احتفلت الإمارات في الرابع عشر من نوفمبر الجاري عبر فعاليات متعددة لمؤسساتها الصحية الحكومية والخاصة باليوم العالمي للسكري” الدائرة الزرقاء”. ويسعى اليوم العالمي للسكري إلى إذكاء الوعي العالمي بمرض السكري الذي باتت معدلاته تثير القلق في شتى أنحاء العالم، وأصبح أكثر الأمراض خطورة وأسرع انتشاراً في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم تزداد أهمية سبل مكافحته، ورفع الوعي المجتمعي إزاء السلوكيات الغذائية غير الصحية، وانخفاض النشاط البدني، وانتشار السمنة وفرط الوزن، ما يؤدي في النهاية إلى الإصابة بالسكري. يضع مركز “هيلث بلاس” للسكري والغدد الصماء رؤية خاصة لمكافحة وعلاج مرضى السكري من خلال شراكة استراتيجية مع مستشفى ميرجينثايم للسكري من ألمانيا، والاهتمام بالجانب الوقائي والتوعية الصحية بالمرض، وفي ذلك يشير الدكتور محمد الخطيب، المدير الطبي للمركز واستشاري الباطنة والسكري والغدد الصماء، إلى أهمية تعزيز الجهور المجتمعية وتوعية المجتمع إزاء مرض السكر، والأمراض الأخرى المرتبطة به، ويقول:”كثير من الناس يقضون سنوات طويلة من عمرهم وهم لا يعلمون أنهم مصابون بالسكر. وعادة ما يكون جسم المريض بطيئا في استعمال الجلوكوز “السكر” وهكذا يزيد معدل الجلوكوز في الدم، وبالتالي تطرح الكليتان جزءا من السكر الزائد في البول. وفي الحالات الحادة لا يستفيد جسم المريض من الدهون والبروتينات بصورة طبيعية. وهناك نوعان من “السكري”، الأول الذي يعتمد فيه على الأنسولين، أما النوع الثاني فلا يعتمد فيه على الأنسولين. ومرضى هذا النوع هم ممن نجدهم تعدوا سن الثلاثي، وعادة يعانون من السمنة. وقد وجد أن 85% من حالات مرض السكر هم من فئة النوع الثاني. ويمكن السيطرة على هذا النوع باتباع الحمية والرياضة، وتقليل الوزن، واستعمال بعض الأدوية، وكنتيجة للإصابة بالسكري، لا يتم تحويل الجلوكوز إلى طاقة مما يؤدي إلى توفر كميات زائدة منه في الدم، ومع مرور الوقت، تتطور حالة المريض، ويسبب ارتفاع السكر أضراراً بالغة في الأعصاب والأوعية الدموية، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفات مثل أمراض القلب والسكتة وأمراض الكلى والعمى واعتلال الأعصاب السكري والتهابات اللثة، والقدم السكرية، بل ويمكن أن يصل الأمر إلى بتر الأعضاء”. الأسباب يشير الدكتور الخطيب إلى أهمية أن يعي الناس أن هناك نوعين من المرض، يتميز النوع الأول من السكري بخسارة الخلايا المنتجة للأنسولين لعوامل جينية أو لخلل في المناعة الذاتية، ولا توجد وسيلة للوقاية من الإصابة بهذا النوع من السكري الذي يمثل 10 _ 15 % من حالات مرضى السكري. أما النوع الثاني، فيتميز بوجود مقاومة مضادة لمفعول الأنسولين بالإضافة إلى قلة إفرازه، كلما تطور المرض تقل كفاءة إفراز الأنسولين من البنكرياس وتصبح هناك حاجة لحقن الأنسولين. ويعرف أن السمنة المفرطة، وتراكم الشحوم في الجسم، تؤدي إلى مقاومة الأنسولين، وتنشط الدهون هورمونياً وتفرز مجموعة من الهورمونات التي تقلل من فاعلية الأنسولين. ويعاني من السمنة 55% من المرضى المصابين بالنوع الثاني من السكري”. الأعراض والعلاج يوضح الدكتور الخطيب أعراض السكري المبكرة، ويقول:” هناك