ناصر الجابري (أبوظبي)

أكد معالي حمد الحر السويدي، رئيس جهاز أبوظبي للمحاسبة، أن الجهاز يهدف من خلال العمل مع الخبراء من المتخصصين والأكاديميين حول العالم إلى تسليط الضوء على المخاطر والآثار الناجمة عن الممارسات والتجاوزات وزيادة الوعي حول العوامل والظروف التي تتيح عمليات الاحتيال.
جاء ذلك خلال انطلاق أعمال الدورة الرابعة من مؤتمر «مكافحة الاحتيال في الشرق الأوسط 2019»، أمس، والذي يمتد لمدة 3 أيام في فندق جميرا أبراج الاتحاد بأبوظبي، بتنظيم جهاز أبوظبي للمحاسبة بالتعاون مع جمعية محققي الاحتيال المعتمدين، بحضور 450 مشاركاً في الجلسات وورش العمل.
وقال معاليه في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر: إن استضافة أبوظبي المؤتمر للدورة الثانية على التوالي، تجسيد عملي لإيماننا الراسخ بأهمية الحل المشترك لإيجاد الحلول الفعالة لترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة، حيث يجمعنا هدف واحد وهو المساهمة في بناء مستقبل أفضل لشعوبنا ومجتمعاتنا.
وأضاف معاليه: يعمل المؤتمر على تحديد مكامن الخلل على مستوى البيئة الرقابية لمعرفة الأسباب الجذرية من أجل وضع الضوابط الرقابية والكاشفة والرادعة، مشيداً معاليه بالتوجيهات السديدة للقيادة الرشيدة ودعمها المتواصل لكافة المبادرات والفعاليات التي تعزز من مسيرة التنمية المستدامة، وإرساء أعلى معايير الحوكمة والشفافية والتنافسية.
وأشار معاليه إلى أن عالم الأعمال ومنظومة العمل الحكومي في أي دولة من العالم عرضة لمخاطر جمة، خاصة في ما يتعلق بالممارسات البعيدة عن مبادئ الالتزام والحوكمة، ما يتطلب وضع وتطبيق الضوابط التي تضمن صحة المعاملات بشفافية مطلقة وبنظام حوكمة متكامل، حيث يأتي المؤتمر إيماناً بضرورة مواجهة المخاطر ومعرفة مسبباتها.
ولفت معاليه إلى أن الفساد يعتبر من أكبر العقبات لتحقيق التنمية المستدامة، حيث أعلنت الأمم المتحدة بالتزامن مع اليوم الدولي لمكافحة الفساد خلال ديسمبر الماضي، أن التكاليف السنوية للفساد الدولي تبلغ 3.6 تريليون دولار، أي ما يقارب 4.5 % من الناتج الإجمالي العالمي لعام 2017 بحسب إحصاءات البنك الدولي، وهو ما ينعكس سلباً على النشاط الاستثماري والاقتصادي.
وبين معاليه أن تكلفة الفساد لا تقتصر على قيمة الأموال المهدورة فقط بل تتعدى ذلك، فهي تشمل تدهور مستوى المعيشة، وعدم تطور خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية، بما يوثر سلباً على المجتمعات، حيث إن مخاطره دائمة، وهي جزء من البيئة التشغيلية والتنظيمية؛ لذا ينبغي تحديد المخاطر المؤسساتية وتقييم آثارها ووضع ضوابط للحد من حصولها وتطبيق منظومة متكاملة للمحافظة على مستويات المخاطر.
وشدد معاليه على أنه من المهم التعامل بشكل جدي وحازم مع المسببات الرئيسة التي تشكل البيئة الحاضنة لمثل هذه الممارسات، ما يتطلب من المكلفين بالحوكمة وضع الضوابط الرقابية لمنظومة الحوكمة، وإطلاق برامج التدريب وخلق منصة للأبحاث والمؤتمرات.
وشهد اليوم الأول من المؤتمر سلسلة جلسات ركزت على المواضيع الأبرز في مكافحة الاحتيال حول العديد من المجالات، بما فيها قطاع الطاقة، وتحليل البيانات، خاصة في ظل تزايد استخدام الهواتف الذكية، والاستفادة من التكنولوجيا في التحقيقات، والتركيز على أهمية عمليات التدقيق، إضافة إلى جلسات حول ضرورة تحسين أمن البيانات مع تعاظم دور الشركات التكنولوجية الكبرى، وحصولها على البيانات الشخصية، وتسليط الضوء على أحدث أدوات النظام الأوروبي العام لحماية البيانات، والتغيرات المهمة التي تحتاج المنظمات إلى اعتمادها في أمن البيانات.
وقال الدكتور ستيفن هيل، العضو المنتدب لشركة «هيل بينغهام ليمتد» ضمن جلسة حول النظام الأوروبي العام لحماية البيانات: إننا نعيش اليوم في عالم أصبحت فيه البيانات رصيدنا الأهم ومسؤوليتنا الأكبر في آن معاً، حيث يسهم النظام في الارتقاء بحماية المعلومات إلى المستوى التالي من خلال علاج مخاوف الناس بشأن خصوصية بياناتهم، خاصة أن للجرائم المالية أضراراً بالغة على الاقتصاد العالمي، وباتت خسائر عمليات الاحتيال ضخمة، بما يفرض ضرورة إدراك مخاطر الاحتيال التي تواجهها شركاتهم وكيفية حمايتها من المخاطر.
وأشاد هيل بجهود جهاز أبوظبي للمحاسبة في نشر ودعم الممارسات الرائدة لمكافحة الاحتيال وتعاون الجهاز مع منظمات رائدة مثل جمعية محققي الاحتيال المعتمدين، بما يؤكد أعماله في توعية المعنيين بسبل كشف ومنع حدوث مثل هذه الأنشطة، حيث يتيح المؤتمر الفرصة للمشاركة في تبادل الخبرات والاستماع إلى أبرز المتحدثين بشأن كيفية مكافحة عمليات الاحتيال.
وتضمنت الجلسات تسليط الضوء على أهداف جهاز أبوظبي للمحاسبة المتمثلة في الارتقاء بمبادئ المحاسبة والشفافية في حكومة أبوظبي والجهات العامة التابعة لها والتحقق من فعاليتها وكفاءتها في استخدامها لمواردها بما يتماشى مع تحقيق الرؤية الشاملة لإمارة أبوظبي، حيث يمارس الجهاز مهامه في الجهات الخاضعة من دوائر وهيئات محلية تابعة لإمارة أبوظبي، إضافة إلى المؤسسات والشركات التي تساهم حكومة إمارة أبوظبي فيها بنسبة لا تقل عن 50 % والجهات التابعة لها.