أنتظر من الاتحادات العربية لكرة القدم في غرب آسيا دراسة فعاليات كأس الأمم جيداً.. أنتظر دراسة علمية بالتحديد من جانب الاتحاد الإماراتي، بما أراه فيه من جدية علمية، تبحث في أسباب فوز منتخب أستراليا باللقب الأول بعد سنوات قليلة من الانضمام إلى اتحاد القارة في تحرك شديد الذكاء من جانب الأستراليين، منحهم فرصة النهوض بمستوى كرة القدم في بلادهم، وفرصة التأهل للمونديال بمنافسات المجموعات الآسيوية، بدلاً من نصف المقعد الذي كان متاحاً لمنطقة الأوقيانوس. بالفعل شهدت سيدنى تاريخاً فريداً، حين فاز منتخب «الكنجارو» باللقب ليكون أول فريق في تاريخ كرة القدم يحرز البطولة في قارتين، وهو أمر نادر لا يحدث إلا في كرة القدم، لكنه لا يعني أبداً المطالبة بإبعاد أستراليا عن الاتحاد الآسيوي، وإعادتها من حيث أتت.. ولا أفضل أن يكون ذلك مطلباً عربياً بالتحديد، فإذا كانت أستراليا نهضت بآسيا فإن آسيا عليها أن تقوى بأستراليا.. وعندي نظرية قديمة لم أتخل أبداً عنها، لا في الحياة ولا في الرياضة: «القوي هو من يهزم الأقوياء». ماذا يملك منتخب أستراليا من أسلحة جعلته يقفز إلى قمة الهرم الآسيوي ويوسع من دائرة المنافسة؟ لم تعد دائرة المنافسة قاصرة على الغرب والشرق، فها هو الجنوب، في قلب الدائرة.. فماذا تملك أستراليا؟ إن تكتيك أي فريق في عالم كرة القدم يولد من بطن طريقة اللعب والأسلوب، وهذا المزيج هو الذي يصنع تحركات اللاعبين داخل الملعب، وكما أشرت من قبل، يملك «الأبيض» المهارات الفردية والجماعية، وهو قدم العروض المميزة، لكنه افتقد التركيز في لحظات من مباريات، كما حدث في دقيقة أخيرة أمام إيران، وفي دقائق مبكرة أمام أستراليا، وسيظل تمرير الكرة وتبادلها بين اللاعبين وفي صورة مجموعات منتشرة بالملعب، أفضل السبل لمواجهة القوة الأسترالية.. وهذا الأسلوب يحتاج إلى الانسجام، وهو موجود مع هذا الجيل الذي مضى على تكوينه تسعة أعوام. ومع هذا الانسجام لياقة فائقة، تسعف في حالات التحرك المستمر، وسرعة تمرير تكسر تجمعات الطول والقوة.. وهو أسلوب كوريا واليابان والشرق الآسيوي أيضاً، وإن كان ينقص هذا الشرق مهارات الغرب، وتلك المهارة تصنعها الفطرة، ولا تصنع في مصانع الشرق.