مع انهيار محادثات الوساطة حول خلع الرئيس الهندوراسي مانويل زيلايا الأسبوع الماضي، وفشل الضغوط الدولية في إقناع الحكومة المؤقتة بالتنحي، يتساءل الجميع: ما هي الخطوة المقبلة؟ فيوم الجمعة الماضي، عبر زيلايا حدود بلاده وأقام مخيماً في الحدود النيكاراجوية خلال عطلة نهاية الأسبوع، متعهداً بالعودة إلى الحدود متى كان ذلك ضرورياً. وفي هذه الأثناء، تعهدت الحكومة المؤقتة باعتقال زيلايا بتهم مثل الخيانة، وذلك بعد نفيه من قبل الجيش في الثامن والعشرين من يونيو الماضي في ما اعتبره المجتمع الدولي انقلاباً، وإنْ كان بعض الزعماء في هندوراس يشددون على أن الخطوة قانونية. بيد أن اللحظة مرت بسلام.. لحظة وصفتها الحكومة المؤقتة بأنها دعاية مغرضة، فيما ندد بها زعماء أجانب على اعتبار أنها عديمة الجدوى ولن تنجح في إعادة هندوراس إلى الطريق الدستوري. ويقول «إيريك فرانزوورث»، نائب رئيس مجلس الأميركتين: «أعتقد أننا لم نرَ بعد الفصل الأخير»، مضيفاً أن على «زيلايا» أن يدرس ما إن كانت المخاطرة بالعودة وإمكانية سجنه تصبان في مصلحته، إذ قال «إنه سيستمر في الضغط وعبور الحدود والمماطلة قدر الإمكان، غير أنه إذا دخل السجن، فإنه سيكون خارج الأضواء». يوم الجمعة الماضي، وفي أحد المعابر الحدودية النائية، قام زيلايا، الذي كان محفوفاً بالصحفيين، برفع سلسلة معدنية وخَطَا خطوة إلى داخل الحدود، قائلاً إن عودته تُظهر تراجع الدعم للحكومة المؤقتة. وفي رد فعله، وصف «روبيرتو ميشليتي»، الذي يرأس الحكومة المؤقتة، عودة زيلايا بأنها «غير حكيمة». غير أن الخطوة أثارت قلق بعض الزعماء الأجانب أيضاً، حيث وصفتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بـ«المتهورة»، فيما دعا خوسي ميجيل إينسولسا، أمين عام منظمة الدول الأميركية، زيلايا – على غرار الولايات المتحدة – إلى الإحجام عن العودة إلى هندوراس قبل التوصل إلى اتفاق سياسي. غير أن «زيلايا» عاد إلى الحدود يوم السبت الماضي رغم الضغوط الدولية، وقال لحشد من الأنصار والصحفيين الذي تجمعوا لرؤيته: «إننا سنتبنى موقفاً حازماً»، مضيفاً «اليوم، سنقيم مخيماً هنا، مع الماء والطعام. سنمكث هنا هذا المساء وهذه الليلة وصباح غد». ويرى فرانزوورث أنه إذا دخل «زيلايا» البلاد، فإنه سيتعين على حكومة ميشيليتي أن تقرر ما إن كانت ستعتقله أو تجازف بـ»تحويله إلى شهيد». ويُذكر هنا أن الجنود لم يقتربوا من زيلايا من أجل اعتقاله. وفي تطور مهم، أصدر الجيش بياناً يوم السبت الماضي يعلن فيه تأييده لجهود الوساطة في إطار اتفاق «سان خوسي»، الذي أشرف عليه رئيس كوستاريكا «أوسكار أرياس»، وهو الاتفاق الذي من شأنه السماح لزيلايا بالعودة كرئيس للبلاد، ولكن بسلطات محدودة. ويمثل بيان الجيش، الذي نشر على موقعه على شبكة الإنترنت، المرة الأولى التي تؤشر فيها مؤسسة مهمة علناً في عهد الحكومة المؤقتة إلى شيء عدا رفض إعادة تنصيب زيلايا. ويذكر أن زيلايا قام بمحاولة أولى للعودة إلى بلاده بعد أسبوع على خلعه في الثامن والعشرين من يونيو، ولكن محاولته للهبوط في مطار تيجوسيجالبا الدولي أُحبطت بعد أن منع الجيش الطائرة من الهبوط على المدرج. وقد قُتل أحد الأنصار في مناوشات اندلعت بين السلطات التي تحرس المطار وأنصار زيلايا. وكان الأخير قد اعتُقل، وأرغم على مغادرة البلاد بعد أن ضغط في اتجاه تنظيم استفتاء حول إمكانية تبني تعديلات دستورية في خطوة اعتبرتها المحكمة العليا غير قانونية، حيث كان منتقدوه يخشون أن يكون هدفه هو محاولة تغيير الدستور بهدف إلغاء الحد الأقصى لعدد المرات التي يجوز له فيها الترشح للرئاسة، وإن كان قد نفى أن تكون تلك هي نيته. وقد أثار خلع الرئيس «زيلايا» سلسلة من التنديدات عبر العالم، ولا توجد حتى الآن حكومة أجنبية تعترف بالقيادة الحالية في هندوراس. أرياس، الحائز جائزة نوبل للسلام، يحاول حالياً إيجاد حل للأزمة السياسية التي تعتبر الأسوأ في أميركا الوسطى منذ الغزو الأميركي لبنما في 1989. ولكن الحكومة المؤقتة ترفض تغيير موقفها من موضوع واحد وهو: السماح بإعادة تنصيب زيلايا رئيساً لهندوراس، وهي نقطة تدعمها معظم البلدان في العالم باعتبارها الطريقة الوحيدة لإعادة النظام الدستوري. ويقول «أرياس» إنه لن يقدم مقترحاً آخر في وقت يعتقد فيه الكثيرون أن ثمة ضغوطاً تمارس على الطرفين في الكواليس من أجل حملهما على الموافقة على اتفاق اقترحه. ويطالب مقترح «أرياس» بعودة زيلايا إلى البلاد وإتمام ولايته الرئاسية، ولكنه يقلص سلطاته، ويقدم موعد الانتخابات الرئاسية إلى شهر أكتوبر. وفي حال لم يفلح الطرفان في التوصل إلى اتفاق، فإن «أرياس» يقترح أن تقوم منظمة الدول الأميركية بالدور القيادي، رغم أن حكومة ميشيليتي ربما لن توافق على ذلك على اعتبار أن منظمة الدول الأميركية سارعت إلى التنديد بخلع زيلايا واعتباره انقلاباً، كما علقت عضوية هندوراس في المنظمة. وحتى الآن، من غير الواضح أي دور ستلعبه الولايات المتحدة التي دعمت «أرياس» كراعٍ لجهود الوساطة. وكان «بي. جي. كرولي»، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، قد أعلن أن زيلايا من المتوقع أن يصل إلى واشنطن اليوم الثلاثاء من أجل مزيد من المحادثات. سارة ميلر لانا – ميكسيكو سيتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»