المرأة هي صانعة المجتمعات، ولها دور محوري في بناء الأسرة التي هي اللبنة الأولى للمجتمع، وهناك أمثلة عظيمة لم تنقل أخبارهن لأخذ العظة وتعلم الدرس فكم من سيدة بَنَت رجالاً وعائلات، وزرعت فيهم القيم النبيلة، ومن هؤلاء النسوة سيدة ابنة أسرة طيبة تضم المتعلم والتاجر والفلاّح والمحاسب، هذه السيدة أو كما تنادي كانت بـ«نينه» ابنة تاجر تزوجت من رجل ميسور الحال في إحدى القرى، ورزقها الله من الأولاد سبعة وثلاث بنات.. ربتهم على القيم والأخلاق والأعراف العائلية، فكان منهم المحامي والمحاسب وفي مطلع القرن العشرين، ولكن القدر كان سبّاقاً فتوفي المحامي وبعده بعامين المحاسب، فقرر الأب سحب بقية الأولاد من المدارس، خوفاً من خرافات تتردد بأن الابن الذي يتعلم سوف يموت، وأمام هذا التحدي استطاعت أن تعلم أبناءها جميعاً مبادئ العلم الأولى. ووزعت الأدوار فكان منهم تاجر في البورصة القطن، والفلاحون، وراحت البنات لبيوت أزواجهن، وكبرت الأسرة وتحولت لعملاق اقتصادي تديره سيدة هذه المجموعة، التي ربت الأبناء على العمل والعبادة. تدور السنون ولـ«نينه» يرجع الفضل في رفد المجتمع بعشرات الأحفاد الذين تقلدوا أرفع المناصب، ولا يزال الجميع من أبناء وأحفاد يعملون من خلال «نينه» التي توجههم، فهي وتد الأسرة وأهم ما زرعته فيهم تحري الرزق وإعطاء الأجير حقه، والصدقة للمحتاج، والرفق بالحيوان، فيحكى أنها كانت تعد مع كل وجبة طعاماً للقطط، كما توجه بناتها وزوجات أبنائها بذلك، وكانت تجلس في مشربية البيت الكبير تتابع وتدير حركة نسوة البيت والعاملات في صحن البيت الكبير الذي خرج منه أكثر من 300 بيت وما زال الجميع يذكر وتد العائلة «نينه» رحمة الله عليها. أحمد فخر