ضم ملتقى الشارقة للرواية في دورته الثالثة تحت شعار ''صورة الأنا والآخر في الرواية'' والذي انتهت فعالياته منذ أيام قليلة، شاركت العديد من الأسماء الكبيرة في التأليف والنقد والترجمة وقد كانت الدكتورة إيزابيلا كامرا دفيلينو المستعربة الايطالية، وأستاذة اللغة والأدب العربي المعاصر في كلية الدراسات الشرقية بجامعة روما كانت واحدة من المشاركين، وقد قدمت ورقة عمل هامة عن رؤيتها لصورة الأنا والآخر في الرواية من موقعها كباحثة ومترجمة ومدرسة للأدب العربي فجمعت بذلك ما تعرفه وتطلع عليه في الأدب الايطالي إلى جانب الأدب العربي، فمايزت بين عدة صور للآخر في الرواية· وقالت لـ''الاتحاد'' عن عنوان ملتقى الشارقة للرواية ''صورة الأنا والآخر في الرواية'': بدون شك إن هذه الصورة المخبوءة في الضمير الإنساني والتي لها خفايا كثيرة، تعتبر إشكالية من إشكاليات الرواية في العالم بشكل عام، فالرواية أصبحت بتطورها تعكس الذات الإنسانية وتبدد التشابكات الايجابية والسلبية فيها وتقدم صورنا وصورنا المعاكسة، ومن هنا تأتي أهمية هذه الإشكالية فهي تحاكي عمق الرواية وبنيانها الأساسي، حاولنا في هذا الملتقى أن نلقي الضوء على العديد من الجوانب التي تندرج تحت هذا العنوان· وحول قدرة الرواية كنوع أدبي على التواصل مع الآخر قالت: إن الرواية هي أكثر الأنواع الأدبية قدرة على تعميق التواصل مع الآخر لأن الرواية أسهل للقارئ من بقية الأنواع الأدبية الأخرى، الشعر مثلاً، ثم إن الرواية تعكس أحداث المجتمع وتاريخه وتطوره فهي بذلك تشكل وسيلة اتصال هامة بين الشعوب وبأسلوب رفيع المستوى، ولكن أقول هنا وقد ذكرت شيئا عن عملي إن الأهم هو الترجمة فبدون الترجمة ستكون الرواية أداة تواصل مجهولة بالنسبة للآخر· فضول الشباب والبحث في المجهول والرغبة في أن تكون على مقربة من عوالم الإنسان بعذاباته وتجلياته، أو ربما ضربا من الجنون كما تقول هي عن نفسها دفعها لتبذل سنوات عمرها في تعلم العربية والبحث فيها· سحرتها اللغة العربية بأحرفها ونغمتها منذ شبابها المبكر فتركت صخب الشباب ولياليه لتحاكي لغة استعصت على الكثيرين من غير العرب، وربما من العرب أنفسهم أحيانا، أثارتها مشاهد دماء شعب عربي على شاشات التلفزة الايطالية فأصرت إلا أن تعرف ماذا يحدث لهذا الشعب الذي كان وما زال يوصف بالإرهاب، عن ذلك تقول: لعل الموضوع أكبر من أن يكون مجرد ترجمة من لغة إلى أخرى، فالقصة بدأت معي منذ ما يزيد على العشرين عاما مضت، عندما كنت أرى مشاهد الدمار والقتل في فلسطين، وكانوا يقولون في وسائل الإعلام الغربية عن هذا الشعب انه إرهابي، حينها أردت أن أعرف الحقيقة من أهلها وبلغتهم فاندفعت باتجاه العربية كمجاهدة أو عاشقة وبدأت أغوص في عوالمها السحرية بشكل غريب، وأنا الآن عندما أنظر إلى حياتي التي مضت أرى أنني قضيتها في بحور هذه اللغة والعمل عليها، لقد أحببتها وصارت جزءا لا يتجزأ مني''· قدمت الدكتورة إيزابيلا ترجمات للايطالية للعديد من الكتب والروايات العربية مثل ''ميرا مار'' للكاتب الكبير نجيب محفوظ، ''سداسية الأيام الستة'' لأميل حبيبي ومختارات قصصية لغادة السمان كذلك مختارات قصصية لكاتبات سعوديات، عن خياراتها في الكتب التي تترجمها تقول: ''أنا مستقلة تماما في خياراتي، بصراحة أنا اقرأ الكتب والروايات العربية بالإضافة للأصدقاء المتواجدين في مثل هذه الملتقيات، يقدمون لي الكتب العربية، وعندما اشعر أن هناك ما يجب ترجمته أختاره وأبدأ بالعمل، لكن في أحيان كثيرة أقرأ روايات عربية رائعة لكنها لن تكون مفهومة عندنا في ايطاليا، وهذا يعود لاختلاف البنى الاجتماعية، عند ذلك لا أرى جدوى من ترجمتها''· وعن آخر أعمالها في هذا المضمار قالت: ''عملت مؤخرا على ترجمة قصص قصيرة لإبراهيم الكوني وقد أنجزت، بالإضافة لرواية ''الأشجار واغتيال مرزوق'' لعبد الرحمن منيف والآن أدرس مشروع ترجمة بعض إنتاج الأدب الخليجي''·