المنافسة حتى الرمق الأخير يجعل أي مسابقة تحتفظ بأسرارها وإثارتها حتى الدقيقة الأخيرة، وعندما يحدث عكس ذلك تتحول البطولات إلى مجرد مباريات بلا روح ولا طعم، وبنظرة سريعة على الدوريات العالمية نجد أن بطولات كبيرة لم تحسم إلا مع صافرة النهاية كما يحدث في الكالشيو الإيطالي عندما تقام الجولة الأخيرة اليوم، وكما تابع المشاهدون وعشاق الساحرة المستديرة في الدوري السعودي وكذلك الفرنسي أمس حيث بقي ليون المتصدر بفارق نقطتين وبوردو في دائرة المنافسة، ولم تتحدد هوية الدوري الإنجليزي إلا في الجولة الأخيرة· وفي المقابل يستمر صراع الثنائيات في إيطاليا وتونس والمغرب على سبيل المثال والكل يعرف أن اللقب حائر بين الإنتر المتصدر ومطارده روما ويعلن عن هوية الفائز اليوم، وهو ما يشهده الدوري التونسي الذي يشهد سباقاً مرعباً بين النجم الساحلي والأفريقي حتى ما قبل خط النهاية بجولتين، ونفس المشهد يتكرر في المغرب لأن المنافسة محتدمة بين الجيش الملكي والاتحاد الزموري للخمسينات· وفي المقابل تحولت بعض الدوريات بما فيها الدول العملاقة كروياً إلى ''وهم كبير''، وهو السيناريو الذي رسمه الدوري الإسباني ''الليجا'' عندما هيمن ريال مدريد على مقاليد الأمور منذ البداية، وكذلك بايرن ميونيخ في الدوري الألماني وبورتو في الدوري البرتغالي بدليل أن الفارق مع سبورتنج لشبونة أقرب منافسيه وصل إلى 20 نقطة، وفي مصر غرد الأهلي منفرداً وحسم اللقب بعد أسابيع قليلة من بداية الدور الثاني· وعندما نقلب في أوراق دورينا نجد أن فريقي الشباب والجزيرة يستحقان اللعب على دور البطولة المطلقة في ''فيلم الموسم''، ورغم أن التفاوت في الأداء والمستوى كان الظاهرة الواضحة في الدوري، إلا أن الشباب والجزيرة يعتبران أفضل الفرق من حيث النتائج، ولم يتنازل الأخضر عن الصدارة، بل إنه استعاد وجهه الحقيقي في المباريات المصيرية بدليل النجاح في حصد أغلى نقاط الموسم عندما تغلب على الشارقة على ملعبه وبين جماهيره 3/2 في الجولة قبل الماضية، ومن بعدها الفوز الكبير والمعنوي على الوصل برباعية نظيفة أبقت على فارق النقاط الثلاث مع الجزيرة· ويدخل الشباب مباراة الجولة الأخيرة بفرصتين لحصد اللقب، ويملك الجوارح مجموعة رائعة من اللاعبين المواطنين ومدرب يجيد قراءة الملعب ووضع الخطط التي تجعل الأخضر يقلب الموازين لصالحه في أي لحظة، وفي حالة حصول الشباب على نقطة واحدة من مباراة الجزيرة فسوف يدخل الفريق القائمة الذهبية للمرة الثالثة في تاريخه بعد تتويجه عامي 1990 و·1995 أما الجزيرة فسوف يدخل اللقاء وأمامه فرصة واحدة، ربما تكون تاريخية، فمعانقة اللقب للمرة الأولى في تاريخ قلعة العنكبوت يبدأ من الفوز على الشباب، للوصول إلى مباراة فاصلة كخطوة مهمة وضرورية في الحلم الجزراوي، لأن التتويج لا بد أن تسبقه الخطوة الأولى، ولا شك أن الفريق الجزراوي في أفضل حالاته، ويسلح العنكبوت بسلاح البطولة الخليجية، وبالتالي تبدو الفرصة متاحة لكتابة اسمه في القائمة الذهبية للدوري لأول مرة ليلحق بالعين والوحدة والوصل والشارقة والأهلي والنصر والشباب، ويملك الجزيرة مجموعة رائعة من اللاعبين المواطنين والأجانب على رأسهم الموهوب واللاعب العصري صالح عبيد وقدرته التهديفية الرائعة، وأيضاً المدافع المتمكن والواثق راشد عبدالرحمن والصاعد بسرعة الصاروخ أحمد دادا ودياكيه والأجانب توني وكوكو ومامادو دياللو· لا