هنالك العديد من اللاعبين الذين تركوا بصمات واضحة في عالم كرة القدم والملاعب من خلال أدائهم وإنجازاتهم المتميزة، بينما كانت تصرفات وسلوكيات البعض داخل وخارج الملعب مثارا للجدل، وأصبح آخرون فاكهة المباريات والبطولات العالمية والإقليمية، وكان لبعض حراس المرمى نصيب الأسد من ذلك، وكان معظم المواقف الطريفة الملفتة للنظر أوالمثيرة للجدل أبطالها حراس المرمى وبشكل خاص في المباريات الدولية ونهائيات كأس العالم، فالحارس المكسيكي كامبوس كان يضع ريشا على رأسه على طريقة الهنود الحمر، ويرتدي ملابس غريبة زاهية الألوان كان يقوم بتصميمها وحياكتها بنفسه، كما كان أيضا مهاجما يتمتع بإمكانيات فنية هائلة، وشارك في عدد من المباريات وأحرز أهدافا، واشتهر اثنان من الحراس وهما الباراجواني تشيلافيرت وحارس ساو باولو البرازيلي بغزارة الأهداف وإجادة تسديد ضربات الجزاء والركلات الحرة خارج المنطقة، بينما اشتهر حارس مرمى فرنسا المخضرم فابيان بارتيز بنزعته الهجومية وميله للألعاب الاستعراضية، وكثيرا ما شارك كمهاجم في عدد من المباريات الودية التكريمية· ولكن من أشهر الحراس الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس حارس كولومبيا الدولي الأسبق رينيه هيجيتا الذي حملت الأنباء مؤخرا عودته مجددا إلى الملاعب في سن الأربعين ليحتل بذلك صدر نشرات الأخبار والصفحات الرياضية بعد أن وقع عقدا هذا الموسم مع فريق جواروس دي لارا الصاعد حديثا لدوري الدرجة الأولى في فنزويلا، ويحتل هيجيتا صدارة قائمة اللاعبين المشاغبين والمثيرين للجدل في عالم كرة القدم وليس على مستوى حراس المرمى فحسب، كما أنه اشتهر بمغامراته الصبيانية داخل الملعب وتقدمه للهجوم واللجوء للمراوغة واللعب الاستعراضي على حساب الجانب الدفاعي الذي كثيرا ما أوقع فريقه في عدة مشاكل لعل أبرزها مغامرته الشهيرة في نهائيات كأس العالم 1990 في إيطاليا حينما حاول مراوغة الأسد الكاميروني العجوز الماكر روجيه ميلا الذي اختطف منه الكرة ببراعة فائقة وراوغه واتجه نحو المرمى الكولومبي وهيجيتا يلهث خلفه جاهدا محاولا اللحاق به دون جدوى حتى أودع الكرة في المرمى الخالي في حادثة ظلت عالقة بالأذهان كإحدى أطرف اللقطات في النهائيات ولكنه دفع الثمن غاليا بخروج المنتخب الكولومبي من ربع النهائي· ولكن يحسب لهيجيتا أنه صاحب أجمل لقطة لحارس مرمى على الإطلاق في تاريخ كرة القدم حينما تصدى للكرة في المباراة الودية الدولية بين المنتخب الكولومبي وانجلترا في عام 1995 وتمكن من إنقاذها بكعبيه على طريقة العقرب في لقطة رائعة قلما تتكرر مجددا، والتي صنفتها القناة الرابعة في التلفزيون الإنجليزي في عام 2002 في المركز الرابع والتسعين ضمن أجمل وأروع مائة لقطة في تاريخ كرة القدم· حياة شخصية مضطربة لم تقتصر مغامرات هيغيتا على الملاعب فحسب، بل امتدت لتؤثر حتى على حياته الشخصية أيضا التي كانت حبلى بالمشاكل حيث تم اعتقاله وأودع السجن في عام 1993 إثر تورطه في حادثة اختطاف بين عصابات المخدرات في كولومبيا، حينما قام بلعب دور الوسيط بين بارون المخدرات الكولومبي الشهير بابلو إسكوبار وكارلوس مولينا، حيث يعود إليه الفضل في إخلاء سبيل ابنة مولينا بعد قيامه بتسليم مبلغ الفدية، وتلقى مقابل ذلك مكافأة قدرها 64 ألف دولار، الأمر الذي اعتبر انتهاكا للقانون الكولومبي حيث إنه ارتكب جناية الكسب غير المشروع من عملية الاختطاف، وتم سجنه لمدة