عصام أبو القاسم (الشارقة) - استضاف منتدى الأحد الثقافي الذي تنظمه إدارة الثقافة بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، مساء أمس الأول، الأكاديمي التونسي الدكتور عز الدين الصغير في محاضرة بعنوان “إشكاليات الهوية الثقافية”، أدارها الكاتب المصري زكريا أحمد، وحضرها محمد القصير مدير الإدارة الثقافية وعدد من المثقفين والمهتمين. واستهل عز الدين الصغير محاضرته بالإشارة إلى أن من الصعوبة الإحاطة بموضوع المحاضرة في كل جوانبه، فهو متشعب ومتفرع إلى مداخل شتى، وقال “لذلك سنكتفي ببعض الأفكار العامة حول الهوية الثقافية، آمل أن تكون محفزة للنقاش”، ومن ثم راح الباحث المختص في موضوعات الحضارة والأقليات يستعرض المفاهيم الخاصة بالمصطلحات التي ضمها عنوان المناقشة التي جرت بمعهد الشارقة للفنون المسرحية؛ وفي هذا السياق، قال إن كلمة “إشكاليات” لها دلالات عدة ولكن في الدلالة التي يقصدها فهي تعني “الأسئلة”. أما “الهوية” فمعناها “الذات” بما تحمله من تركيب قيمي وأخلاقي وعرفي، وفي ما يتعلق بمصطلح “ثقافة”، تكلم المحاضر عن مفاهيم عدة وقال “هناك أكثر من 27 تعريفاً”، وفي حديثه، لاحقاً، قدّم أكثر من اقتراح مفهومي ما بين المثقف المتصل بالإبداع الأدبي والمثقف الماهر في مجال الوسائط الاتصاليّة. وطرح جملة من الأسئلة منها: هل الهوية ثابت أم متغير؟ الهوية الفردية ما علاقتها بالهوية الجماعية؟ وهل في مقدور ذواتنا أن تعيد صناعة هويتها أم أن الهوية مسألة قدرية؟ ومضى الصغير إلى طرح بعض الأفكار التي رافقت طرح سؤال الهوية في المشهد الثقافي العربي، متوقفاً بصفة خاصة حول علاقتنا بما يرد من قيم وأفكار وأشكال وقضايا من الثقافة الغربية، وأشار في هذا السياق إلى أن التأثرات التي تحصل في هذا المجال محكومة دائماً بقاعدة أن الغالب يؤثر على المغلوب، وقال “ونحن مغلوبون والغرب هو الغالب”. ولفت الباحث إلى أن الثقافة العربية الإسلامية كانت قد عاشت وقتا ذهبياً، وأثرت في ثقافات عديدة من حولها، ولكن هذا العصر الذهبي لم يمتد وانحصر في فترة زمنية محددة، ونعيش الآن لحظة ثقافية أظهر مظاهرها الصورة الغربية الطاغية على كل شيء تقريباً. وتكلم الصغير عن عمائر مثل “الأزهر” و” الجامع الأموي” و”الحمراء” و”تاج محل” بوصفها علامات تحمل الأثر العربي الإسلامي، وقال إنها تمثل شواهد على ما كان عليه حال الثقافة العربية الإسلامية وأننا في حاجة لاستعادة تلك القوة التي كنا نملكها. لكن كيف يتأتى ذلك؟ يجيب المحاضر “علينا ترسيخ الفعل الثقافي وإتاحة الإمكانات لحركة الإنتاج الثقافي بكل أشكاله، وكذلك إتاحة الحريات العامة والعمل بشكل ممنهج في مجالات التربية، خصوصاً حتى نصقل الأجيال المقبلة بالقيم والتقاليد المستلهمة من إرثنا التاريخي الضارب في القدم”. وشهدت الجلسة مداخلات متنوعة من قبل الحضور، حيث تحدث البعض عن أهمية التنشئة المدرسية واللغة والانفتاح والموازنة في تدعيم ركائز الهوية الثقافية العربية الإسلامية.