يواجه قطاع الطاقة النظيفة في العديد من مناطق العالم مصاعب اقتصادية وسياسية، غير أن هناك تفاوتاً بين منطقة وأخرى. وفي الوقت الذي تخضع فيه استثمارات التكنولوجيا النظيفة لقيود وتحفظات في كل من الولايات المتحدة وأوروبا تتقدم الصين في هذا المجال من خلال تأييد حكومتها لمجموعة من تقنيات الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة. وفي الولايات المتحدة شهد العديد من المؤسسات التي تقدم التمويل لشركات الطاقة المتجددة مصاعب خلال الأزمة المالية والرهونات العقارية عالية المخاطرة وقيدت حصول شركات الطاقة النظيفة على قروض. وفي الولايات المتحدة أيضاً تغير الموقف السياسي تجاه الطاقة النظيفة، وفيما يتعلق بالطاقة الشمسية مثلاً، أدى إفلاس شركة سوليندرا المتمركزة في كاليفورنيا والمتخصصة في صناعة ألواح الطاقة الشمسية والتي كانت قد حصلت على تمويل حكومي، إلى إعادة النظر في دعم هذه الصناعة من قبل الهيئات الفيدرالية. وقال ستيفان هيك مدير مكتب ستامفورد التابع لشركة ماكنزي الاستشارية والذي يرأس أعمال استشارات التكنولوجيا النظيفة: “هناك بالتأكيد تغير كبير في المناخ السياسي، ومع ذلك لم يتم بعد كثير من التقليص، وهذا الجو من عدم اليقين جعل المستثمرين أكثر قلقاً”. أما في الصين فهناك توجه عكسي، حيث زاد دعم الطاقة النظيفة الحكومي والشاهد على ذلك ما أعلن مؤخراً عن ترويج المركبات الكهربائية في 25 مدينة ضمن سلسلة من المبادرات الطموحة. حصلت العديد من مشاريع الطاقة النظيفة على تمويلات عن طريق “آلية التنمية النظيفة” التي من خلالها يتاح لشركات في الدول الصناعية الحصول على حوافز تقليص الكربون للمشاريع الاستثمارية التي تحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة. ورغم احتمالات إيقاف آلية التنمية النظيفة في نهاية فترة كيوتو الأولى في نهاية عام 2012، إلا أن الصين على ما يبدو لا تعتزم تقليص دعمها للطاقة النظيفة. وقال آرن آيك خبير آلية التنمية النظيفة في شركة بوينت كربون التابعة لطومسون رويترز والتي تقدم التحليلات والأنباء عن الطاقة والبيئة: “لن تتأثر الصين بقرار آلية التنمية النظيفة، بالنظر أن لديها أهداف طاقة متجددة كبرى ومشاريع ضخمة وفائضاً نقدياً كبيراً وهي بالتالي لا تعتمد على آليات بعينها”. يأتي ذلك في الوقت الذي يعمل فيه تعطش الصين للطاقة وما يصاحبه من مشاكل بيئية على توجيه استثمارات إلى مجموعة كبيرة من تقنيات الطاقة. ونظراً لأن العديد من الحكومات تستحدث إجراءات التقشف فهي تعيد النظر في كل البنود بما يشمل حوافز إمداد الشبكات العمومية بالكهرباء المتولدة من الطاقة الشمسية والإعفاءات الضريبية التي يستفيد منها مطورو مزارع طاقة الرياح، غير أنه ليس من المؤكد حتى الآن إن كان ذلك سيؤدي إلى تقليص كبير لما تقدمه الحكومات من دعم للطاقة النظيفة. قامت ألمانيا على سبيل المثال بتقليص حوافر إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وهو ما يعزي إلى أن تكاليف صناعة الطاقة الشمسية انخفضت لدرجة أنها في بعض المناطق تساوي تكاليف إنتاج كهرباء الشبكة العمومية التقليدية. وقال خبراء إنه مع استمرار تقدم التقنيات واستمرار انخفاض التكلفة فإنه من المنطقي أن نشهد تقليصاً تدريجياً لحزم الدعم والحوافز في بعض الأسواق، وقالوا أيضاً إن هناك أنشطة متعلقة بكفاءة الطاقة لم تتأثر نسبياً بالركود الاقتصادي مثل صناعات المواد العازلة ونظم تكييف الهواء الجديدة وتطوير نظم الإضاءة. لا تتطلب إجراءات كفاءة الطاقة من الشركات سوى القليل نسبياً من الاستثمارات، كما أن مردود هذه الإجراءات سريع عادةً، ويرى بعض الخبراء أن في مقدور الشركات تقليص 15 إلى 20% من تكاليف طاقتها من خلال تفعيل إجراءات كفاءة الطاقة. نقلاً عن: «فايننشيال تايمز»