سبعة أشهر قبل أن يطلق سراحه بدون توجيه أي تهم ضده، وفي معرض تعليقه على ذلك قال هيغيتا ''إنني لاعب كرة قدم ولم أكن أعرف أي شيء عن قوانين الاختطاف''، وبسبب تلك الحادثة لم يتمكن هيجيتا من المشاركة مع المنتخب الكولومبي في نهائيات كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة، ولكن المصائب لا تأتي فرادى ففي فضيحة أخرى كشفت فحوصات عشوائية على المنشطات تعاطي هيغيتا مخدر الكوكايين في 23 نوفمبر 2004 حينما كان يلعب مع أحد الأندية المحلية في كولومبيا· الخبرة ضرورية لحراس المرمى في لقاء مع موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا دوت كوم'' قال هيجيتا إن مشواره في كرة القدم لم ينته بعد وأنه ينوي اللعب حتى سن الخامسة والأربعين، ووصف شعوره بعد بلوغه الأربعين بأنه يشعر بالارتياح والسعادة في الوقت الراهن، وأنه كان يتوق لهذه اللحظة ليراجع مسيرة الماضي وأكد جاهزيته للعودة مجددا للملاعب وأنه يؤمن بأنه كلما تقدم المرء في السن كلما ازدادت خبرته وثقته بالنفس، وفي سؤال حول ما يقال أحيانا بأنه لا شيء أفضل من وجود حارس مرمى يتمتع بالخبرة للدفاع عن عرينه، قال هيجيتا إن الخبرة تجعل الحارس يدخل الملعب بكل ثقة واطمئنان من واقع تجاربه السابقة وتعوده على أجواء الملاعب وضجيجها، وعن رأيه في كرة القدم الفنزويلية قال هيجيتا إنها ماضية قدما ولديها العديد من اللاعبين الموهوبين فنيا، إلا أن المشكلة الرئيسية تكمن في إقناعهم بذلك، وهذا ما يحدث الآن وينعكس ذلك بوضوح في التطور الذي يحدث حاليا في أداء المنتخب الوطني والنتائج الجيدة التي حققها مؤخرا، ولكن الشيء المؤسف أنهم كلما تقدموا للإمام سرعان ما ينزلقون مجددا إلى نقطة الصفر حيث إنهم لا يواصلون الأداء بنفس القوة ويفقدون الحماس وهذه مشكلة يصعب حلها· جرأة بلا حدود وردا على سؤال حول ما إذا كان لا يزال يلعب بنفس الجرأة وروح المغامرة التي كان يتحلى بها في الماضي قال هيجيتا إن ذلك يعتمد على الطريقة التي يلعب بها الفريق، فإذا كانوا يحتاجون له للعب كقشاش فإنه لن تكون لديه أي مشكلة في ذلك، وإذا لم يتطلب الأمر ذلك فإنه سيركز جهوده لحماية عرينه، وإذا ما كانت حركة العقرب الاكروباتية التي قام بها في مباراة إنجلترا وكولومبيا 1995 في عداد الماضي قال إنه ما يزال يمارسها، ولا يدري المرء متى قد يضطر لتكرارها مرة أخرى ولذلك فعلى الجميع الترقب ومتابعته عن كثب حتى لا يفوتهم ذلك· سر السروال الأزرق وحول سر ارتدائه السروال الأزرق على الرغم من اعتزاله اللعب قبل فترة قال بأن ذلك يعود إلى فترة الثمانينات حينما خسر فريقه اتليتكو ناشيونال أمام فريق ميليوناريوس، فقام هو وكارلوس بيريا بزيارة إحدى العرافات التي قالت لهما بأن شخصا ما قد عمل لهما سحرا، وقامت بتسليم جميع اللاعبين أحزمة وسراويل زرقاء لفك طلاسم السحر، وقد نجح ذلك وتوالت الانتصارات تباعا وأنهوا الموسم بالفوز ببطولة الدوري، ومنذ ذلك الحين ظل محافظا على ارتداء السروال الأزرق تفاؤلا به على حد قوله· لعنة ميلا تلاحقه وفي سؤال حول ما إذا كان الناس لا يزالون يذكرونه بحادثة روجيه ميلا قال هيجيتا إن الناس يتذكرونه بحادثتين في مشواره الكروي، الأولى مغامرته مع روجيه ميلا، ثم لقطة العقرب الاكروباتية، وحينما يصادفه شخص ما ويهنئه على تلك اللقطة النادرة سرعان ما يسأله بعدها مباشرة عن هدف روجيه ميلا، وأضاف بأنه هذه هي سنة الحياة وكرة