لندن (الاتحاد)

في مؤشر جديد على تفاقم حالة الركود الاقتصادي التي تضرب النظام القطري منذ فرض العزلة عليه قبل نحو عامين، أبرزت مصادر اقتصادية غربية الخسائر الهائلة التي منيت بها مجموعة «صناعات قطر»، التي تشكل إحدى أكبر الشركات العاملة في مجال البتروكيماويات والأسمدة وصناعة الصلب في المنطقة. وأشارت المصادر في تقريرٍ معزز بالأرقام نشره موقع «بيزنس ريكورد» المعني بمتابعة التطورات الاقتصادية على الساحة الدولية إلى أن الشركة التي أُسستْ قبل 16 عاماً حققت نتائج مخيبةً للآمال بشدة، خلال الربع الأول من العام الجاري الذي انقضى بنهاية مارس الماضي.
وأوضح التقرير أن الأرباح الصافية لـ«صناعات قطر» هوت من 1.3 مليار ريال قطري (أكثر من 357 مليون دولار) إلى 700 مليون ريال قطري (أي ما يقرب من 192.28 مليون دولار) في الفترة ما بين الأول من يناير 2018 وحتى 31 من مارس من العام نفسه. وألمح التقرير إلى أن الإجراءات الصارمة المفروضة على «نظام الحمدين» من جانب الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) منذ الخامس من يونيو 2017، لعبت دوراً كبيراً في تراجع أرباح الشركة. وقال: إن تدني عائدات هذه المجموعة بمعدل يقارب النصف، يعود إلى الضغوط التي تتعرض لها تلك المؤسسة القطرية بفعل تراجع الطلب على منتجاتها، والقيود مفروضة على التسعير، وذلك في إشارةٍ إلى أن تدني مستوى الطلب قد يعود إلى العزلة الإقليمية المفروضة على النظام القطري، ومن ثم شركاته الكبرى، وهو ما يجعل هذه الشركات تبدو وكأنها في حالة احتضار خلال الفترة الراهنة.
ونقل «بيزنس ريكورد» عن الشركة القطرية إقرارها بأنها وقعت خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري تحت وطأة ضغوط «ظروف تجارية مقيدة»، وهو ما بدا اعترافاً صريحاً بتأثير قطع «الرباعي» علاقاته الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع نظام تميم بن حمد، وإغلاقه المنافذ البرية والبحرية والجوية معه. كما أقرت «صناعات قطر» بفشل المحاولات المحمومة التي بذلتها لوقف نزف خسائرها حتى عبر اتخاذ سياسات تسعيرٍ مرنة، قائلةً: «إن الإقبال على المنتجات ظل منخفضاً إلى حد ما، رغم تخفيض الأسعار»، ما يشكل بنظر مراقبين دليلاً جديداً على العزوف المتزايد من جانب المؤسسات الاقتصادية الإقليمية والدولية، عن التعامل مع الشركات القطرية ما ألحق بالدوحة خسائر اقتصاديةً جسيمةً. لكن الشركة حاولت التهرب من ربط التراجع الذي شهدته إيراداتها بالعزلة المفروضة على «نظام الحمدين»، زاعمةً أن الأمر يعود إلى تراجع أسعار النفط الخام.
بجانب ذلك، شمل البيان بحسب موقع «بيزنس ريكوردر» تبريراتٍ مضحكةً من قبيل أن تقلص أرباح «صناعات قطر» بهذه النسبة الهائلة يعود كذلك إلى إجرائها «عمليات صيانة دورية»، وهي الصيانة التي يُفترض أنها تتم في أوقاتٍ مختلفةٍ من السنة، ولا تؤثر على إنتاجية أي شركة من الشركات ومن ثم أرباحها. ومن ضمن الذرائع التي تضمنها بيان الشركة القطرية كذلك، تراجع أسعار الصلب بفعل تقلص الطلب عليه من جهة، وبسبب تدني أسعاره في الأسواق الآسيوية من جهةٍ أخرى. وحاولت «صناعات قطر» الادعاء بأن الجهات المتعاملة معها لا تزال ترغب في استمرار هذا التعاون، عبر الإشارة في بيانها إلى أن حجم مبيعاتها لم يقل خلال الربع الأول من 2018، دون توضيح كيف يتسق ذلك مع حقيقة ما وصفه البعض بـ«انهيار» أرباح الشركة في مطلع العام الجاري، على نحوٍ غير مسبوقٍ تقريباً.
وتُضاف هذه الانتكاسة الاقتصادية الموجعة إلى الانكماش الذي تعاني منه الكثير من القطاعات في قطر، خاصة في مجال السياحة والقطاع العقاري، الذي تدهورت فيه الأسعار بنسبةٍ تصل إلى 20% خلال أقل من أربع سنوات، ما دعا خبراء في هذا المجال للقول: إن المشهد على صعيد «السوق العقارية القطرية لا يزال محبطاً». واعتبر خبراء أن الأزمات المتتالية التي تعاني منها مختلف قطاعات الاقتصاد القطري تشكل إحدى التَبِعات المؤكدة «التأثير السلبي للأزمة الدبلوماسية» التي تشهدها منطقة الخليج، بفعل التوجهات الطائشة التي يتبناها نظام تميم بن حمد.