أبوظبي (الاتحاد) يعرض الدكتور محمد مسلم بن حم العامري في كتابه «الشورى في الإمارات» الارتباط الوثيق بين المشاركة في صنع القرار والتنمية والتطور، ويفرق بين الديمقراطية والشورى، حسب مدلول كل منهما اللغوي والاصطلاحي. ويؤكد المؤلف أن التنمية تخلق القاعدة المادية والمناخ الملائم لتطور الديمقراطية، فتقدم مسيرة التنمية من شأنه أن يؤدي إلى توطيد الاستقرار السياسي والاجتماعي وترسيخ التجربة الديمقراطية، ويلفت إلى أن هذه الخطوط العريضة كانت، وما زالت أسساً للسياسة الإماراتية التي أتاحت للمجتمع مساحات رحبة للمشاركة في صنع القرار. ويتتبع العامري مراحل ظهور واستخدام مصطلحي الشورى والديمقراطية، ومدى توافقهما مع ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، إضافة إلى ما تماشى مع الأعراف والتقاليد العربية والخليجية والإماراتية، موضحاً أن للإمارات ديمقراطيتها الخاصة التي تتميز بها، وارتكزت عليها في نهضتها. ويرى العامري أن القيادة في الإمارات التزمت في حكمها بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وفهمت بوعي عميق ما في الإسلام من سماحة ويسر ومواءمة لحياة البشر في كل عصر، فشكل ذلك مقومات نجاحها في النهج العملي للشورى، وسارت بنموذجها الخاص في الحكم متدرجة في آلياتها بما يحافظ على التزامها برضى الخالق تعالى، وبما يكفل رعاية مصالح مواطنيها بأمانة، وتحقيق الخير لهم، وتعميق الثقة بها. ويؤكد العامري أن القيادة الرشيدة أراحت مواطنيها من عناء النضال من أجل توفير حياة حرة كريمة، فوفرتها لهم كاملة، وكانت ترى ببصيرتها أن الدولة لا بد أن تواكب يوماً احتياجات التنمية السياسية، كي يقاسمها المواطن المسؤولية، فيأخذ دوراً أكبر في المشاركة في التخطيط لمستقبله، ويعزز مجتمعه المدني من تفاعله مع مبادئ الاستدامة في سياسات الدولة التي باتت تشملها محاور استراتيجيتها «رؤية الإمارات 2021» الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة في شتى المجالات، فاستشرفت القيادة مبكراً متطلبات ذلك، ووضعت استراتيجية تخدم تلك المرحلة، كي يأتي التطور السياسي في أوانه، وفي الموعد الذي يكون تنفيذه قد أضحى أساساً للتنمية السياسية، وضرورة لاكتمال مقومات التنمية الشاملة. ويشير العامري إلى أن القيادة اتبعت وسائل حافظت على الشورى نهجاً موصولاً للحكم في تاريخ الإمارات، وأرست دعائم راسخة لإشراك المواطنين في برامج العمل الوطني، تكريساً لإيمانها بأهمية اضطلاع شعبها بالمسؤولية، ومشاركته في تعزيز المسيرة السياسية، وتعاضده لغرس قيم التعاون والتضامن بين أبناء الوطن، والتكامل بين مؤسساته، وبسط قيم العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص، وغير ذلك مما يبرز حكمتها ونقاء بصيرتها، في التعامل مع الشورى بمرونتها وشموليتها، وتوظيف هذا النهج توظيفاً سليماً ودقيقاً، وكل هذا خلق تآلفاً وتلاحماً وطنياً عز نظيره، دعَّم ركائز حكمها، ونجاها من الكثير من الأزمات التي هزت دول العالم.