جميل رفيع (العين) تعاني فئة الصم من ذوي الاحتياجات الخاصة تزايد الأعباء المادية المترتبة على استفادتهم من التطبيقات الذكية، والتي تعزز تواصلهم مع الآخرين، مما يخفف معاناتهم، ويساهم في انخراطهم وتفاعلهم مع المجتمع، وأكدوا أنهم لم يحصلوا على أي حسومات من أي جهة اتصال كما يزعم البعض، وأن تلك الفواتير تكبد بعضهم مبالغ تتجاوز الـ«خمسة آلاف درهم» شهرياً. قال حمد هزاع الدرمكي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للصم: «نعلم مدى الحاجة للتواصل مع الآخرين، إلا أنه في بعض الأحيان تصعب المهمة، ولكنها لا تكون مستحيلة، في ظل التطور التقني الذي يشهده العالم اليوم»، مشيراً إلى أن لغة الإشارة تمثل واحدة من وسائل التواصل المهمة في حياتنا اليومية. وأضاف: «تعتمد هذه اللغة بشكل أساسي على حركات اليدين والجسم والشفاه، وهذا ممكن من خلال ما توفره أجهرة الهاتف النقال، حيث يمكن للصم التواصل بكل سهولة، وهذا يسهل الكثير من متطلبات حياتهم، سواء التواصل مع أصدقائهم أو مدرسيهم أو ذويهم، ما يوسع دائرة تواصلهم، ما يشعرهم بالرضا والاندماج، ولكن في ظل هذا التطور، هناك منغصات للحصول على هذه الميزة، ما يقف حائلاً من دون التواصل بالشكل المطلوب»، مشيراً إلى أن المبالغ الكبيرة التي يتكبدها الصم، شهرياً، تتراوح من 2000 &ndash 5000 درهم، بحسب الصم من الجنسين. وقال: «إن جمعية الإمارات للصم في العين تتفاعل مع معاناة هذه الفئة من المجتمع، وتواصلت مع (اتصالات)، وطالبت بتوفير باقات مميزة للصم من العاملين والمنتسبين للجمعية على مستوى الدولة، تتضمن مكالمات فيديو، وتطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل «سكاي بي، فيسبوك، تويتر»، على أن تكون البيانات الخلوية غير محدودة، وأن تكون تلك الباقات بسعر موحد لا يتجاوز الـ200 درهم شهرياً، وبنظام الدفع المسبق أو بفاتورة شهرية، وذلك لتسهيل التواصل بينهم وبين ذويهم»، لافتاً إلى إمكانية وضع آلية للمستفيدين من هذا النظام بالتعاون مع الجمعية، لتحديد ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم الذين تشملهم هذه الباقة. تحديات حضارية من جانبه أكد محمد خميس الحدادي، مدير مركز العين لرعاية وتأهيل المعاقين، أن قضية تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم وتوفير احتياجاتهم، تظل من التحديات الحضارية لدى الأمم والمجتمعات، باعتبارها من القضايا الإنسانية الملحة، وأضاف أن الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم تساعد كثيراً هذه الفئة في المجالين التربوي والتكنولوجي، ما يحتم على الجهات المعنية زيادة الاهتمام بتقديم برامج تتناسب مع قدراتهم، وأضحى الكمبيوتر وسيلة مهمة للتغلب على العقبات التي كانت تحول من دون استقلاليتهم، وقد أثبتت الدراسات أن استخدام التقنيات في حياة الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة الصم، له العديد من الفوائد التي تعود عليهم، سواء من الناحية النفسية أو الأكاديمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. يركز على البصر وأشارت سامية المطوع، رئيس قسم التعليم بمركز العين لرعاية وتأهيل المعاقين، إلى أن الطالب الأصم يعتمد ويركز على البصر أكثر من بقية الحواس الأخرى، لافتة إلى أن استخدام التقنيات تساعد على نقل بعض الظواهر الحقيقية للطلبة الصم، خاصة الظواهر التي يصعب مشاهدتها لبعدها المكاني أو لندرة حدوثها في بيئتهم، وأشارت إلى أن التقنيات الحديثة أفرزت الكثير من البرامج والأجهزة التي تُسهل على المعاق حياته اليومية، مثل الهاتف المزود بكاميرا، حيث يتعامل المعاق مع محيطة بشكل أكثر سهولة، وأكثر قبولاً. وقالت: «إن (اتصالات) اعتمدت نموذج يملأه المعاق ويصدق من قبل المركز ليحظى المعاق بحسم من الفاتورة الشهرية للهاتف»، لافتة إلى أنها لا تعرف إن كان هناك حسم فعلي أم لا، وما هي نسبته، موضحة إلى أنه من 2009 - 2013 بلغ عدد الحاصلين على هذا النموذج 40 معاقاً من مختلف الإعاقات. مكالمات مرئية وأشار عبدالله تلجبيني، مترجم وخبير لغة الإشارة بمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، إلى أن اللافت في هذا الأمر أن عدداً كبيراً من المعاقين سمعياً يستخدمون الهواتف النقالة التي تحمل كاميرات أمامية، ما يمكنهم من إجراء مكالمات مرئية، مشيراً إلى أنها الوسيلة الوحيدة للتواصل فيما بينهم وبين فئات المجتمع، كما تساعدهم في تلبية ما يحتاجونه خلال حياتهم اليومية. وأضاف تلك المكالمات التي يجريها المعاقون سمعياً تساعدهم كثيراً، خاصة في الأوقات الصعبة والحرجة، مشيراً إلى حالات الإسعاف و الطوارئ التي تتطلب وجود مترجم مثلاً، عندما يذهب أحدهم إلى الطبيب فإنه يتصل بي وأقوم بترجمة الإشارة وأحدث بها الطبيب ليشخص الحالة وأحياناً عند حوادث السير، وعندما يكون في مكان بعيد. وأضاف: «على الرغم من هذا التطور واستيعاب المعاقين سمعياً لتلك التقنيات، فإن هناك إشكاليات تواجه تلك الفئة، أبرزها جودة الصورة، وتغطية نفقات هذا التواصل عبر تسديد فواتير الهاتف التي تبلغ أرقاماً خياليه تصل إلى خمسة آلاف درهم»، لافتاً إلى أهمية التواصل بين هذه الفئة لأن أي مشكلة يتعرضون إليها تكلفهم الكثير. وأضاف: «أنهم يعانون كمترجمين أيضاً من تكبد مبالغ طائلة جراء تواصلهم مع الصم لتلبية حاجاتهم، من خلال ترجمة ما يريدون إلى أي جهة، هم بحاجه إلى خدماتها»، لافتاً إلى مهمة المترجمين تتعلق بتذليل الصعوبات كافة التي قد يواجهونها في ترجمة ما يرغبون إيصاله للآخرين سواء في العمل أو لدى الطبيب أو المؤسسات الخدمية الأخرى، وهذا ما يزيد من أعبائنا المادية». نشرة أخبار لغة الإشارة أكد راشد فالح الهاجري، المستشار الإعلامي بجمعية الإمارات للصم، أن الدولة عملت على توفير الرعاية والخدمات المتطورة بما يضاهي الدول المتقدمة، خاصة في الجوانب التعليمية، وتلقت هذه الفئة، جملة من الخدمات التعليمية والصحية التي تناسب احتياجاتها في ظل إنشاء مراكز تأهيل ذوي الإعاقة مبكراً، ووفرت لهم المصادر والوسائل التعليمية، والأجهزة والمقررات