حاتم فاروق (أبوظبي) تفاعلت الأسهم المحلية سلباً خلال جلسات الأسبوع الماضي مع مخاوف المستثمرين من نشوب حرب تجارية محتملة بين البلدان المتقدمة، جاءت عقب إعلان الرئيس الأميركي بفرض رسوم على واردات بلاده من الألمنيوم والصلب، وهو جعل المستثمرين في الأسواق المحلية يتخذون موقفاً متحفظاً فيما يخص القرار الاستثماري مفضلين الانتظار حتى تظهر معالم تلك المواجهة، لتتخلى المؤشرات المالية عن مستويات دعم تاريخية مع نهاية جلسات الأسبوع، بحسب خبراء ووسطاء ماليين. وقال الخبراء لـ«الاتحاد» إن انخفاض مؤشر سوق دبي المالي فيما دون مستوى 3160 نقطة وهو أدنى مستوى له منذ عامين، يؤكد مدى ما تعاني منه الأسهم المحلية خلال الجلسات الأخيرة خصوصاً فيما يتعلق بتدني مستويات السيولة وتفاقم خسائر المستثمرين نتيجة لجوء معظمهم للشراء بالهامش خلال معظم جلسات الأسبوع الماضي، مؤكدين أن العامل النفسي مازال مسيطر على تعاملات المستثمرين خصوصاً مع اتجاه المؤشرات للتحرك العرضي المائل للهبوط. وأوضح هؤلاء أن التحدي الأكبر أمام الأسواق المحلية خلال الجلسات المقبلة هو جذب مزيد من السيولة للعودة إلى المسار الصاعد ومن ثم المكاسب، لافتين بأن اتخاذ إجراءات سريعة لزيادة ثقة المستثمرين، وارتفاع وتيرة الشفافية والإفصاح، فضلاً عن البحث عن إدراجات جديدة ستمثل عوامل هامة في جذب سيولة جديدة للأسواق المالية وخصوصاً الأجنبية ومن ثم تحديد مسار الأسواق بشكل واضح، مؤكدين أن النزعة المضاربية التي سيطرت على تعاملات المستثمرين خلال الجلسات الماضية كانت لها تداعيات سلبية علي الحالة النفسية للمتعاملين. وأضاف الخبراء أن عمليات الشراء بالهامش عمقت خسائر المستثمرين خلال جلسات الأسبوع الماضي، بعدما سيطرت النزعة المضاربية على التعاملات خصوصاً تداولات الأسهم ذات الإدراج المزدوج التي شهدت تركز معظم السيولة عليها من قبل المضاربين الذين توجهوا نحو تلك الأسهم أملاً في تسجيل أرباح رأسمالية سريعة على حساب صغار المستثمرين، مؤكدين أن الاستثمار عن طريق الشراء بالهامش يعتبر من الاستثمارات عالية الخطورة. الثقافة الاستثمارية وتعليقاً على أداء الأسهم خلال تعاملات الأسبوع الماضي، قال وضاح الطه عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمارات البريطاني في الإمارات، إن الأسهم المحلية مازالت تتعرض لنزعة مقامرية أدت إلى تراجع المؤشرات المحلية لصورة مبالغ فيها وجعلت الأسهم الثانوية سيدة الموقف»، مؤكداً أن الأسهم المدرجة إدراجا ثانويا في سوق دبي استحوذت على أكثر من 35% من إجمالي سيولة السوق خلال شهر فبراير الماضي، ما يشير إلى غياب الثقافة الاستثمارية والتوجه نحو التعاملات المضاربية التي لا تعتمد على أساسيات الشركات المدرجة. وأضاف الطه: إن الأسواق المحلية بحاجة ماسة إلى قائد للسوق وليس صانعاً له، مؤكداً أن هذا القائد لا يحتاج إلى ترخيص من الجهات المعنية وإنما يمتلك السلوك القويم للتعامل بالأسواق المالية التي يضع ضمن أولوياته المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي يسجها الاقتصاد الوطني والنتائج المالية المسجلة للشركات القيادية، مؤكداً أن السوق مازال يعاني من تحديات هيكلية واضحة منها غياب اللاعب الرئيسي إلى جانب عدم التنوع في القطاعات المدرجة، فضلاً عن تأخر الإدراجات الجديدة. وأضاف الطه أن سهم «إعمار» الذي يتجاوز وزنه النسبي 20% من مؤشر سوق دبي المالي سجلت تداولاته 1.3 مليار درهم خلال شهر فبراير، فيما كانت سيولة سهم «جي إف إتش» الذي لا يمثل أيه نسبة في وزن المؤشر العام للسوق نحو 4.9 مليار درهم