موسكو (وكالات) - أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس أن روسيا تعتزم تعليق عمليات التفتيش الأجنبية لترسانتها من الأسلحة الاستراتيجية ردا على «التهديدات» الأميركية ولحلف شمال الأطلسي بشأن الأزمة في أوكرانيا. وجاء هذا التهديد في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن روسيا مستعدة لبدء حوار «نزيه وعلى قدم المساواة» مع القوى العظمى حول أوكرانيا. وفي هذه الأثناء، أجرى ممثلون عن روسيا وأوكرانيا بـ«صفة شخصية» أول مباحثات بين الطرفين بعد تفجر أزمة شبه جزيرة القرم. وقالت وزارة الخارجية الروسية أمس في موسكو إن نائب وزير الخارجية الروسي جريجوري كاراسين التقى في موسكو مع السفير الأوكراني فلاديمير يلتشنكو بهذا الخصوص. وجاء في بيان للوزارة «إن قضايا العلاقات الروسية الأوكرانية تم بحثها في أجواء اتسمت بالصراحة». وذكر البيان أن موسكو لا تعترف بالقيادة الجديدة الموالية للغرب في كييف لأنها وصلت إلى السلطة عن طريق «الانقلاب» من وجهة نظر روسيا. وللمرة الثالثة على التوالي عاد المراقبون العسكريون لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أدراجهم فيما كانوا يحاولون أمس دخول القرم بعدما أطلق أشخاص موجودون عند نقطة تفتيش النار في الهواء. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الروسية، لم يكشف هويته، في بيان لوكالات الأنباء الروسية «نعتبر التهديدات التي لا أساس لها من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضد روسيا بشأن سياساتها حول أوكرانيا خطوة عدائية تتيح بالتالي إعلان حالة القوة القاهرة». وأضاف «إننا مستعدون للقيام بذلك ردا على تصريحات البنتاجون حول تعليق التعاون بين وزارتي الدفاع الروسية والأميركية». وتتم عمليات التفتيش في إطار معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية المبرمة مع الولايات المتحدة ووثيقة فيينا التي وقعتها الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ووقف هذه العمليات قد يعتبر من قبل الغرب انتهاكا كبيرا لهذه الاتفاقات التي هي حجز الزاوية للحفاظ على السلام في العالم منذ انتهاء الحرب الباردة. ورأى المسؤول الروسي أنه «نظرا إلى أن هذه العمليات مرتبطة بالثقة في إطار «العقوبات» التي أعلنتها الولايات المتحدة لا يمكن أن تحصل اتصالات ثنائية منتظمة حول احترام الاتفاقات». ووقعت معاهدة ستارت الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة بين الرئيس الأميركي باراك اوباما والرئيس الروسي في حينها ديمتري مدفيديف ودخلت حيز التنفيذ في فبراير 2011. وتنص على الخفض الكبير للصواريخ والرؤوس النووية من الجانبين وتجيز 18 عملية تفتيش سنويا لمواقع عسكرية. وأعلن وزير الخارجية الروسي أمس أن روسيا مستعدة لبدء حوار «نزيه وعلى قدم المساواة» مع القوى العظمى الأخرى حول الأزمة في أوكرانيا. وقال في مؤتمر صحفي متلفز في موسكو مع نظيره الطاجيكي «إننا منفتحون لحوار نزيه وموضوعي على قدم المساواة مع شركائنا الأجانب لإيحاد طريقة لمساعدة أوكرانيا على الخروج من الأزمة» في إشارة واضحة إلى الغرب. وأضاف «إننا مستعدون لمواصلة الحوار شرط أن يكون نزيها بين شركاء متساوين ودون أي محاولة لإظهارنا كأحد أطراف النزاع». ولمح إلى أن الغربيين أرادوا في الأزمة الأوكرانية تحدي سلطة موسكو ضمن الفضاء السوفييتي السابق. وقال إن «الأزمة تم التسبب بها في شكل مصطنع، لدواع جيوسياسية». وأوضح «لم نتسبب بهذه الأزمة. لقد اندلعت في الواقع رغم تحذيراتنا المتكررة منذ زمن». وهاجم لافروف مجددا الحكومة الأوكرانية التي استولت على السلطة بعد إطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش مشيرا إلى أن البلاد تسودها أجواء الرعب والفوضى. وقال «ما يسمى بالحكومة الانتقالية ليست مستقلة وهي خاضعة للأسف للقوميين المتشددين الذين استولوا على السلطة بالقوة». وأكد انه «ليس هناك أي سيطرة حكومية للحفاظ على القانون والنظام .. تسيطر مجموعات من اليمين المتطرف