تعتزم وزارة المالية المصرية تطبيق سلسلة من الإجراءات الضريبية الهادفة الى كسر حدة الركود الاقتصادي بالبلاد منذ اندلاع ثورة 25 يناير. وتسعى وزارة المالية الى تقديم مجموعة من الحوافز الضريبية الجديدة للممولين من الشركات والأفراد في المرحلة المقبلة بهدف تعزيز قدرة الشركات على الصمود في وجه التداعيات الاقتصادية الراهنة وتمكين الممولين من الوفاء بالتزاماتهم الضريبية حتى لا يؤثر ذلك على إجمالي الحصيلة المتوقعة للعام المالي الجاري وفي نفس الوقت مواجهة الركود والمساعدة على تنشيط حركة الاقتصاد الكلي ومساعدته على تخطي الأزمة الراهنة. وتتوزع حزمة الحوافز الجديدة لتشمل نواحي إجرائية تتعلق بطرق السداد وجداول زمنية مقترحة لتقسيط الضرائب المستحقة وتبسيط نماذج الإقرارات المقدمة من الممولين خلال الموسم الحالي والذي ينتهي في 31 مارس الجاري بينما تشمل الحوافز أيضا بعض التخفيضات والإعفاءات التي سيتم توجيهها لأنشطة اقتصادية كانت الأكثر تضرراً من تداعيات الأحداث السياسية بالبلاد وفي مقدمتها أنشطة السياحة والمقاولات والتشييد. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن الحزمة المقترحة والتي من المقرر أن تعتمدها حكومة الدكتور عصام شرف لتبدأ وزارة المالية تنفيذها من النصف الثاني من شهر مارس سوف تشمل تأجيلا مؤكدا لتطبيق الضريبة العقارية والتي كان من المنتظر أن يبدأ تحصيلها خلال أيام وكذلك منح بعض التيسيرات في مجال ضرائب الدخل وضريبة الأرباح التجارية للشركات والتي تدور حالياً حول 20% حيث إن الحوافز الجديدة في هذه الضريبة لن تتعلق بخفض قيمتها بل عبر اعتماد مصروفات وبنود إنفاق في الشركات لم يكن يتم اعتمادها في السابق الا مؤيدة بالمستندات وذلك بهدف خفض معدلات الأرباح الصافية الخاضعة للضريبة ومن ثم خفض النسبة المسددة لمصلحة الضرائب. وحسب هذه المعلومات أيضا فإنه سيتم تقديم تيسيرات إضافية للممولين المتأخرين فى سداد الضريبة ومنها الغاء غرامات التأخير والفوائد البنكية التي كانت تتم إضافتها على هذه المبالغ اعتباراً من تاريخ ربطها نهائيا على الممولين مما يغلق أبواب النزاعات القضائية بين مصلحة الضرائب والممولين بسبب الغرامات والفوائد. ورغم أن المؤشرات الرئيسية للعام المالي الجاري تؤكد أن ثمة عجزاً متوقعاً في الحصيلة الضريبية بسبب تأثر العديد من الأنشطة الاقتصادية بالأحداث الأخيرة وهو عجز يتراوح بين 10، 15 بالمئة من الحصيلة التي تدور حول 170 مليار جنيه سنويا تشمل ضرائب المبيعات والدخل والأرباح التجارية والصناعية الى جانب بعض أنواع الرسوم ذات الطبيعة السيادية فان أسبابا سياسية وأخرى فنية تقف وراء الدفع بحزمة الحوافز الجديدة بهدف انقاذ الموسم الضريبي الراهن لاسيما وأن أحداث الثورة اندلعت مع بداية موسم تقديم الإقرارات الضريبية الى جانب مساعدة المتضررين وتشجيعهم على سداد جزء من الضرائب المستحقة عليهم بدلاً من التوقف نهائيا عن سداد هذه الضرائب الأمر الذي يعني إمكانية تصاعد عجز الموازنة واللجوء الى تمويل العجز عبر عمليات اقتراض داخلي من البنوك بطرح سندات وأذون خزانة وهو الحل السلبي الذي لا ترغب وزارة المالية في اللجوء اليه في عام اقتصادي صعب تواجهه مصر في 2011. ويرى خبراء اقتصاديون أنه رغم هذه الإجراءات فإن ثمة عجزا متوقعا في الحصيلة الضريبية مما يعني ضرورة اللجوء لطرح المزيد من سندات الخزانة مما سيؤثر على السيولة المتاحة بالبنوك ومن ثم يؤثر سلبا على قدرة هذه البنوك على تمويل الأنشطة الاقتصادية المختلفة في المرحلة المقبلة. ويشير الخبراء الى ضرورة اللجوء الى بدائل غير تقليدية لمواجهة عجز الحصيلة الضريبية وفي مقدمة هذه البدائل اعادة النظر في أولويات الانفاق العام وسد ثغرات تسرب الأموال في الموازنة لا سيما في ظل أعباء إضافية سوف يتحملها بند الأجور من شهر أبريل المقبل والمتمثلة في زيادة هذه الأجور بنسبة 15 بالمئة وفقاً للقرارات الحكومية الأخيرة وهي قرارات يصعب التراجع عنها نظرا لحالة الاحتقان السائدة في الشارع المصري هذه الأيام. هذا العجز المتوقع في الحصيلة الضريبية والذي قد تعززه حزمة الحوافز الجديدة سوف يقابله مردود إيجابي على حركة الاقتصاد الكلي بالبلاد مثل اعطاء دفعة من التنشيط لاسيما لقطاع الصناعات التحويلية الذي كان ولا يزال يمثل قاعدة التصدير الرئيسية في مصر وباعتباره كان القطاع الأكثر سداداً