام. أمّا الجلسة الثالثة والأخيرة التي ترأسها الدكتور ثيودور كراسيك مدير الأبحاث والاستشارات في شركة «إينغمـــــا»، فتناولت قضية تطوير القدرات العسكرية ودمجها. واستهل الفريق البحري كراوز نائب قائد القوات البحرية الألمانية، موضوع المجال البحري ومراقبته. وخلال حديثه، أشار إلى ضرورة إنشاء عملية متكاملة تتضمن جمع المعلومات وتحليلها وتحديد الأهداف وتقييم الأخطار حتى يتاح الوقت الكافي للرد الناجح والفعال، وعدم اقتصار العملية على المراقبة فحسب. وأكّد أن التعاون مع القوات البحرية أسهل بكثير من التعامل مع قوات إنفاذ القانون التي لديها رؤية مختلفة لتحقيق الأمن.. من أصعب العوامل التي تواجه عملنا هي سرية المعلومات؛ لذا يتوجب اتخاذ قرار بشأن نوع المعلومات التي يمكن مشاركتها، من حيث من يحتاج إليها، وما هي المعلومات المتاحة التي يجب عدم مشاركتها مع الآخرين. وأشاد الدكتور خالد المزروعي المدير العام التنفيذي لشركة أبوظبي لبناء السفن، بالصناعات البحرية الإماراتية وقدراتها الحالية والمستقبلية. ولفت إلى الأهمية الحيوية لمنطقة الخليج، وأن معظم صادراتها تصل إلى العالم عبر البحر،تبخنخ مضيفاً أن النمو الاقتصاد يعني اعتماداً أكثر على البحر؛ لذلك هناك حاجة لأن تكون البحرية جاهزة. وقال: علينا أن نكون مستعدين كمزودي خدمات للبحريات المقيمة والزائرة، وان نشكّل اليد اليمنى لهم حيثما كانوا وفي كل وقت شاءوا. وتابع: هدفنا الأول تزويد قواتنا البحرية بما تحتاج إليه من سفن، لقد تطورنا ونمت الشركة في صناعة السفن، وأصبحنا قادرين على توفير خدمات بحرية أخرى. أما العميد البحري ليفيو تشيكوبيللي رئيس قسم الهندسة والقيادة اللوجستية في القوات البحرية الإيطالية، فقد تناول أهمية تحقيق عمليات انسيابية للصيانة والإصلاح والترميم الكامل وخدمات الدعم لتوفير الجاهزية والمرونة للقوات العسكرية. وتطرّق العميد تشيكوبيللي إلى التحولات الاستراتيجية اللوجستية لدى البحرية الإيطالية من حيث الرؤية والخطة التنفيذية والأهداف، مشيراً إلى حاجة البحرية لابتياع المزيد من السفن لمهمات خاصة. أما الرائد إيفو جانينين قائد القوى البحرية للقوات المسلحة البلجيكية، فاختتم الجلسة الثالثة، مشدداً على أهمية بناء قدرات مدمجة متعددة الجنسيات للإجراءات المضادة للألغام البحرية، وتحدث عن الدروس التي تم تعلمها من أحدث المهام والمناورات التي قام بها أسطول الخليج العربي. وشدد في حديثه على الحاجة لتبادل قواعد المعلومات ومشاركتها وتحسين الاتصالات من أجل نجاح العمل في بيئة عملياتية معقدة جداً.