يبدو أن الجنرال السابق «ديفيد بتراوس» يخطط للعودة. فقد حصل على وظيفة في شركة «كي كي أر» للأسهم الخاصة، ويشغل مناصب أكاديمية في جامعتي هارفارد وجنوب كاليفورنيا. وذكر البيت الأبيض أن إدارة الرئيس «أوباما» قد طلبت منه المشورة فيما يتعلق بالحرب ضد تنظيم داعش. ومع ذلك، يبدو أن علاقته الخاصة خارج نطاق الزوجية، والتي أجبرته على الاستقالة من منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية لا تزال عالقة به. والأهم من ذلك، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ما زال يتعين عليه أن يفتح تحقيقا فيما إذا كان «بتراوس» قد قدم بشكل غير لائق وثائق سرية للغاية إلى «بولا برودويل»، التي ارتبط معها بعلاقة غرامية. يذكر التاريخ أنه في ربيع 2012، اكتشف مكتب التحقيقات الفيدرالي، أثناء قيامه بأحد التحقيقات، العلاقة بين «بتريوس» و«برودويل»، حيث برأ الأخيرة من أية تهم، بينما ذكر «أوباما» أن «بتريوس» لم يعرِّض الأمن القومي للخطر، غير أن التحقيق لا يزال مفتوحاً. وذكر مسؤولان أميركيان على دراية بالتحقيق أن «برودويل» لم تكن مخولة لتلقي مواد مثل تلك التي عُثر عليها على جهاز الكمبيوتر الخاص بها، لأن هذه شملت معلومات استخباراتية لا يضطلع عليها سوى عدد قليل من كبار المسؤولين، لذلك فإن مكتب التحقيقات يعتبر ذلك انتهاكاً خطيراً. وبتراوس ليس أول مسؤول في الأمن القومي يتم التحقيق معه بسبب سوء تناوله لمواد سرية، فقد سبقه في ذلك «جون دويتش»، مدير المخابرات المركزية الذي عثر في منزله على وثائق سرية، و«ساندي بيرجر»، مستشار الأمن القومي في إدارة «بيل كلينتون»، الذي دفع غرامة 10000 دولار عام 2005 لفراره وهو يخبئ وثائق حساسة من الأرشيف الوطني في جوربه. وما يهم هنا ليس أن «بتراوس» لا يزال قيد التحقيق، بل إنه يتم التحقيق معه بينما يجري إعادة دمجه في مؤسسة السياسة الخارجية. واللافت للنظر أن «بتراوس» يتم التحقيق معه لسوء تناوله لمواد غاية في السرية، ورغم ذلك، فهو ما زال محتفظاً بتصريحه الأمني. والأكثر من ذلك، أنه يقدم المشورة للبيت الأبيض فيما يتعلق بالعراق، حيث قام بتوجيه الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الأهلية عامي 2007 و2008 وما زال يحتفظ بعلاقات وثيقة مع العديد من القادة هناك. ويتساءل «جاك كين»، وهو جنرال متقاعد في الجيش الأميركي، ما إذا كان التحقيق مع «بتراوس» قد استمر طيلة هذه المدة مدفوعا بسبب آخر غير التحقيق في جريمة محتملة. وذكرت شبكة «فوكس نيوز» الصيف الماضي أن النائب «الجمهوري» «جيسون شافيتز» قد سأل وزارة العدل عن الأسباب التي تجعل ملف «بتراوس» لا يزال مفتوحاً، حيث قال «إذا كان قد ارتكب خطأ ما، فيجب توجيه الاتهام إليه، وإنْ لم يكن، يجب أن تتركوه وشأنه». كما أعرب النائب عن تخوفه أن تظل هذه القضية مفتوحة إلى أن يترك الرئيس منصبه. ويخشى المقربون من «بتراوس» سواء داخل أو خارج مجتمع المخابرات وكذلك الجيش أن يؤدي التحقيق معه، الذي يعد واحدا من أكثر الأصوات علما وخبرة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي، إلى جعله يتخوف من التعبير عن آرائه، وهو تباين حاد مع وزيري الدفاع السابقين «بوب جيتس» و«ليون بانيتا»، اللذين لم يخجلا من انتقاد فريق الأمن القومي لـ «أوباما». فخلال الفترة ما بين استقالته من المخابرات في نوفمبر 2012 وحتى الآن، كان «بتراوس» حريصاً في تصريحاته التي كانت ودودة لأوباما، حيث حث الكونجرس على تأييد البيت الأبيض في قرار ضرب سوريا. وكان أيضا يدعم تناول «أوباما» للأزمة الجديدة في العراق وسوريا. بيد أنه من المستغرب أن الآراء التي يعبر عنها تخالف تماما ما قاله في الماضي. ومثال على ذلك، خطابه فيما يتعلق بالعراق وسوريا، والذي يختلف كثيرا عن مواقفه السابقة. فعندما كان في إدارة «أوباما» خلال فترة ولايته الأولى، كان يدعو إلى زيادة القوات في أفغانستان وتسليح القوى المعتدلة في سوريا. ولكن عندما سُئل هذا الصيف عن ذلك، اعترض «بتراوس» وركز على مبادرة «أوباما» الجديدة لتدريب المتمردين السوريين بتكلفة 500 مليون دولار. إيلي ليك/ جوشوا روجين * * محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»