أكد صندوق النقد الدولي أهمية الدور الذي لعبته صناديق الثروات السيادية في إعادة التوازن للبنوك العالمية التي تكبدت خسائر ضخمة خلال الشهور الستة الأخيرة والتي بلغت نحو 193 مليار دولار، جراء تأثرها بأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية وأزمة الائتمان العالمية· وقال الصندوق في تقرير ''الاستقرار المالي العالمي'' الذي أصدره أمس إن سبعة من أبرز الصناديق السيادية في العالم، وفي مقدمتها جهاز أبوظبي للاستثمار الذي قام بشراء حصة في سيتي جروب تبلغ 4,9% بقيمة 7,5 مليار دولار أميركي في نوفمبر الماضي، قامت بضخ 41 مليار دولار في أكبر المؤسسات المالية العالمية وذلك من إجمالي 105 مليارات دولار ضخت في هذه المؤسسات خلال الفترة من نوفمبر 2007 وحتى مارس الماضي· وأكد الصندوق في تقريره الذي حصلت ''الاتحاد'' على نسخة منه أن بنوك منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تعد من بين أقل مناطق العالم تأثراً بأزمة الرهن العقاري والائتمان العالمية، حيث لم يتجاوز إجمالي الخسائر المباشرة المليار دولار إلى جانب مليار دولار يتوقع أن تتكبده مستقبلا بطريقة غير مباشرة· كما توقع الصندوق في تقرير آخر مشترك مع البنك الدولي صدر أمس تحت عنوان ''تقرير الرصد العالمي'' أن يتباطأ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي من 4,9% في العام 2007 إلى 3,7% بنهاية العام الحالي، فيما يشهد معدل النمو في بلدان العالم النامية هبوطاً طفيفاً ليصل إلى 6,7%· وحذر كل من الصندوق والبنك الدوليين من تراجع زخم تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة المتعلقة بالحد من معدلات الفقر وذلك نتيجة ضغوط تغير المناخ وارتفاع أسعار المواد الغذائية والنفط التي ستؤدي إلى تعقد الآفاق المستقبلية· وقال الصندوق في تقرير ''الاستقرار المالي العالمي'' إن أحداث الأشهر الستة الماضية برهنت على الهشاشة التي يتسم بها النظام المالي العالمي، وأثارت تساؤلات جوهرية حول مدى فعالية الاستجابة التي أصدرتها مؤسسات القطاعين الخاص والعام، ورغم أن الأحداث لا تزال تتكشف حتى الآن، غير أن التقرير يشير إلى وجود إخفاق جماعي في تقدير مدى الرفع المالي الذي عمدت إليه طائفة واسعة من المؤسسات - البنوك، وشركات التأمين أحادية النشاط، والكيانات التي ترعاها الدولة، وصناديق التحوط وما يصاحبه من مخاطر التصفية غير المنظمة· ويؤكد التقرير أنه رغم التدخل غير المسبوق من بنوك مركزية كبرى فلاتزال الأسواق المالية تمر بتوترات ''حادة'' تزداد تفاقماً بسبب المناخ الاقتصادي الكلي الذي أصبح باعثاً أكبر على القلق، والمؤسسات التي تمتلك رؤوس أموال ضعيفة، والخفض واسع النطاق لنسب الرفع المالي· ويوضح التقرير أن النظام المالي العالمي يخضع لضغوط متزايدة منذ أكتوبر 2007 ولا يزال الاستقرار المالي معرضاً لمخاطر كبيرة، ومما يضاعف المخاوف القائمة تدهور جودة الائتمان، وحدوث هبوط في القيم المعطاة للمنتجات الائتمانية المهيكلة، وضعف سيولة السوق المصاحب لتخفيض الرفع المالي على نطاق واسع في النظام المالي· ويرى التقرير أن التحدي الحاسم الذي يواجه صانعي السياسات في الوقت الراهن هو اتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف مخاطر الحاجة إلى إجراء تصحيح أشد وهو ما يشمل ضمن خطوات أخرى إعداد خطة للطوارئ وغيرها من الخطط العلاجية مع القيام في نفس الوقت بمعالجة جذور الاضطرابات الحالية· ورسم التقرير صورة متفائلة للاقتصادات الناشئة التي أكد أنها لا تزال قادرة على الصمود في مواجهة التطورات الجارية، غير أن بعضها لا يزال معرضاً لتراجع الائتمان، لاسيما إذا كان النمو الائتماني المحلي مدفوعاً بمصادر التمويل الخاريج، وكان الحساب الجاري مثقلاً بعجز كبير يتعين تمويله، وقد شعرت أسواق الدين، وخاصة أسواق الدين الخارجي للشركات بأثر الاضطرابات الجارية في البلدان المتقدمة، كما ارتفعت تكاليف التمويل وبات من غير الممكن استبعاد صدمات أخرى يتعرض لها إقبال المستثمرين على أصول الأسواق الصاعدة إذا ما ازداد سوء الأوضاع المالية· ولفت الصندوق إلى أن الخسائر المترتبة على تدهور الائتمان وعمليات البيع الاضطراري، إضافة إلى انخفاض نمو العائدات وضعت الميزانيات العمومية لدى البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية أمام اختبار عسير، متوقعاً أن يسفر هبوط أسعار المساكن الأميركية وتزايد حالات التأخر في سداد مدفوعات الرهن العقاري عن خسائر اجمالية مرتبطة بسوق الرهن العقاري السكني والأوراق المالية ذات الصلة تبلغ حوالي 565 مليار دولار أميركي، بما في ذلك التدهور المتوقع للقروض عالية الجودة·