أبوظبي (الاتحاد) افتتح مركز سلطان بن زايد موسمه الثقافي الجديد 2018 صباح أمس في مقر المركز بالبطين في أبوظبي بندوة بعنوان «زايد الأثر والتأثير»، تزامناً مع بدء «عام زايد»، شارك فيها نخبة من الباحثين والكتاب، قدموا أوراق عمل، خلال جلستين، غطت عديداً من جوانب شخصية القائد المؤسس وتجربته وقيادته، طيب الله ثراه. ورحب منصور سعيد عمهي المنصوري نائب سمو المدير العام للمركز، في كلمة الافتتاح، بالحضور، وقال: «لعلنا اليوم نعتزُّ فخراً ومُفاخَرَةً بما وجَّهنا به رئيس المركز سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، بإقامة ندوةٍ عن مآثر قائدنا الباني، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه»، مشيراً إلى أن تخصيص هذا العام (2018) لزايد لا يعني أنَّ مآثرَه يُمْكِن أن تُذْكَرَ في عام أوْ تَستَوعِبَها فترةٌ زمنية محددة، فالألسنُ تلهج بذكراه دائماً، والأعين لم تنس تلك المَشاهِدَ التي تُعَدُّ صرحاً شامخاً لمنجزاته. وشدد المنصوري على أن الشيخ القائد المؤسس استطاع أن يُجسِّد اتحاداً واقعاً ملموساً، لترتقي على يديه دولةُ الإمارات إلى مَصَاف الدول المتقدمة في شتى المجالات، ولتصبح مضربَ الأمثال بين البلدان، وليمتاز الاتحاد دون غيره بالنجاح والشموخ، حين أخفقت اتحاداتٌ عربية أخرى، مشيراً إلى أنه مهما قالوا عنه، فإنهم لن يستطيعوا حَصْرَ مآثره ولا استيعابَ إنجازاته. وفي الجلسة الأولى للندوة بإدارة عبد الله أبو بكر مدير مجلة بيت الشعر، تحدث الباحث في المركز الدكتور نايف علي عبيد عن دور القيم والتصورات في صناعة القرار، مبيناً أن فلسفته السياسية استمدت جذورها من الإسلام والثقافة العربية، والتقاليد المتأصلة في هذه المنطقة، وأضاف: أنه، رحمه الله، كان ينبذ التعصب، ويدعو إلى الحوار البنّاء بين الأديان، كما كان يرفض الإرهاب بأشكاله كافة، وكان يربط بين العروبة والإسلام مؤمناً بأنه لا فصام بينهما، مؤكداً أن سياسته قامت على الأخوة والإنسانية وقيم المجتمع. وتحدث الدكتور رسول محمد رسول حول زايد والشعر، وقال: إن تجربة الشيخ زايد الشعرية ثرية في مضامينها القيمية، من حيث المعاني الإنسانية أو الجمالية، كما أنها ذات طابع تواصلي ملحوظ، لا تقتصر على بوح ما في الذات الشخصية، إنما تمتد إلى الذات الإنسانية.. وذكر أن قصيدة الشيخ زايد تمتاز بسلاسة الإيقاع الموسيقي، وحلاوة اللفظ، وبساطة الكلمات، وغنى الصورة الشعرية والبلاغية. وتناول في ورقته قصيدة «الوالد» من شعر سمو الشيخ سُلطان بن زايد آل نهيان، مدللاً على أن التجربة اتخذت طابع الخصوصيَّة عندما كتب أنجال الشَّيخ زايد قصائد في حب أصيل للوالد والوفاء له إعجاباً بشخصيته الرائعة، وكشف عن جماليات قصيدة سمو الشيخ سُلطان بن زايد آل نهيان في والده التي تألفت من اثني عشر بيتاً شعرياً جاءت إلى صور عدّة، منها صور التحيَّة والسلام على زايد الخير والوئام، وتطرق الدكتور رسول إلى تجربة التواصل الإنساني في شعر الشيخ زايد الذي كانت مسيرته الشِّعريَّة حافلة بصور تمثيل الآخر شعرياً عندما كان خطابه الشِّعري لصيق حياته القيادية والمجتمعية والأسرية، بما فيها علاقاته الإنسانية المتوثبة والفاعلة والمنتجة. وفي الجلسة الثانية من الندوة التي أدارها الدكتور محمد فاتح زغل مدير تحرير مجلة الإمارات الثقافية، قدم الدكتور حمد بن صراي أستاذ التاريخ بجامعة الإمارات ورقة عمل حول المنظومة الأخلاقيّة والتربويّة في فكر الشّيخ زايد، بين فيها أنه، طيب الله ثراه، يعد أحد النماذج العربية الإسلامية المعاصرة الفريدة التي تركت آثاراً إيجابية متنوعة على الصعد كافة في الحياة والمجتمع. وقال ابن صراي: إن المجالس أظهرت أنه، طيب الله ثراه، كان ذا قدرة فائقة في إدارة الحوارات والتركيز على الأخلاق وآداب المجالس وإكرام الضيف واحترام القيادات وتقدير الكبار وتربية الصغار، رغبة منه في إحاطة المجتمع بسياج الخير والفضيلة، مع التركيز على الأجيال الناشئة التي أضحت الهم الكبير لديه، موضحاً أن سموه كان يرى أن ثورات الأخلاق الحميدة من أعظم مكتسبات المجتمع الإماراتي. وفي ورقة عمل حول دور الشيخ زايد في دعم وتطوير الإمارات قبل الاتحاد، شدد الدكتور سيف البدواوي على أن الوحدة والتآزر كانا السمة الأبرز لرؤيته، طيب الله ثراه، لافتاً إلى التضحيات الجليلة التي قدمها، بطبعه الأبوي الكريم والمتسامح، للتغلب على تلك الصعوبات، وتوجت المسيرة بتحقيق قيام الاتحاد. وقدمت الدكتورة غادة صالح أستاذة الإعلام بكلية الإمارات للتكنولوجيا ورقة عمل بعنوان المغفور له الشيخ زايد في عيون الإعلام العربي والعالمي، قالت فيها: إن الإعلام شكل القوة المحورية التي ساندت القائد في مشروعه الوحدوي، مشيرة إلى ما ذكره إعلاميون عاصروا وعملوا مع الشيخ زايد من أنه عندما تولى الحكم في أبوظبي، رأى ضرورة إيصال صوت الإمارة إلى كل مكان مبشراً بالاتحاد والأمل والحب، وهي دعوة قومية تتطلب إعلاماً وطنياً قوياً يبعث الأمل والثقة للمضي قدماً في تحقيق التقدم. ودار في ختام الجلستين حوار بين المشاركين والحضور تركز على شخصية زايد القائد والإنسان والقدوة، مؤكدين أنه حالة فريدة قل مثيلها، وسيخلدها التاريخ بحروف من ذهب. تلا ذلك حفل تكريم للمشاركين، حيث قام منصور سعيد المنصوري بتقديم دروع وشهادات للمحاضرين تكريماً لهم.