من حركة برافي سيكتور (قطاع اليمين) القومية التي تلجأ إلى أساليب الرعب والترهيب». وأعلن أن الحوار ينبغي أن يدفع السلطات الأوكرانية إلى احترام اتفاق 21 فبراير الذي وقعه آنذاك الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش وقادة المعارضة. وقال «هذا الاتفاق لم ينفذ»، مشددا على أن حل «المجموعات المسلحة غير القانونية» وفتح الطرق والمباني الرسمية إضافة الى تشكيل حكومة وحدة وطنية هي أمور لم تتم حتى الآن. في أثينا، اعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أنه «لا يزال يأمل» بجهود تؤدي إلى حل سلمي وتفاوضي في أوكرانيا، مشيراً أمس خلال زيارة لأثينا إلى أن «أوروبا لا تريد أن ترى مواجهة» في هذه الأزمة. إلى ذلك، قال صحفيون في القرم إن قافلة تضم مئات من الجنود الروس في نحو 50 شاحنة عسكرية دخلت قاعدة قرب سيمفروبول عاصمة الإقليم أمس. ورافق القافلة ثماني عربات مدرعة وسيارتا إسعاف وعربات صهريج محملة بالوقود وغير ذلك من العتاد.وتقول روسيا إن قواتها الوحيدة الموجودة في القرم هي التي تتمركز هناك بشكل طبيعي ضمن أسطول البحر الأسود التابع لها. وهو تأكيد تصفه واشنطن بأنه من «خيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.» من جهة أخرى، قال حرس الحدود الأوكراني أمس إن بعضا من أفراده طُردوا من موقع في القرم على أيدي جنود روس سيطروا على منازلهم وأرغموهم على الخروج في منتصف الليل مع عائلاتهم. ولم يتسن تأكيد التقرير بشكل مستقل على الفور. وهذه أحدث مواجهة بين القوات الروسية التي سيطرت على شبه جزيرة القرم الأسبوع الماضي والقوات الأوكرانية التي ما زالت موجودة هناك. وطوقت قوات روسية ترتدي زيا عسكريا ليس عليه أي شارات قواعد أوكرانية في القرم منذ أن سيطرت عليها الأسبوع الماضي وأمرت القيادة الروسية الانفصالية في المنطقة الأوكرانيين بالاستسلام. وحتى الآن لم يقع إطلاق نار لكن الأوضاع في القواعد أصبحت متوترة بشكل متزايد. والقوات الأوكرانية أقل عددا وعتادا ولا تبدي أي مقاومة. وقالت خدمة حرس الحدود الأوكرانية في بيان «القوات الروسية دخلت وسيطرت على وحدة تابعة لخدمة حرس الحدود في شتشولكين وطردت عائلات حرس الحدود الأوكراني.. هرع جنود روس إلى الوحدة ليلا.. خلال الهجوم ضربوا ضابطا كان يحاول مقاومتهم وسيطروا على مخزن للأسلحة.. هرع المهاجمون إلى الشقق التي تقيم بها العائلات». وأضاف «صادر الروس الهواتف المحمولة الخاصة بقائد الوحدة وزوجته وضباط آخرين. أمر الجميع بجمع أمتعتهم ومغادرة المبنى. في الوقت الحالي يسيطر جنود روس على الوحدة». الكرملين: عقوبات أميركا على روسيا يمكن أن «ترتد عليها» موسكو (د ب أ)- حذر الكرملين أمس من أن أي عقوبات تفرضها الولايات المتحدة على روسيا بشأن الاضطرابات في أوكرانيا يمكن أن «ترتد» على واشنطن. ونقلت وكالة أنباء «إيتار تاس» عن وزارة الخارجية الروسية قولها إن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال لنظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي أمس الأول إن «الخطوات المتسرعة التي قد يكون لها تأثير سلبي على العلاقات الروسية الأميركية.. قد يكون لها تأثير يرتد على الولايات المتحدة». وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الاتصال كان يهدف إلى جمع روسيا والحكومة الجديدة الموالية لأوروبا في أوكرانيا على طاولة واحدة لإجراء محادثات. ولا تعترف موسكو بالقيادة الجديدة في كييف، التي أطاحت بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش الشهر الماضي بعد ثلاثة أشهر من الاحتجاجات. وهددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ضد موسكو خلال المواجهة العسكرية في شبه جزيرة القرم الاستراتيجية، وحثا روسيا على سحب قواتها من المنطقة والسماح بدخول مراقبين دوليين ومراقبي حقوق الإنسان. وتقول موسكو، التي تحتفظ بقاعدة بحرية على البحر الأسود في شبه الجزيرة، إنها تحركت لحماية الروس، الذين يشكلون نحو 60 % من سكان شبه جزيرة القرم.