أثارت إعادة افتتاح قصر المويجعي في العين قبل فترة، بعد إعادة ترميمه التي استغرقت نحو أربعة عقود، قضية اهتمام قيادتنا الرشيدة بالاستثمار في الثقافة، وما تضيفه القدرات الثقافية الوطنية إلى القوة الناعمة لدولة الإمارات، وما تُسهم به في زيادة مكانتها في العالم. ويأتي في مقدمة الاستثمارات الثقافية الهائلة في الدولة هذا المشروع الثقافي العملاق، الذي تحتضنه جزيرة السعديات - التي تمتد على مساحة 27 كيلومتراً مربعاً – ويتألف من ست مؤسسات ثقافية مميزة، هي: متحف لوفر- أبوظبي، الذي يُعد أول متحف عالمي في العالم العربي، ومتحف الشيخ زايد الوطني، ومتحف غوغنهايم- أبوظبي للفن الحديث، بالإضافة إلى متحف بحري، ومركز للفنون الأدائية، وفرع لجامعة نيويورك. وعندما يكتمل هذا المشروع خلال العامين القادمين، سوف تصبح جزيرة السعديات وجهة سياحية عالمية، تُشكّل جسراً ثقافياً وحضارياً بين العالمين العربي والغربي. أما قصر المويجعي المدرج في قائمة «اليونسكو» لمواقع التراث الإنساني العالمي، فيُعد معلماً ثقافياً يصور الإرث الثقافي والحضاري الإماراتي، ومتحفاً تاريخياً يعكس عراقة وتاريخ الإمارات وثراء تقاليدها، ورمزاً وطنياً يجسد عناية أهل الإمارات برموزهم الوطنية، بدءاً من القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. وقد أنشأ هذا القصر الشيخ خليفة بن زايد الأول، وبرز وجوده حين جدده وسكنه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، عام 1946، عندما تولى حكم المنطقة الشرقية، ليكونَ مقراً للحكم. وقد شهد القصر مولد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في اليوم السابع من شهر سبتمبر عام 1948. وتُضيف الفعّاليات الثقافية التي تنظمها وتستضيفها دولة الإمارات إلى مصادر قوتها الناعمة. ومن أهم هذه الفعّاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي أصبح أحد أهم ثلاثة معارض على مستوى العالم. وبلغ عدد زوار دورته الرابعة والثلاثين هذا العام أكثر من مليون و227 ألف زائر، وحفل برنامجه الثقافي بالندوات والمحاضرات والأمسيات، التي شارك فيها نخبة من الكتّاب والمثقفين والمفكرين القادمين من مختلف دول العالم. وفي العاصمة، احتفى معرض أبوظبي الدولي للكتاب باليوبيل الفضي مع انطلاق دورته ال 25 في شهر مايو الماضي. واستقطب المعرض، الذي يُعتبر معرض الكتاب الأسرع نمواً في المنطقة، ما يقرب من ربع مليون زائر. دون الحديث عن «مهرجان طيران الإمارات للآداب»، الذي يمثل أكبر مهرجان في الشرق الأوسط للكلمة المكتوبة والمقروءة. كما يعد معرض «آرت دبي» المعاصر من الفعاليات الفنية العالمية المهمة، التي تُسهم في الترويج للمشهد الثقافي المتنامي في دولة الإمارات. وهناك أيضاً صالات العرض في منطقة القوز الصناعية بدبي، والتي تتحول تدريجياً إلى أحد المراكز الجديدة للفن المعاصر. وفي هذا الخصوص، يمكن الإشارة إلى بروز دبي كوجهة مهمة للمؤسسات الفنية، ولتجار ومقتني الأعمال الفنية والأثرية وجميع المهتمين بالفن العالمي المعاصر. ولهذاْ نفهم سعي العديد من دور المزادات العالمية لتأسيس فروع حضور لها في دبي، مثل «دار كريستيز» العالمية وغيرها. وتستضيف دولة الإمارات باقة متنامية من الفعاليات والمبادرات الثقافية الأخرى، بما فيها «بينالي الشارقة»، و«مهرجان أبوظبي للموسيقا الكلاسيكية» و«مهرجان دبي السينمائي الدولي»، و«مهرجان أبوظبي السينمائي». ومن عناصر القوة الناعمة الثقافية الآخذة في التنامي لدولة الإمارات مراكز أو بنوك التفكير، وكذلك الأدوات الإعلامية. ومن أهم مراكز أو بنوك التفكير «منتدى الاتحاد» السنوي، ومركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ومركز الخليج للدراسات ومركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ومركز الإمارات للسياسات، وأكاديمية الإمارات الدبلوماسية وغيرهم. علاوة على ذلك، يبث من دولة الإمارات أكثر من 13% من القنوات الفضائية العربية. كما تستضيف الدولة كبرى الفضائيات العربية والدولية، مثل سي إن إن وسكاي نيوز عربية والعربية وناشيونال جيوغرافيك. خالد ناصر البلوشي - أبوظبي