كثيراً ما اشتكى المواطنون من المستشفيات الحكومية وتقاعس الممرضين عن خدمتهم، ولكن لا يتم سماع شكواهم باعتبار أنهم يبالغون بالشكوى، وكل أمور المستشفيات الحكومية والطاقم الطبي فيها «عال العال».. لكن ما حدث بالأمس القريب أكد قناعتي بأنَّ هناك ورماً خبيثاً يجب استئصاله من الجذور قبل أن يتفاقم ويستشري في جسد المجتمع.. ألا وهو الإهمال. فقد ذهبت جدتي في الصباح الباكر (قبل أن تغرد الطيور وتبحث عما تطعم به صغارها) إلى المستشفى لكي تقابل دكتورها في الموعد المحدد حتى يصرف لها الدواء الذي ينظم لها ضربات القلب، لكن انتظارها طال كثيراً، وبالنهاية أخبرتها الممرضة أنَّ الدكتور مسافر وغير موجود، وسيعود للبلاد بعد شهر تقريباً. سلمت جدتي المسكينة أمرها لله وهمت بالرحيل بعد جلوسها أكثر من خمس ساعات بالمستشفى، إلا أنَّ ربَّها لم يردها أن تخرج من المستشفى دون أن يكشف لها الحقيقة، فما أن سلكت طريقها للخروج حتى شاهدت طبيبها بشحمه ولحمه أمام عينيها.. فأخبرته وهي مصدومة: (الممرضة أخبرتني بأنك مسافر)، وما أن انتهت من الجملة حتى «تنحنح» الطبيب وتلون وجهه من شدة ارتباكه، ولم يعرف ما يرد سوى بقوله (كنت سأسافر ولكنني أجلت الموضوع)؟!! فهل هذا فعلا ًما حدث؟ هل كانت الممرضة متعمدة برفض إدخال جدتي على الطبيب، أم أنَّها حقاً لا تعلم بوجوده؟ ولم لا يتم التعامل مع كبار السن بنوع من الرحمة بدل التعقيدات التي لها أول وليس لها آخر.. فلا بأس مثلا أن يأخذ أي طبيب ملفها، ويكتب لها الدواء الذي تحتاجه بدلاً من الانتظار لشهر أو شهرين حتى عودة طبيبها من الإجازة؟ ألا يوجد في المستشفى أكثر من دكتور بنفس التخصص (ولا ما في بها البلد إلا هالولد؟). المشكلة أن كل مستشفى حكومي يتخصص بمجال معين أكثر من غيره.. فإن كان أطباء القلب جيدين جداً نرى أطباء الباطنية غير ذلك.. أو إن كان طب النساء ممتازا نرى قسماً آخر يفتقد المهارة، فلم لا يكون كل قسم بكل مستشفى له نفس مقياس النجاح والمهارة «والشطارة» كما نقول مثل المستشفيات الخاصة التي لها في التخصص الواحد أكثر من طبيب ماهر؟ أترك هذا السؤال للمسؤولين في الهيئة الصحية؟ أفراح جاسم