الدراسية والكوادر المتخصصة بما يخدم دمجهم في المجتمع. وأشاد بدور بعض المؤسسات التي كان لها دور فعال في تقديم خدمات لذوي الإعاقة السمعية، مثل أجهزة الإعلام المحلية، حيث يتم ترجمة نشرة الأخبار بلغة الإشارة، ولفت إلى ما قامت شركة صحة في مستشفى العين، بالتعاون مع جمعية الإمارات للصم، حيث أصدرت كتيباً تعريفياً بلغة الإشارة لموظفي المستشفى بعد أن نفذت دورة لتعلم لغة الإشارة، حيث هدفت هذه المبادرة لمساعدة موظفي المستشفى للتعامل مع الصم. ودعا الجهات المعنية بالدولة إلى تحمل المسؤولية المجتمعية تجاه هذه الفئة من المجتمع لخلق مبادرات ترتقي بالخدمات التي تشكل لهم فائدة في حياتهم اليومية، ليتمتعوا بحقوقهم كافة، وبما يساهم في دمجهم في المجتمع مع أقرانهم الأسوياء. «اتصالات» رسوم مخفضة وقالت «اتصالات» في بيان صحفي: «إنها وفي إطار مسؤوليتها الاجتماعية، توفر المنتجات والعروض المصممة، خصيصاً لتلبية احتياجات فئات محددة من المجتمع. ونقدم لذوي الاحتياجات الخاصة باقة مميزة تدعى «Freedom» تشتمل على العديد من الخدمات برسوم مخفضة لتلبية احتياجات ومتطلبات هذه الفئة من المجتمع، وتساعد هذه الباقة على الانخراط في المجتمع والتواصل معه، من خلال ما توفره من مرونة في الاستخدام وسهولة في إضافة الخدمات أو حذفها، فضلاً عن استفادتهم من أحدث التقنيات المتاحة بتكلفة قليلة». الصم يعانون وأكد «الصم» أهمية التواصل بالنسبة إليهم وانعكاسه الإيجابي على حياتهم العامة مما يشعرهم بالسعادة، والانفتاح على الآخرين، ويحقق لهم مستوى من الرضا، إلا أن ذلك لا يحدث في ظل تكبدهم مبالغ كبيرة شهرياً جراء تواصلهم، وهو ما يشكل عقبة في طريقهم، وطالبوا الجهات المعنية بتذليل أي صعوبات تقف في طريقهم. «الاتحاد» تواصلت مع عدد من الصم من مختلف إمارات الدولة، وأجمع المعاقون جمال النقبي، وراشد الشامسي، وعبد الله أهلي، وعدنان الجابري، وهزاع البلوشي، وسهيل محمد العامري، ومصبح سعيد النيادي، على أن التقنيات الحديثة أثرت ودعمت عملية التواصل بينهم وبين ذويهم وأقرانهم والمعنيين بهم، مما سهل عليهم حياتهم وتلبية متطلباتهم ودمجهم في المجتمع، لافتين إلى أن الفواتير الشهرية التي عادة ما تكون مرتفعة تحد من هذا التواصل، مؤكدين أن الفواتير تتراوح من 1800 &ndash 5000 درهم، وأنه في ظل ذلك بحثوا عن البدائل وتوصلوا إلى التواصل عن طريق «الواتس آب» عن طريق تصوير مقاطع فيديو وإرسالها لبعضهم بعضاً إلا أن هذه الخاصية لا تلبي ما يطمحون إليه، مثل مكالمات الفيديو المباشرة عبر الهاتف النقال، التي تمتاز بسرعة الرد في الحالات الحرجة. وأشار الشباب الصم إلى أن الرسائل عبر «الواتس آب» بطيئة وتتوقف على وجود شبكة في المكان، ويتوقف الرد على المتلقي للرسالة التي قد يفتحها بعد وقت طويل، ما يجعل الخدمة لا تفي بالغرض بشكل إيجابي، ولكنهم مضطرون بسبب غلاء الفواتير الهاتفية، ويشير الخبير إلى أن أحد المعاقين أرسل له رسالة في «الواتس آب»، لأمر ضروري لم يرها إلا في اليوم