الأشخاص الذين يحبون الزبادي لا يستمتعون فقط بمذاقه وطعمه، بل أيضاً بالفوائد التي يضيفها إلى نظامهم الغذائي ومن ثم إلى لياقتهم الصحية. فقد أظهرت دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «تغذية» الأميركية أن الانتظام في تناوُل الزبادي قليل الدسم يجعل الجسم يحصل على مغذيات مهمة يبقى غير مستهلكي الزبادي محرومين منها، أبرزها الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم والفيتامين»بي 12»، ناهيك عن تسهيله عملية الهضم والأيض والتمثيل الغذائي. أفاد باحثون من جامعة توفتس بعد الدراسة التي أنجزوها عن تأثير تناوُل الزبادي على جودة النظام الغذائي أن الأشخاص الذين قالوا إنهم يتناولون الزبادي لهم قاسم مشترك واحد، وهو ميلهم إلى تناوُل كميات أكبر من الفواكه والخضراوات والمكسرات والسمك والحبوب الكاملة، وأن أنظمتهم الغذائية تحوي سعرات حرارية أقل من اللحوم المعالَجة والحبوب المكررة، بالمقارنة مع أولئك الذين لا يتناولون الزبادي. ويقول الدكتور بول جاك، قائد فريق البحث ومدير مختبر وبائيات التغذية بمركز جون ماير لبحوث التغذية البشرية في جامعة توفتس، «الزبادي هو مصدر جيد جداً للعديد من المغذيات المهمة التي لا يستهلك الأميركيون ما يكفي منها كالكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم». ويضيف: «إن إضافة الزبادي إلى النظام الغذائي تُكمله وتجعل الجسم يحصل على متطلباته الغذائية كاملة، بما فيها تلك التي تكون غير موجودة في الأطعمة اليومية المألوفة». وتوصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد تحليلهم بيانات جمعوها من عند أكثر من 6,500 راشد تتراوح أعمارهم بين 19 و89 سنة، وهم أبناء وأحفاد للمشاركين الأصليين في دراسة فرامينجهام طويلة المدى حول القلب، والتي بدأت سنة 1948 وشارك فيها إلى الآن ثلاثة أجيال. وقد تابعت هذه الدراسة الحالة الصحية لمجموعة من المشاركين طوال 50 سنة، وحاولت التعرف إلى الأسباب الشائعة للإصابة بالجلطة القلبية والسكتة الدماغية لدى فئات واسعة من الناس الذين لم يصابوا بعد بمثل هذه المشكلات الصحية. وكان الباحثون قد طلبوا من النساء والرجال المشاركين في الدراسة تعبئة استبيان يتكون من 126 سؤالاً عن عدد المرات التي تناولوا فيها بعض المأكولات والمشروبات في السنة الماضية. تكملة النواقص من بين الأشياء التي طُلب من المشاركين في الدراسة الإجابة عنها أن يتذكروا كم مرة تناولوا فيها كوب زبادي. وكان الجواب قائماً على سلم من تسع نقاط يتدرج من «لم أتناوله قط» إلى «أقل من مرة في الشهر» إلى «أكثر من ست مرات في اليوم». وقد وجد الباحثون أن 53,8% من المشاركين في الدراسة تناولوا الزبادي. واكتشفوا أن النساء أكثر شغفاً بالزبادي، إذ وصلت نسبة من يأكلن الزبادي منهن إلى 64%. في حين لم تتجاوز هذه النسبة 41% لدى الرجال. وسجل الباحثون أن معدل الكمية المستهلَكة من الزبادي لدى المشاركين تراوحت ما بين كوبين وربع كوب أسبوعياً. ولا يمثل الزبادي إلا ما بين 1% إلى 6% من السعرات الحرارية اليومية التي يتناولها الناس. وبالإضافة إلى دوره في تحسين جودة النظام الغذائي، لاحظ الباحثون أن النساء والرجال الذين يتناولون بضع ملاعق من الزبادي على نحو منتظم كل أسبوع تحصل أجسامهم على كميات أكبر من البوتاسيوم. كما أنهم أقل معاناة من نقص الكالسيوم بنسبة 48%، ومن نقص المغنيزيوم بنسبة 38%، ومن نقص الفيتامين»بي 12» بنسبة 55%، وذلك مقارنة بالممتنعين عن أكل الزبادي. وتجدُر الإشارة إلى نقص الفيتامين»بي 12» منتشر أكثر لدى المسنين والمتقدمين في العمر. ويقول الدكتور بول جاك «وجدنا أن مستهلكي الزبادي يحصلون في الواقع على كميات أكبر من العناصر الغذائية». ويضيف «إذا استبدل الناس في نظامهم الغذائي بعض الأطعمة متدنية القيمة الغذائية بالزبادي، فإن ذلك سيساعدهم على تعويض النقص الذي يعانونه في بعض المغذيات الأساسية التي تحتاج إليها أجسامهم». بديل الحليب كان باحثون قد جمعوا في فترة سابقة ما بين سنتي 1998 و2005 بيانات عن مدى استهلاك الزبادي، وكان ذلك قبل غزو منتجات الزبادي اليوناني للسوق الأميركية. غير أن مستويات استهلاك الزبادي في المجتمع الأميركي تبقى إلى الآن أقل مما هو عليه الحال في بعض الدول الأوروبية وأجزاء من الشرق الأوسط. ويقول الباحثون إن معظم الأميركيين الراشدين لا يحصلون على ما يكفيهم من الحليب واللبن ومشتقاتهما، والتي تحددها توجيهات السلطات الغذائية فيما لا يقل عن ثلاثة أكواب حليب البقر أو الصويا أو الزبادي، وأحد مشتقات الألبان قليلة الدسم كل يوم. وينوه الباحثون بأن تناول كوب واحد من الزبادي قليل الدسم له قيمة غذائية مماثلة لتلك الموجودة في كأس حليب قليل الدسم، علاوة على احتوائه على 50% إضافية من البوتاسيوم والكالسيوم والمغنيزيوم. ولا تقتصر فوائد الزبادي على تزويد الجسم بكميات كافية من هذه العناصر الغذائية المهمة فقط، بحسب الباحثين، وإنما تشمل ميزات أخرى منها على سبيل المثال أنها تقدم خدمة جليلة إلى المعدة والأمعاء والجهاز الهضمي بشكل عام، إذ تزود الجسم بأنواع من البكتيريا النافعة التي تساعد في الهضم، وتجعل عملية الأيض والتمثيل الغذائي أسهل، إضافة إلى إسهامها في صد البكتيريا الضارة والمدمرة والحيلولة دون تسببها في إضعاف أداء الجهاز الهضمي. هشام أحناش عن موقع «today.com»