خلال نفس الفترة، لافتاً بأن الأسهم الثانوية لا تستحق هذه السيولة الضخمة التي تستهدفها تعاملات المضاربين بقوة أملاً في تحقيق أرباح رأسمالية. ونوه إلى أن سيولة الأسواق خلال تعاملات الأسبوع الماضي تمت معظمها من خلال عمليات التداول بالهامش وبنسب عالية، خصوصاً أن هذه السيولة استهدفت في المقام الأول عمليات جني أرباح للأسهم المضاربية، مما أدى إلى تذبذب أسعار تلك الأسهم خلال الجلسة الواحدة، مؤكداً أن ارتفاع نسب تمويل شراء الأسهم من خلال آلية التداول بالهامش يشكل خطراً واضحاً على نمو مؤشرات الأسواق، خصوصاً أن تلك التداولات تتم معظمها على أسهم ذات نزعة مضاربية ليس لها أساسيات قوية، ويبعد حركة الأسواق عن النمط الاستثماري. وأوضح أن الأسهم واصلت خلال جلسات الأسبوع الماضي، أداءها العرضي المائل للتراجع بنهاية تعاملات جلسة أمس، بفعل ضغوط بيع ومضاربات طالت عدداً من الأسهم القيادية والمنتقاة، ساهمت في تخلي مؤشرات الأسواق المالية المحلية عن مستويات دعم هامة، مع استمرار تدني مستويات السيولة، نتيجة غياب المحفزات، وانخفاض شهية المحافظ الأجنبية والمؤسسات على الشراء في الأسواق المحلية. الشراء بالهامش قال إياد البريقي، مدير عام شركة «الأنصاري للخدمات المالية»، إن مخاطر التداول بالهامش تشمل احتمالية امتناع الوسيط عن تنفيذ أوامر الشراء في أحوال معينة، فضلاً عن احتمالية تكبد خسائر كبيرة، نظراً لقيام المستثمر بالشراء بضعف المبلغ النقدي، وهو ما حدث بالفعل خلال تعاملات الأسبوع الماضي. ونوه البريقي بأن الاستثمار عن طريق التداول بالهامش يعتبر من الاستثمارات عالية الخطورة، خصوصاً عندما تنخفض نسبة ملكية المستثمر في الأوراق المالية في حسابه بالهامش إلى حد هامش الصيانة وهي غالباً 25% فإنه ملزم بتغطية حسابه إما بالإيداع النقدي أو تحويل أسهم وإلاّ سيضطر الوسيط إلى بيع كل أو جزء من أسهمه بعد إخطاره رسمياً، موضحاً أن التمويل بالهامش ليس متاحا لجميع الشركات المدرجة وإنما لعدد معين تقرره شركات الوساطة فمن غير المتاح للمستثمر المتداول بنظام الهامش شراء أي سهم يختاره وإنما يلتزم بالقائمة المحددة من الوسيط، مشيراً في هذا الصدد إلى تحمل المتداول بالهامش فائدة على التمويل. وقال إن ملامح عمليات تمويل شراء الأسهم من خلال آلية التداول بالهامش ظهرت واضحة في عدد من الأسهم خلال تعاملات الأسبوع الماضي، ومنها على سبيل المثال أسهم «جي إف إتش» و«أثمار» «إشراق العقارية» وأخيراً سهم «الاتحاد العقارية» التي شهدت ارتفاعات قياسية في أحجام وقيم السيولة خلال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ بداية العام الجاري. وفيما يتعلق بأداء الأسهم المدرجة بالقطاع البنكي، أشار البريقي إلى أن الأسهم البنكية كانت محل عمليات بيع ساهمت في تراجع مؤشرات الأسواق لمستويات دعم جديدة، منوهاً بأن النزعة المضاربية ما زالت مسيطرة على تعاملات المستثمرين بالأسواق المالية المحلية، خصوصاً تلك التداولات التي تركزت على الأسهم المدرجة إدراجاً مزدوجاً، ومنها سهما «اثمار» و«جي إف إتش» في سوق دبي المالي. وأضاف البريقي أن تراجع سيولة الأسواق المحلية إلى مستويات متدنية من شأنه قيام المستثمرين بالاحتفاظ بالأسهم، وتأجيل قرارات البيع والشراء، مؤكداً أن العامل النفسي يمثل أحد أهم العوامل المؤثرة في استمرار نقص السيولة بالأسواق المحلية مع تراجعات مؤشرات الأوراق العالمية والتقلبات التي شهدتها الأسواق العالمية، خصوصاً مع استمرار التأثير السلبي للقرارات الأميركية المتعلقة بفرض رسوم جمركية على واردات الحديد والألمنيوم.