يعترف دورينا بفارق النقاط ولا المواجهات المباشرة في حالة تساوي فريقين في عدد النقاط، يتم الاحتكام إلى مباراة فاصلة، وكانت آخر مباراة من هذا النوع جمعت بين الأهلي والوحدة عام 2006 بمدينة العين، ورجحت كفة الأهلي· هلالية على الطريقة الإسبانية في الدوري السعودي، كانت المسابقة على موعد مع الإثارة حتى الدقيقة الأخيرة، ودخل الاتحاد والهلال المباراة الأخيرة في الأسبوع الثاني والعشرين، وهما المنافسان الوحيدان على اللقب، وكان العميد يحتاج إلى نقطة التعادل لاعتلاء منصة التتويج، وفي المقابل لم يكن أمام الهلال إلا الفوز، للعودة من جدة باللقب، ولم تسبق المباراة أي حسابات أخرى تتعلق بفارق الأهداف أو مباراة فاصلة، لأن البطولة تقام بنفس نظام الليجا الإسباني حيث يتم الاحتكام إلى نتيجة مباراتي الفريقين في الذهاب والعودة لتحديد البطل عند التساوي في عدد النقاط، وكان الاتحاد متقدماً على الهلال بفارق 3 نقاط ''48 مقابل ''45 وتعادل الفريقان بدون أهداف في مباراة الدور الأول التي أقيمت بالرياض الأول من ديسمبر 2007 وفي لقاء العودة التي أقيمت في ختام الدوري بملعب الاتحاد في جدة يوم 13 أبريل الماضي نجح الهلال في حسم المباراة لصالحه بهدف أحرزه المهاجم ياسر القحطاني في الدقيقة 49 ليتقدم الهلال إلى المركز الأول ويتراجع الهلال إلى المركز الثاني، رغم أن ''الاتي'' كان الأفضل في فارق الأهداف· حمراء كالعادة شهد الدوري الإنجليزي قمة الإثارة واتسعت دائرة المنافسة حتى ضاقت على فرسي الرهان قبل النهاية بجولات قليلة، وتباينت الترشيحات بين مانشستر يونايتد وتشيسلي، خاصة بعد أن انتهت المواجهة المباشرة بينهما يوم 26 أبريل ضمن منافسات الجولة السادسة والثلاثين، لصالح الأزرق بهدفين مقابل هدف، أحرز هدفي تشيلسي مايكل بالاك، أما الهدف الوحيد لمانشستر يونايتد فقد أحرزه واين روني، ووصل الفريقان إلى النقطة ·81 ولم يتغير الحال في الجولة التالية، حيث فاز مانشستر يونايتد على وست هام بأربعة أهداف مقابل هدف، حملت الأهداف توقيع كريستيانو رونالدو ''هدفين'' وكارلوس تيفيز ومايكل كاريك، في الوقت الذي تغلب فيه تشيلسي على نيوكاسل بهدفي بالاك ومالودا، وترقبت الأنظار نتائج الفريقين في الجولة الأخيرة يوم 11 مايو، حيث لعب مانشستر يونايتد مع ويجان، بينما تقابل تشيلسي مع بولتون، ورصيد فارسي الرهان 84 نقطة، وكان الفوز يكفي مانشستر للتتويج بفارق الأهداف حتى لو فاز تشيلسي، ولكن الأخير كان ينتظر كبوة ''مان'' ولو بالتعادل، ولكن ما حدث أن مانشستر يونايتد خدم نفسه بنفسه وحقق الفوز على ويجان بهدفين أحرزهما بول سكولز وريان جيجز، وتعادل تشيلسي مع بولتون 1/1 ورفع مان رصيده إلى 87 نقطة مقابل 85 نقطة لتشيلسي· وفي الدوري الفرنسي بقى الصراع محتدماً حتى الجولة الأخيرة مساء أمس عندما تقابل ليون صاحب السداسية المتتالية مع أوكسير، بينما لعب بوردو المنافس الوحيد مع لنس، والفارق بين الفريقين نقطتين فقط، حيث يتربع ليون على القمة برصيد 76 نقطة مقابل 74 نقطة لبوردو· وفي الدوري الأوكراني، يتنافس على اللقب فريقا شاختار دونيتسك ودينامو كييف، والفارق بينهما نقطة واحدة، حيث يحتل شاختار المركز الأول وله 71 نقطة مقابل 70 نقطة لدينامو كييف، وتقام الجولة الأخيرة اليوم حيث يلعب شاختار مع ميتاليرج، ودينامو كييف مع متاليست· بطولات تنتهي قبل الأوان على خلاف العادة انتهى السباق