التالي، وكانت الخدمة ضرورية إذ تضمنت الرسالة «طلب المعاق من المترجم أن يوصل رسالة لمديره تتعلق بعمله». محمد بن راشد للصم : أنا فخور بكم وبعملكم كرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» في ختام القمة الحكومية الثالثة، فريقاً من الصم تعاونا مع وزارة الداخلية لاطلاق التطبيق الذكي «لا تراسل» ، وخاطب سموه الفريق بلغة الاشارة مؤكداً لهم أن سموه فخور بهم وبعملهم. مشاهدات أن تكتب لأي فئة من ذوي الإعاقة قد يكون سهلاً، لكن أن تكتب لذوي الإعاقة السمعية، وتنقل همومهم ومشكلاتهم وأفكارهم وآمالهم وتطلعاتهم، وهم لا ينطقون كلمة، فالمهمة أصعب.. شعورهم بذاتهم، واعتدادهم بأنفسهم، وتطلعاتهم للمستقبل، وحرصهم على نقل هموم زملائهم، واهتمامهم بهندامهم بشكل قد يفوق أقرانهم من الأسوياء. مراقبون محترفون لأدق التفاصيل في الشخص الذي يتحدث معهم تعابيره وإيماءاته، وكل التفاصيل التي قد لا ننتبه لها، دأبهم وحرصهم على إيصال رسالتهم للمجتمع منقطع النظير، ويدهشون متابعهم بقدرتهم على التفاهم فيما بينهم. مدير معاق سمعياً أثبتت التجربة أن هذه الشريحة من المجتمع لديها قدر وافر من الكفاءة، والقدرة على الانخراط في المجتمع، وتحمل المسؤولية في مختلف مواقع العمل، وهذا ما يؤكده مدير جمعية الإمارات للصم بالعين، الذي لم تقف الإعاقة حائلاً بينه وبين الاضطلاع بمسؤولية إدارة الجمعية بقدرة وكفاءة عالية، حيث يؤكد حمد هزاع الدرمكي عبر خبير لغة الإشارة أن الإرادة والعزيمة القوية كفيلة تذليل الصعاب والانطلاق باتجاه الانخراط في الحياة، بدليل إدارته للجمعية وتحمله للمسؤولية، على الرغم من أن أي عمل إداري له تبعات وتداعيات تتطلب مجهوداً كبيراً. قاموس موحد للغة الإشارة أكد حمد هزاع الدرمكي، مدير جمعية الإمارات للصم، أن الجمعية تُعنى بشؤون فئة الصم، وتقدم لمنتسبيها خدمات ثقافية واجتماعية ودينية الذين تجاوزوا الـ (500) عضو، لافتاً إلى أن الجمعية تسير في خطى واعدة، في ظل اهتمام ورعاية القيادة الرشيدة لذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع، كما ترعى الجمعية مشاركات تمثل الدولة في المحافل الدولية المعنية بهذا الخصوص، والأهم من ذلك كله نتطلع إلى إيجاد قاموس إماراتي موحد للغة الإشارة، مشيراً إلى أن العمل جارٍ في هذا المشروع، حيث تتواصل الاجتماعات بشكل دوري لنخبة من أعضاء الجمعية وخبراء ومختصين من مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، تتضمن الاتفاق على إشارات لمفردات محددة ومعروفة، في ظل بناء القاموس المزمع إطلاقه لاحقاً. وقال: «إن الدعم الذي تقدمه وزارة الشؤون الاجتماعية للجمعية لا يكفي لسد ثلث القيمة الإيجارية لمقر الجمعية بالعين، مطالباً برفع قيمة الدعم لتغطية نفقات الجمعية التي تتطلبها الخدمات والبرامج التي تقدمها إلى منتسبيها الذين تجاوزوا الـ(500) عضو»، لافتاً إلى أن الجمعية تسير بخطى واعدة في ظل اهتمام ورعاية القيادة الرشيدة لذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع.