من كراكو المدينة الدائرية ولؤلؤة بولندا، التي تعد العاصمة الفنية والثقافية للبلاد، احتفل مؤخرا، طلبة السنة الأولى من قسم تصميم الأزياء من مدرسة الفنون والتصميم في المدينة العتيقة، بمهرجان خاص يسمى بـ”عرض أزياء مصنوعة من المهملات”، ليبتكروا من خلاله ملابس رخيصة مصنعة من النفايات وبقايا الأشياء المهملة التي تزيد عن الحاجة. (الشارقة) - وسط حضور جماهيري واهتمام إعلامي كبير، بدأ عرض مثير في مدينة كراكو حيث قدم مصممون شباب تصاميم لم يستخدموا فيها القماش بل المهملات والنفايات ليحولوها إلى فساتين وألبسة في تحد من نوع خاص. ظهرت العارضات البولنديات بأطوالهن الفارعة ليخطفن الأضواء وهن يتمايلن على المنصة، حيث بدين متألقات أمام عدسات الكاميرات التي انهالت عليهن من كل حدب وصوب، لتسجيل مشاهد غريبة وجنونية لأفكار المصممين الشباب، الذين أرادوا أن يترجموا من خلال تصميماتهم الجريئة وأفكارهم الخارجة عن المألوف، تفاعلهم مع إيقاع الزمن المتسارع وأساليب الفنون المعاصرة، وليواجهوا التحديات التي تفرضها عليهم الحياة بتفاصيلها وما تحمله من أمور معيشية، وأشياء سلبية، ملازمة للتطور والثورة الصناعية، و كل الملوثات التي تصاحب المدنية بشكل عام. وجاءت معظم الموديلات بأشكال وتصميمات مختلفة عن بعضها البعض، سواء لناحية الخامات والمواد المستخدمة في التنفيذ أو لناحية الألوان والتركيب البنائي والهندسي لكل قطعة على حده، ليجمع المصممون الواعدون بعض النفايات والعناصر المهملة التي تستخدم عادة وبشكل يومي، ثم ترمى وتتحول إلى مجرد نفايات مثل الصحف والجرائد، ولوحات من الكارتون والورق المقوى، وأكياس النايلون المستعملة، وشرائط الكاسيت القديمة، وأوراق الإعلانات والكوبونات المهملة، والكثير الكثير مما يرمى ويهمل بعد الاستخدام الآني، ثم يعيدوا صياغة هذه المواد والخامات الملوثة للبيئة، ويحولوها مرة أخرى إلى أشياء مفيدة وفنون معاصرة تستحق المشاهدة، وهو بما يعرف بثقافة “إعادة التدوير”. لعل الذي يشاهد عرض المصممين البولنديون الأخير خلال هذا المهرجان وغيره من هذه الفعاليات والعروض العالمية التي تصب في هذا المجال، يتأكد من الطاقات الإبداعية التي يملكها الشباب عادةً، ومن تلك المواهب الفتية والقدرة الفذة لديهم على صناعة الممكن من شبه العدم، وتحويل السلبيات إلى إيجابيات، وإعادة خلق وابتكار الأشياء من جديد، مما يبعث برسالة مهمة لعموم المجتمعات، ويلفت أنظار كل العالم إلى الخطر الذي تشكله العديد من الصناعات الملوثة للبيئة والمشوهة لمظاهر الحياة، وتأثيراتها المدمرة على مقدرات الطبيعة من تربة، ومياه، وهواء، ولينادي برسالة صريحة تؤكد على ضرورة تقنين هذه الصناعات وعدم الإفراط في استعمالها من قبل الأفراد في كل مكان.