مبكراً جداً في العديد من الدوريات الأوروبية والعربية قبل أسابيع طويلة من النهاية، ومنها على سبيل المثال الدوري المصري الذي حسمه الأهلي للمرة الرابعة على التوالي قبل سبع جولات على الأقل عندما اتسع الفارق لصالحه بأكثر من 20 نقطة عن الزمالك والجيش والإسماعيلي أقرب منافسيه، ولم يكن الدوري الألماني أحسن حالاً من نظيره المصري، فقد عزف بايرن ميونيخ منفرداً، وحتى الأسبوع الثالث والثلاثين وصل البايرن إلى النقطة 73 بفارق 10 نقاط كاملة عن بريمن صاحب المركز الثاني برصيد 63 نقطة، وجرت أمس مباريات الأسبوع الأخير· الريال على الموعد في إسبانيا لم يتوقف قطار ريال مديد وتخطى كل منافسيه حتى أبقى على الهوية البيضاء للقب الليجا، وفي المقابل تعرض برشلونة لسلسلة من الكبوات أطاحت به خارج السباق مبكراً، وجمع النادي الملكي حتى الجولة قبل الأخيرة 82 نقطة، بفارق 8 نقاط عن فياريال صاحب المركز الثاني، و18 نقطة كاملة عن برشلونة صاحب المركز الثالث، وقدم البارسا موسماً سيئاً على كافة المستويات، خرج الفريق خالي الوفاض من الدوري وأيضاً كأس إسبانيا عندما تعثر في الدور قبل النهائي أمام فالنسيا، وودع دوري أبطال أوروبا بالهزيمة أمام مانشستر يونايتد الإنجليزي في الدور نصف النهائي، وتقرر الاستغناء عن خدمات الهولندي فرانك ريكارد مدرب الفريق، كما أن إدارة النادي رفعت شعار التغيير بالاستغناء عن عدد من اللاعبين وبدء مرحلة تجديد الدماء· من ناحية أخرى كان الموسم الحالي للدوري البرتغالي نموذجاً صارخاً لعدم التكافؤ بين المتصدر ومطارديه، يكفي أن نعرف أن بورتو حسم اللقب لصالحه بفارق 20 نقطة كاملة عن سبورتنج لشبونة الذي جاء في المركز الثاني، وحصد بورتو 75 نقطة مقابل 55 نقطة لسبورتنج لشبونة، والطريف أن الدوري رفع شعار المنافسة على المركز الثاني بعد أن غرد بوردو بمفرده خارج السرب، وحصل سبورتنج لشبونة على الوصافة بفارق نقطتين عن فيتوريا جويمارايش، و3 نقاط عن بنفيكا الذي حل في المركز الرابع· حرب في الشمال بنظرة بسيطة على الدوري في المغرب وتونس نجد أن المنافسة أشبه بحرب ضارية، فيما حسم شبيبة القبائل السباق تماماً في الجزائر عندما وصل إلى النقطة 56 بفارق 8 نقاط عن أولمبي الشلف صاحب المركز الثاني، والطريف أن الأخير لعب مباراة أكثر، أي أن الفارق قابل للزيادة إلى 11 نقطة· وفي تونس يتساوى النجم الساحلي والأفريقي في رصيد 57 نقطة عقب المرحلة الرابعة والعشرين، وتبقى على نهاية الدوري جولتان، ويلعب اليوم الأفريقي خارج ملعبه مع قوافل قفصة، بينما يحل النجم الساحلي ضيفاً على الملعب القابسي، وتشهد الجولة الأخيرة المحدد لها يوم 22 مايو الحالي مباراة قمة من العيار الثقيل عندما يلتقي النجم الساحلي على ملعبه وبين جماهيره بمدينة سوسة مع الترجي، بينما يلعب بالعاصمة تونس الأفريقي مع الترجي الجرجيسي· وفي المغرب تبقى مرحلتان على نهاية الدوري، ويحتل الجيش الملكي المركز الأول برصيد 49 نقطة من 27 مباراة، أي أن الفريق تبقى له مباراة مؤجلة، كفيلة بزيادة الفارق وبالتالي الاقتراب أكثر من اللقب، ويحتل الاتحاد الزموري للخمسيات المركز الثاني وله 47 نقطة من 28 مباراة، فيما تبدو فرصة الرجاء البيضاوي في المنافسة صعبة للغاية حيث يأتي الفريق في المركز الثالث وله 44 نقطة من 28 مباراة، ويتوقف فوزه باللقب على تعثر الفرق التي تسبقه في جدول الترتيب خاصة الجيش الملكي·