غالية خوجة (دبي)

من أكثر الكتب تفاعلية مع القارئ، تلك التي تبدأ بسؤال يدعوه للمشاركة ليس فقط في الإجابة، وإنما في الأسئلة أيضاً، ومن هذه الكتب كتاب «من أين ندخل إلى التسامح/‏‏‏‏ دار هماليل ـ أبو ظبي/‏‏‏‏300 صفحة»، لمؤلفه محمد وردي مدير تحرير مجلة تعايش، الذي قال لـ«الاتحاد»: التسامح ليس فضيلة ولا نزاهة عصرية ولا فطرية، ولو كان كذلك لما قتل قابيل هابيل، والتسامح ليس تفضلاً من أعلى إلى أدنى، ولا من أقوى إلى أضعف، بل هو الوسط الذهبي بين اللاتسامح والإفراط في التسامح، وهذا يعني قبول الإنسان كما هو، ما عدا الإنسان غير السوي الذي عليه أن يصلح إنسانيته.
لكن، كيف حضر التسامح في الكتاب؟ وماذا عن النسق العقلي العربي والتسامح ويقابله النسق العقلي الغربي؟
أجابنا وردي: للتسامح جذور قديمة بدأتها مع ما مضى منه كمسيرة في التاريخ من اليونان إلى الفلسفة الشرقية إلى الإسلامية، ورأيت أن العقل هو الوسيلة الوحيدة لتطوير التسامح، من خلال إدراك الإنسان لحاجته إلى الآخر، ومن خلال الدولة التي ساهمت في ترسيخ الوعي للتسامح، الدولة حامية للتسامح من خلال القوانين، وتطويره بالعقل على مراحل.
واختتم: أعاد الإسلام حماية حق المختلفين دينياً، وجميع الشعوب القديمة مارست التسامح بمقادير عقلانية متفاوتة، أو ضوابط إيمانية متباينة، لكني أحاول تقديم أنطولوجيا للتسامح، وفي الوقت ذاته، أحاول توطين التسامح في الثقافة العربية، وهي محاولة لاستعادة العقل العربي الفاعل، لأن الأديان لم تلعب دوراً في التصنيفات المفهومية، لماذا؟ لأن سلطتها مؤجلة، وإنما ضعف الإنسان وحاجته للآخر لعبت الدور الأول، والدولة لعبت الدور الثاني لأن سلطة الدولة حاضرة بالقانون، والمنزاح عنه ينال حرماناً مناسباً لفعله، أي أن السلطة تحد من «ذئبية الإنسان».