تعثرت كل الحلول والمبادرات لحل الأزمة اللبنانية بعدما أدخل الاستحقاق الرئاسي في ''قمقم'' التجاذبات الاقليمية والدولية، وبات انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية شبه مستحيل ضمن المهلة الدستورية المحددة ما بين 23 سبتمبر و23 نوفمبر· وكشفت مصادر مقربة جداً من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لـ''الاتحاد'' بأن مهمة النائب ميشال المر الرامية الى جمع بري بالبطريرك الماروني نصرالله صفير فشلت في تقريب وجهات النظر بين الرجلين حول الحل، وأكدت بأن اللقاء الذي كان مرتقباً نهاية هذا الاسبوع لن يعقد، وتأجل الى ما بعد عودة صفير من رحلة الى الفاتيكان تبدأ مطلع سبتمبر المقبل وتنتهي في 15 منه، ما يعني هروب بكركي الى الامام، وعدم رغبتها في دخول و''حول'' المستنقع اللبناني، مع العلم بأنها هي المعنية مباشرة بهذا الاستحقاق· وقالت مصادر ديبلوماسية عربية واجنبية في بيروت لـ''الاتحاد'' ان الصراع المحتدم بين حكومتي السعودية وسوريا اثر سلباً على جميع مساعي التهدئة في لبنان، وعزز الانقسام بين فريقي الاكثرية والمعارضة، وأدى الى إعادة خلط اوراق الازمة اللبنانية من جديد· وكانت آخر الافكار المتداولة خلف الكواليس السياسية إعلان صفير أنه لا يعترض على تعديل الدستور اذا كان الهدف انقاذ لبنان، وأوضح أنه ينطلق في موقفه الرافض لتعديل الدستور من موقف مبدئي لأن الدول تحترم دستورها وهو ليس لعبة، وقال ''أنا مع الانضباط، مع القانون، مع الدستور··· واذا كان قائد الجيش ينقذ البلد أهلا وسهلا به''· وكشف صفير أن هناك فكرة متداولة حاليا بانتخاب رئيس انتقالي لمدة سنتين، وقال ''لست أدري اذا كان ذلك حلا أو أنه بداية لمغامرة''، متسائلا من هو الذي يقبل بولاية لسنتين وما هي الضمانة بأن لا يقبل بالسنتين ثم يطالب بالتمديد أو بولاية كاملة، محذرا من أن هذه الخطوة قد تتحول الى عرف''· وقال صفير انه يشعر بالقلق على البلد بأسره وليس على المسيحيين أو الموارنة، وقال ''إننا نعيش في قلب الخطر، وعندما يتم الحديث عن حكومتين ورئيسين ولبنانين يعني ذلك أننا في خطر''· وأكد أنه حسم موضوع نصاب الثلثين لأنه لا يجوز الا ان يكون رئيس الجمهورية حائزا على أوسع اجماع، وقال ''اذا انتخب فريق على اساس النصف زائد واحد سيتهم بخرق الدستور وعند ذلك سيبادر الطرف الآخر الى ايجاد حجة لمخالفة الدستور وانتخاب رئيس ثان بأقل من النصف زائد واحد ويصبح هنالك رئيسان''· وسارعت قوى 14 مارس الى الرد على صفير وشنت هجوماً عنيفاً على الجنرال سليمان، رافضة تعديل الدستور لصالحه، ووصفته بـ''الموظف'' الذي لا يحق له اطلاق المواقف، على خلفية تبرئته لسوريا من عصابة ''فتح الاسلام'' وربطها بتنظيم ''القاعدة'' العالمي، واتهمت بعض قيادات فريق الاكثرية قائد الجيش بالسعي الى موقع الرئاسة من خلال فتح قنوات مع دمشق· وجاءت مواقف البطريرك صفير، بينما كان مقر البطريركية الماروني الصيفي في الديمان يشهد زخما من الاتصالات خاصة من خلال الزيارتين المتتاليتين لكل من السفير الأميركي جيفري فيلتمان وبعده النائب ميشال المر، قبل أن ينتقل كل من الاثنين الى عين التينة للاجتماع أيضا برئيس مجلس النواب نبيه بري لإطلاعه على محصلة التشاور مع صفير، وشدد فيلتمان على المساعدة لإنضاج الظروف التي تؤدي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية· وفي الوقت نفسه، سجلت عودة السفير السعودي عبدالعزيز خوجة الى بيروت، قادما من فرنسا حيث التقى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والنائب سعد الحريري، وفور وصوله اجتمع بالرئيس بري ونقل اليه موقف فريق الأكثرية الرافض لتشكيل حكومة وحدة وطنية قبل موعد الاستحقاق الرئاسي، وهو الأمر الذي أكدت عليه مصادر قيادية في قوى 14 مارس بقولها ان الأكثرية تصر على اعتماد السلة المتكاملة عبر الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية قبل الخامس والعشرين من سبتمبر والدخول بعدها في حوار حول الحكومة التي سيتم تشكيلها مع بدء العهد الجديد· وقالت المصادر نفسها ان السعودية والجامعة العربية والولايات المتحدة تساند موقف فريق الأكثرية، وبالتالي فإن أية محاولة للتركيز على الموضوع الحكومي هي محاولة لتقطيع الوقت وللهرب من الاستحقاق الرئاسي·