وثانياً هناك استغلال بعض الأطراف المحلية والخارجية لبعض الإجراءات التي تتخذها دول المجلس لدعم أوضاعها المالية بعد انهيار أسعار النفط، بما في ذلك القيام ببعض الإصلاحات التي تشكل أهمية كبيرة لاستقرار الأوضاع الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل، وهي تغيرات إيجابية يتم تحريفها بهدف التحريض الرخيص، وثالثاً تأتي الحملات الإعلامية التي تستهدف دول المجلس من أكثر من طرف، بما فيهم حلفاء الأمس، محملين الخليجيين العديد من التبعات التي لا علاقة لهم بها، ففي الأسبوع الماضي نشرت إحدى الصحف البريطانية مقالاً حملت فيه دول المجلس مسؤولية التغيير المناخي! علماً بأن أكبر مُصدّر لغاز ثاني أكسيد الكربون، هي الولايات المتحدة التي يشكل اقتصادها 20% من حجم الاقتصاد العالمي.
وفي فترة سابقة، اتهمت دول المجلس بأنها لا تقوم بما يلزم لاستقبال اللاجئين السوريين، في الوقت الذي يقيم على أراضيها أكبر جالية سورية مقارنة بأي مكان آخر في العالم، منها 250 ألف في دولة الإمارات ومثيلهم بالكويت، وأكثر من مليون في السعودية ليتجاوز العدد الإجمالي مليوني مقيم، وهو يفوق الأعداد التي استقبلها الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال. هذه مجرد أمثلة لحملات إعلامية تستهدف دول المجلس، وتستخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي بصورة خبيثة ومشوهة، إذ لا نستبعد أن تقوم إحدى هذه الجهات وتلقي باللائمة على دول المجلس في انقراض الديناصورات قبل ملايين السنين!
ولكن في الوقت الذي يشعر فيه المراقبون المناوئون لكوريا الشمالية بالشماتة، وهم يرون فريق تطوير الصواريخ التابع لتلك الدولة وهو يتعثر، ويخفق، ويضحكون في سرهم من النوعية المتواضعة لصواريخ تلك الدولة، فإن ما يمكن قوله هو أن الشماتة في مثل هذه الظروف لا تعد فحسب شعوراً سابقاً لأوانه، وإنما هي شعور مضَلل أيضاً.
حسب المعلومات المتاحة، يرجح أن يكون الصاروخ الكوري الشمالي الذي تم إطلاقه نسخة معدلة من الصاروخ الروسي القديم «إس.إس- إن-5 أو «سارك» من النوع الذي يتم إطلاقه من على ظهر غواصة. وإذا أخذنا في الاعتبار أن تطوير الصاروخ الروسي الأصلي، قد استغرق أربعة أعوام كاملة، على الرغم من التقدم العلمي والتقني الروسي مقارنة بكوريا الشمالية؛ فإن المتوقع أن تستغرق عملية تطوير الصاروخ الكوري الشمالي، وقتاً مماثلاً أو ربما أطول، كما يمكن أن تتعرض تلك العملية في غضون ذلك إلى تعثرات تعوق تقدمها، قبل أن تحقق النجاح في نهاية المطاف.
يقول ليونيد برشيدسكي: إن بوتين يستطيع تقوية تنافسية روسيا عبر التراجع بحذر في أوكرانيا، وإقناع الغرب برفع العقوبات على روسيا، وتحرير المناخ الاقتصادي لكن هذا ذلك يعني تفكيك العمود الفقري لنظامه. حتى الأمس القريب، كان من السهل كنس الفساد المتفشي في روسيا وإخفاؤه تحت السجاد، ولكن الانخفاض المطرد في أسعار النفط أخذ يجعل الرهانات السياسية للرئيس بوتين غير آمنة. فاليوم، أخذت مشاكل البلاد تتفاقم على مرأى من الجميع، ما وضع النظام أمام اختيار صعب: إما الشروع في تبني الليبرالية أو اختيار أسلوب القمع والتضييق.
وربما يكون مثال المدعي العام «يوري شايكا» مؤشراً على ما سيحمله المستقبل لروسيا. ففي الأول من ديسمبر، قامت منظمة غير ربحية يقودها الناشط السياسي المناهض للفساد «أليكسي نافالني» بنشر نتائج تحقيق في أعمال وصفقات ابني «شايكا»، نتائج جاءت صادمة، حتى بالنسبة للروس الأشداء، إذ خلص إلى تورطهما المفترض في أعمال منافية للقانون. وضمن رد فعله، قال المتحدث باسم بوتين إن التحقيق «لم يتحدث عن المدعي العام، وإنما عن ابنيه الراشدين اللذين يعملان في عالم المال والأعمال بمفردهما»، رغم أن الهدف من التحقيق هو إظهار كيف أن علاقات «شايكا» والنظام الذي يوجد تحت إدارته، قد ساعدت مشاريع ابنيه على ما يفترض.
ومن جانبه، دخل رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف على الخط، فسعى إلى الطعن في نزاهة ومصداقية معدي التحقيق.