للضرائب نظراً لطبيعته المتنوعة وحجم الأرباح الكبيرة التي كان يحصدها في سنوات الازدهار الاقتصادي منذ مطلع العام 2005 وحتى نهاية 2008 قبل أن تندلع الأزمة المالية العالمية وتطيح بجانب كبير من الأرباح التي كان يحققها هذا القطاع. أيضاً فإن هذا التنشيط سوف يطال قطاعات الخدمات التي تعد مسؤولة عن توليد نحو 40% من فرص العمل والدخل في الاقتصاد القومي خاصة الخدمات السياحية وخدمات النقل والاتصالات الى جانب خدمات قطاع التشييد والبناء الأمر الذي قد يمنح فرصة للاقتصاد الكلي أن يستعيد توازنه في فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر قادمة اذا تزامن مع هذه الإجراءات الضريبية نوع من انفتاح الأفق السياسي وتراجع غموض الموقف على مسار الخيارات الاقتصادية المستقبلية للبلاد. ويؤكد الدكتور مصطفى هديب، رئيس أكاديمية التمويل والإدارة الدولية، أهمية حزمة الحوافز الضريبية التي تعتزم وزارة المالية المصرية تطبيقها في المرحلة القادمة معتبراً أن هذه الحزمة تأتي في إطار خطة اقتصادية شاملة للتعامل مع الأزمة الراهنة والمترتبة على تراجع النشاط الاقتصادي في عدد من القطاعات الرئيسية. وقال هديب إن هذه الحوافز سوف تؤثر ايجاباً وسوف تساعد بعض الأنشطة المتضررة من الأزمة على استعادة أوضاعها سريعاً ولكن لكي تؤتي الحزمة الضريبية نتائج أكثر فاعلية يجب أن تتزامن معها سلسلة موازية من الإجراءات التمويلية من البنوك لمساعدة الأنشطة المتضررة الى جانب اطلاق برامج تحفيزية أخرى في مجالات دعم التصدير. ويشير هديب إلى أن الأزمة ألقت بأعباء إضافية على الصناعات التحويلية على وجه الخصوص تتمثل في ارتفاع تكلفة التأمين على البضائع وارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام في الخارج وتكلفة النقل الى جانب أن اغلاق الجهاز المصرفي لفترة طويلة ساهم في حرمان الكثير من المصانع من الحصول على مواد خام بأسعار جيدة وكذلك إغلاق البورصة أدى الى تراجع السيولة المتاحة في الأسواق ولدى الشركات التي كانت تلجأ في كثير من الأحيان الى البورصة للحصول على تمويل سريع لأنشطتها عبر عمليات بيع لأسهم الخزانة التي كانت تحتفظ بها وهي سيولة كانت تحصل عليها الشركات مضافا اليها أرباح الأسهم الى جانب أنها سيولة غير مكلفة لهذه الشركات. ويضيف أن هذه الإجراءات في حالة تطبيقها مجتمعة سوف تحرك عجلة النشاط وتسهم في انقاذ الحصيلة الضريبية المعرضة للانهيار ومن ثم المساعدة في علاج عجز الموازنة عبر توفير موارد مالية حقيقية وليس اللجوء الى مزيد من الديون بطرح سندات وأذون خزانة. ويؤكد الخبير المصرفي أحمد قورة أن الإعفاءات الضريبية وحدها لا تصنع انتعاشا اقتصاديا لأن هناك العديد من القطاعات التي تحتاج لأشياء أخرى غير الاعفاءات لاسيما وأن تداعيات الأحداث على الجانب الاقتصادي كبيرة وعلى سبيل المثال هناك صناعات تعتمد في وجودها على التصدير وبعض هذه الصناعات فقدت جزءاً من أسواقها الخارجية في الفترة الماضية وبالتالي هي ليست في حاجة الى اعفاء أو خفض ضريبي بقدر حاجتها الى دعم تكلفة شحن البضائع أو دعم اشتراكها في معارض خارجية أو غيرها من أوجه الدعم التي تستفيد منها مباشرة في العودة السريعة للنشاط. ويضيف قورة أن المرحلة الحالية في حاجة الى رؤى مغايرة وأفكار غير تقليدية لإعادة الانتعاش للنشاط الاقتصادي ولخفض فاتورة الخسائر بقدر الامكان واختصار المدة الزمنية التي سيطر خلالها الركود وتراجع المبيعات لاسيما ونحن ـ ضمن بقية بلدان المنطقة العربية ـ مقبلون على موجة تضخم جديدة بفضل ارتفاع أسعار الغذاء عالميا واستمرار ارتفاع أسعار النفط الأمر الذي يعني أننا في مصر ربما نواجه ما يعرف بالركود التضخمي وهو أسوا أنواع الركود. ويشدد أحمد قورة على ضرورة سرعة صرف التعويضات للمنشآت المتضررة من الأحداث والتي تم رصد 5 مليارات جنيه لها لأن ذلك يساعد المنشآت على العودة للإنتاج مرة أخرى. إعادة فتح البورصة المصرية قبل 28 مارس القاهرة (رويترز) - نقلت صفحة رئيس الوزراء المصري على موقع «فيسبوك» عن وزير المالية قوله أمس إن مصر ستعيد فتح البورصة قبل 28 مارس، تجنباً «للشطب من المؤشرات العالمية». وقال الوزير سمير رضوان إن أحد أسباب استمرار اغلاق البورصة هو أن الوضع في مصر «لم يصل إلى التحسن الذي كنا نتصوره وإن كانت الأمور تسير نحو الأفضل كل يوم». والبورصة المصرية مغلقة منذ 27 يناير.