دخل جرير على الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان فأنشده قصيدة عصماء لولا أنه لم يوفق في مطلعها إذ بدأها بقوله: أتصحو أم فؤادك غير صاحٍ عشية همَّ صحبك بالرواحِ وهو يخاطب نفسه ولكن لم يحسن لجعل الخطاب للمخاطَب، فكأن عبدالملك تشاءم من هذا، فلما قال: أتصحو أم فؤادك غير صاحٍ، رد عليه فقال: بل فؤادك يا لكع· وليس ذلك لأن عبدالملك لم يفهم الخطاب فقد كان أديباً فهامة·· وإنما أراد لفت نظره في سوء انتقائه للهجة المخاطَب· بيد أن القصيدة حَوت من المعاني ما لم يخف على فهم عبدالملك حتى اهتز لبعض أبياتها طرباً· إذ لما بدأ في مديح بني أمية عامة وعبدالملك خاصة فقال: ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راحٍ طرب الخليفة، وقال: بلى نحن كذلك، وأجازه إجازة طيبة عنها، ولكن ذلك لا يغفر له سقطة المطلع·