عدة أعراض يجب الانتباه لها وهي كثرة التبول والعطش الزائد والضعف والفتور وكثرة ظهور الدمامل والخراريج، وضعف واضطراب الميل الجنسي عند الذكور، والتنميل في بعض الأطراف وجفاف الفم. وهناك بدائل دوائية ووسائل علاجية متطورة كثيرا عما كان في السابق لمحاربة مرض السكري. حيث تطورت الأدوية و الآلات التي تضخ الأنسولين، فمريض السكر غالبًا ما يكون منزعجًا من حقن الأنسولين، ولكن الآن لم يعد لهذه المشكلة مكان مع وجود جهاز لضخ الأنسولين الذي يعتبر بديلاً فعالاً للحقن، ويجعل المريض لا يضطر إلى أخذ الحقنة قبل كل وجبة، وبدلاً من ذلك يقوم بضخ أنسولين سريع المفعول. ويتكون الجهاز من المضخ الذي يتضمن التحكم ووحدة المعالجة والبطارية، بالإضافة إلى خزان أنسولين قابل للاستبدال، وعدة حقن أيضًا قابلة للاستبدال مزودة بإبرة توضع تحت الجلد، وخرطوم ليصل بين الإبرة والمضخ، حيث يتم أخذ الأنسولين الموصوف للمريض ووضعه في الخزان الذي يوضع في الجهاز باستخدام إبرة عادية، ثم يوضع الأنسولين في الجهاز بعد إخراج الهواء من الخرطوم نهائيًّا قبل حقنه تحت الجلد في جسم المريض. وبعض الأنواع المتطورة من هذا الجهاز يمكنها حساب كمية الأنسولين التي يحتاجها الجسم طبقًا لكمية النشويات التي يتناولها المريض ونسبة الجلوكوز في دمه ونسبة الأنسولين الموجودة بالدم، كما أنها تحتفظ بكل نسب الأنسولين السابقة، والتي تتيح مراقبته بشكل دقيق وعلى فترة طويلة”. زرع البنكرياس أما جديد جراحات مرضى السكر، يشير الدكتور الخطيب إلى أن عمليات زرع البنكرياس تقدمت كثيرا في زرع خلايا بنكرياسية في أكباد المصابين بالسكري باستخدام الخلايا الجذعية، التي تستغرق نحو نصف يوم فقط، وهذا النوع من العمليات يتطور بسرعة جيدة، حيث يتم وضع الخلايا داخل كبسولة خاصة ويتم زراعتها داخل جسم المريض، وحققت نسبة نجاح هائلة لمرضى السكر من النوع الأول، أما النوع الثاني من مرض السكر فهم لا يحتاجون غالبا إلى زراعة خلايا البنكرياس ما دام مستوى السكر عندهم منضبطا وعادة لا يصابون بالسكر إلا بعد سن الثلاثين، ولا يحتاجون إلى زرع خلايا البنكرياس إلا بعد مدة طويلة من الإصابة عندما يكون البنكرياس قد توقف عن إفراز الإنسولين، وهنا تصبح الزراعة مفيدة”. الإمارات العاشرة عالمياً أشارت الإحصائيات الأخيرة للاتحاد الدولي للسكري،إلى أن السكري يصيب 19,2 % من سكان الإمارات، وتحتل الدولة المرتبة العاشرة ضمن لائحة البلدان التي تشهد أعلى نسبة انتشار للسكري في العالم. ويصيب السكري أكثر من 346 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم. ومن المرجح أن يزداد ذلك العدد بنسبة تفوق الضعف بحلول عام 2030 كما أنه من المتوقع أن يصبح السكري سابع أسباب الوفاة الرئيسية في العالم خلال الخمسة عشر عاما المقبلة، إذا لم تتخذ أي إجراءات للحيلولة دون ذلك. والجدير بالذكر أن نحو 80 % من وفيات السكري تحدث في البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل. وتحتفل الإمارات بالمناسبة هذا العام تحت شعار “السكّري: علينا أن نحمي مستقبلنا” ويهدف الشعار إلى التركيز على التثقيف الصحي والتوعية بسبل الوقاية من هذا الداء بين الأجيال الصاعدة من الأطفال والمراهقين.