رغم أن الدورة الخامسة من مهرجان الشارقة المائي يستضيف نشاطات متنوعة تقدمها الفرق الآسيوية والاستعراضات الروسية والفلكلور الإيرلندي، إلا أنه لم يغفل هويته الوطنية وتراثه الأصيل، حيث أفرد ركنا خاصا بالتراث أراد من خلاله أن يرمز إلى كل ما يعتز به من عادات وتقاليد ومأكولات شعبية، إلى جانب عرض بعض المقتنيات والكتب القديمة التي تمثل قيمة معنوية لكل أهل الإمارات. إلى ذلك، يقول رئيس قسم الإعلام في هيئة الإنماء التجاري والسياحي، طارق النقبي “مع أن المهرجان المائي يعتبر سياحيا وترفيهيا بالدرجة الأولى إلا إننا لم نستطع أن نتجاهل أهمية التراث الوطني، فأدرجناه ضمن مختلف الفعاليات، وخصصنا ركنا من أركان حديقة المجاز ليكون حاضنا للوجهة التراثية والحضارية التي تمثل الدولة، وتعاونا مع إدارة التراث لتمدنا باللازم، حيث تم بناء “العريشة”، من سعف النخيل والخيش لتكّون حجرات مصممة على الطراز القديم للعرائش التي كان يستخدمها سكان الإمارات قديما للتسامر والسهر، وقسمناها إلى عدة أماكن بحيث تحتوي على المأكولات الشعبية، والأزياء التراثية، والمقتنيات القديمة مع بعض الكتب والمخطوطات”. ويكمل “على الرغم من صغر المساحة التراثية في المهرجان بكل ما تحمله من مدلولات رمزية، إلا أنها ومنذ اليوم الأول تحظى باستقطاب جماهيري واسع وتجذب الزوار صغارا وكبارا، حيث تعبق رائحة الهيل والزعفران مع عبير القهوة وماء الورد والقرنفل لتختلط بروائح الخبز وكل ما لذ وطاب من الأكلات الشعبية التي تحضر مباشرة أمام الحضور”. وعن مشاركتها في فعاليات المهرجان، تقول موزة راشد، من القسم التراثي في مهرجان الشارقة المائي، وصاحبة مطبخ “ميثة الشعبي”: “نشارك بشكل دوري في كل موسم تقريباً، ونأتي بتنسيق مع إدارة التراث في الشارقة، فهي الجهة التي توجهنا نحو المهرجانات والاحتفالات المختلفة في الإمارة، لنقدم مجموعة منوعة من المأكولات الشعبية للحضور والزوار من مختلف الجنسيات، لنعّرف من خلالها الأجيال الجديدة الأساليب التقليدية القديمة التي كان يتم بها العجن والخبز والطبخ في بيئة الإمارات، فيتاح لها الاطلاع على عروض حية ومشاهدة عملية وتفصيلية لتحضير الوجبات التقليدية”. وتضيف “أبدأ عصر كل يوم تحضير أكلات شعبية متعددة لجمهور المهرجان، منها اللقيمات والمضروبة، والمرقوقة، والعرسّية ، وخبز الخمير والخبز الجباب، ويتحّلق حولي الكثير من الزوار خاصة عندما أبدأ بقلي أقراص “اللقيمات” اللذيذة بصورة مباشرة أمامهم، حتى تكتسب اللون الذهبي الشهيّ، فأخرجها من المقلاة لأسقطها في صحن من الدبس أو الشيرة (الماء المهّيل والسكر) مع رشة من السمسم المحمص تنثر على الوجه عند التقديم ليستمتع الجميع بمذاقها المميز”. وتبدو أم علي منهمكة في خلط مقادير العجين وتحمية الصاج، لتبدأ بتحضير خبز “الرقاق” على الطريقة التقليدية، في هذا السياق، تقول “أنا مختصة في خبز الرقاق على الصاج وأعده بالطريقة القديمة التي تعلمتها من أمي وجدتي، ولكن في السنوات الأخيرة دخل على “الرقاق” نكّهات مضافة، فإما أن ندهنه بالسمن العربي ونرش عليه “المشاوا”، أو نضيف له بعض الجبن أو العسل أو البيض المخفوق، ليؤكل ساخنا ومقرمشا مع كوب من الشاي”. وتتابع “أجواء المهرجان المائي في الشارقة عامرة، ونسبة الحضور عالية خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، ولا شك أن ركن التراث يستقطب الزوار، لما يقدمه من ألوان متعددة ووجبات لذيذة من الأكلات الشعبية والمشروبات العربية والحلويات والأطايب الإماراتية التراثية”.