القدم فهناك رابحون وخاسرون، وأناس طيبون وآخرون أشرار، والبعض مصاب بالسمنة والنحافة وآخرون بطول وقصر القامة، وقال إنه ليس نادما على ذلك الخطأ فقد حاول إخراج الكرة بقدمه ولكنه أخطأ فاقتنصها ميلا وأحرز هدفا· جنون حراس المرمى وفي سؤال حول ما يردده البعض من أن أعظم حراس المرمى يتسمون بالجنون، أجاب قائلا بأن بعض الناس يقولون إن العباقرة مجانين أيضا، ولكن إذا كان البعض يعتقد بأن حراس المرمى الذين يستخدمون أقدامهم بدلا من أيديهم في السيطرة على الكرة بهم مس من الجن، فإن قرارات وقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم الأخيرة تصب في صالحهم حيث فرضت على حراس المرمى عدم استلام الكرة من زملائهم بأيديهم مما سيزيد استخدامهم لأقدامهم ومن هذا المنطلق فلا أحد يمكن أن يلومهم الآن على ذلك· وحول خططه المستقبلية قال هيجيتا بأن لديه الكثير، ويرغب في مواصلة اللعب حتى سن الخامسة والأربعين، ولذلك فقد رفض جميع العروض التي تلقاها مؤخرا، منها على سبيل المثال عرض بالانخراط في مجال السياسة، وتقديم عروض تلفزيونية وتولي مهمة تدريب عدد من الأندية، إلا أنه يفضل الاستمرار كحارس مرمى وهذه المرحلة الجديدة تعتبر بالنسبة له بمثابة بداية حلم يرغب في تحقيقه، وأنه يمكنه القيام بكل الأشياء الأخرى المعروضة عليه بعد إعتزاله ، ولكنه في الوقت الراهن لديه الكثير من الأشياء التي يرغب في تحقيقها داخل الملعب· أفضل الحراس أما أكثر حراس المرمى الذين تأثر بهم ونالوا إعجابه فهم الحارس الأجنتيني المخضرم الباتو ''روبرتو'' ابوندانزيري الذي وصفه بأنه يتميز بقدر هائل من الهدوء والثبات بين الخشبات، وهناك أيضا حارس ريال مدريد الأسباني الدولي ايكر كاسياس، والإيطالي جيانلويجي بوفون الذي قدم أداء متميزا في نهائيات كأس العالم 2006 في ألمانيا ولعب دورا كبيرا في قيادة فريقه للفوز بالبطولة، وبالمقارنة يمكن النظر إلى البرازيل التي حققت الفوز بكأس العالم عدة مرات دون الاعتماد على حراس المرمى· وحول ما يرغب في تركه من ذكرى بعد اعتزاله اللعب نهائيا قال هيجيتا إنه لا يزال هناك الكثير الذي يسعى لتحقيقه ويمكن أن تطرأ عدة أحداث في غضون ذلك، ولكن أفضل شيء يمكن قوله إن هيجيتا شخص عادي كسائر البشر أرتكب بعض الأخطاء في حياته ولكنه أيضا لديه بعض الجوانب الجيدة الأخرى· إن عودة هيجيتا ليست حدثا جديدا في عالم الكرة وحراس المرمى بالتحديد الذين اشتهروا بأنهم أكثر من يعمر في الملاعب ويتصدرهم الإنجليزي شيلتون الذي لعب لما بعد الأربعين وكاد أن يشارف الخمسين، وما زال هناك العديد من اللاعبين الذين يرفضون الإذعان لعامل السن وما زالوا يصرون على مواصلة اللعب بعد سن الأربعين لعل أبرزهم مهاجم المنتخب الإنجليزي الأسبق تيدي شيرينجهام الذي انتقل هذا الصيف من ويستهام يونايتد إلى أحد أندية الدرجة الثالثة، وهناك أيضا حارس أسكولي الإيطالي المخضرم جيانلوكا باليوكا الذي بلغ الأربعين والذي نجح في تحطيم الرقم القياسي في عدد المشاركات المسجل باسم مواطنه الحارس الأسطوري دينو زوف (570 مباراة) وقال بإنه لن يعتزل قبل تحطيم جميع الأرقام بما فيها الرقم القياسي لباولو مالديني، ولا ننسى أيضا حارس مانشستر يونايتد الهولندي الدولي المخضرم فان دير سار، وحارس بايرن ميونيخ الألماني أوليفر كان ومواطنه حارس أرسنال ليمان الذين يقفون على أعتاب الأربعين ولا تلوح أي بوادر في الأفق على قرب اعتزالهم·