أحمد مراد (القاهرة) هو جوزيف إدوارد إيستس، المولود في أميركا سنة 1944، لأسرة متدينة، وقد وهب أبوه وجده أنفسهما لخدمة دين غير الإسلام، وقد اجتهد بالبحث ، ودرس الهندوسية واليهودية والبوذية، وعمل مع أبيه في مشاريع تجارية على مدى 30 سنة، وإلى جانب ذلك واصل دراسته حتى حصل على الماجستير في الفنون، وبعدها الدكتوراة في علم اللاهوت، وأصبح قسيسا. وكان إيستس يكره الإسلام والمسلمين، يعتقد أن المسلمين وثنيون لا يؤمنون بالله ويعبدون صندوقا أسود في الصحراء وأنهم همجيون وإرهابيون، ولكن شاء الله أن يقيم مسلم مصري مع أسرته لمدة شهرين، واكتشفوا من خلال طريقة حياته، ومن خلال مناقشتهم معه أموراً جديدة لم يكونوا يعلمونها عن المسلمين. بيع السلع ويروي جوزيف إيستس حكايته مع المصري قائلاً: ذات يوم قال لي والدي سيأتي إلينا رجل من مصر قد نقيم معه تجارة في مجال بيع السلع المختلفة، ففرحت وقلت سنتوسع في تجارتنا، ثم قال لي، لكنني أريد أن أخبرك أن هذا الرجل الذي سيأتينا مسلم، فقلت له منزعجا لا لن أتقابل معه. وأمام إصرار والده تنازل إيستس عن قراره، ولما حضر موعد اللقاء لبس قبعة مكتوب عليها، عيسى هو الرب، وعلق صليباً كبيراً في حزامه، وأمسك بنسخة من الكتاب المقدس في يده، ثم تطرق في الحديث عن ديانته وتهجم على الإسلام والمسلمين، وكان الرجل المصري هادئاً جداً، ثم دعاه للإقامة عندهم في المنزل، وكان المنزل يحوي إيستس وزوجته ووالده ثم استضافوا كذلك قسيساً كاثوليكياً، فصاروا أربعة من علماء في المسيحية مقابل المسلم المصري، وكان الأربعة يحمل كل منهم نسخة مختلفة من الكتاب المقدس. قال إيستس: سألنا المصري، وكان اسمه محمد: كم نسخة مختلفة من القرآن عندكم؟ فقال: ليس لدينا إلا نسخة واحدة، والقرآن موجود كما أنزل بلغته العربية منذ أكثر من 1400 سنة، وكان هذا الجواب كالصاعقة عليهم. وتابع: لما كنا نجلس في بيتنا نحن النصارى الأربعة المتدينين مع المصري، ونناقش مسائل الاعتقاد حرصنا أن ندعوه إلى المسيحية بعدة طرق، ولكننا فشلنا، وعندما تطرقنا لمسألة التثليث، وكل منَّا قرأ ما في نسخته ولم نجد شيئاً واضحاً، سألنا محمد: ما هو اعتقادكم في الإله في الإسلام، فقال: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، «سورة الإخلاص: الآيات من 1 - 4»، وقد تلاها بالعربية، ثم ترجم لنا معانيها، وكأن صوته حين تلاها بالعربية دخل في قلبي، وصوته لا زال يرن صداه في أذني ولا أزال أتذكره، أما معناها، فلا يوجد أوضح ولا أفضل، ولا أقوى، ولا أوجز، ولا أشمل منه إطلاقاً، فكان هذا الأمر مثل المفاجأة القوية لنا مع ما كنا نعيش فيه من ضلالات وتناقضات. وأضاف: ثم طلب القسيس الكاثولكي من «محمد» أن يصطحبه معه ليرى صلاة المسلمين في المسجد، فأخذه معه وذهب به مرتين إلى أحد المراكز الإسلامية فرأى الوضوء والصلاة وبقي ينظر إليهم ثم عادا إلى المنزل. وتوجهنا بسؤالنا للقسيس الكاثوليكي: أي أنواع الموسيقى يستخدمونها أثناء الصلاة؟ فقال: ولا واحدة، فقلنا متعجبين: يعبدون ربهم ويصلون بدون موسيقى؟!، فقال القسيس أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقلت له: لماذا أسلمت؟ قلت له ذلك وأنا أتحرق وأتمنى أني أسلمت قبله حتى لا يسبقني لما هو أفضل، وصعدت أنا وزوجتي إلى الأعلى، فقالت لي: أظن أني لن أستمر بعلاقتي معك طويلاً، فقلت لها: لماذا؟ هل تظنين أني سأسلم؟ قالت: لا، بل لأني أنا التي ساسلم فقلت لها وأنا أيضاً في الحقيقة أريد أن أسلم. تجاه القبلة فخرجت من باب البيت وخررت على الأرض ساجداً تجاه القبلة وقلت: يا إلهي.. اهدني، وشعرت مباشرة بانشراح صدري للإسلام، ثم دخلت البيت، وأعلنت إسلامي، كما أعلن والدي وزوجتي إسلامهما، وكان إسلامنا جميعاً بفضل الله، ثم بالقدوة الحسنة في ذلك المسلم الذي كان حسن الدعوة، وكان قبل ذلك حسن التعامل. كان إسلام إيستس وأسرته العام 1991، وقد أطلق على نفسه اسم «يوسف»، واتجه إلى دراسة العربية والدراسات الإسلامية في مصر والمغرب وتركيا، ثم أخذ يعمل في مجال الدعوة الإسلامية في الولايات المتحدة، وتحول إلى أبرز داعية للإسلام، وله أشرطة ومحاضرات دعوية بالإنجليزية، يمضي أغلب وقته في الدعوة إلى الله وتعليم الناس، ويحرص على ألا يضيع الوقت إلا في الحديث النافع وعمل خير، وقد أسلم على يده الآلاف من الناس، وفي إحدى محاضراته في ألمانيا أسلم جميع مَنْ في القاعة وعددهم ألف ومئتان وخمسون شخصاً. وفي مشهد مؤثر كان الشيخ يوسف يحضر أباه الطاعن في السن المقعد على الكرسي المتحرك إلى الصلاة ويضعه في الصف ليحضر صلاة الجماعة.