عقيل الحـلالي (صنعاء)- يدشن الرئيس اليمني المؤقت، عبدربه منصور هادي، اليوم الاثنين في صنعاء مؤتمر الحوار الوطني، في أهم إجراء في عملية انتقال السلطة التي ينظمها اتفاق مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي منذ أواخر نوفمبر 2011 وحتى فبراير المقبل. وستعقد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار، الذي سيشارك فيه 565 عضوا يمثلون مكونات يمنية رئيسية غير متجانسة، في القصر الرئاسي بصنعاء بحضور شخصيات عربية ودولية، من المتوقع أن يكون على رأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، وأمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر. وأعلنت الحكومة اليمنية اليوم الاثنين “عطلة رسمية لجميع موظفي وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاعين العام والمختلط، بمناسبة تدشين أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل”. وعزا وزير الخدمة المدنية نبيل شمسان هذا القرار إلى “تمكين الموظفين من متابعة بدء أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي يعد من الأحداث الوطنية المهمة التي يرتكز عليها حاضر ومستقبل اليمن”. وسيبحث مؤتمر الحوار الوطني، على مدى ستة شهور، قضايا عالقة منذ سنوات أبرزها المطالب الانفصالية المتصاعدة في الجنوب اليمني، والتمرد المسلح لجماعة “الحوثيين” في الشمال، إضافة إلى شكل نظام الحكم وصياغة دستور جديد للبلاد يعرض في استفتاء شعبي بداية العام المقبل. ووصلت قيادات في “الحراك الجنوبي” أمس إلى العاصمة صنعاء للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، في ظل مقاطعة أغلب فصائل الحراك في الداخل والخارج للمؤتمر الذي ستحتضن فعالياته ست مدن رئيسية من بينها مدينتان جنوبيتان. وقالت وزارة الدفاع اليمنية، في رسالة نصية عبر الجوال، إن “القياديين” محمد علي أحمد وأحمد بن فريد الصريمة وصلا إلى صنعاء “للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني”. ودعا الصريمة، الذي استقبله وزير في الحكومة الانتقالية لدى وصوله صنعاء، “كافة الأطراف للمشاركة الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني، وذلك لما فيه مصلحة واستقرار اليمن ونهضته التنموية والاجتماعية”. وأعلن خمسة من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أبرزهم التاجر المشهور والزعيم القبلي حميد الأحمر، انسحابهم من المؤتمر، وعزوا ذلك إلى أسباب مختلفة. وكان أول المنسحبين رئيس حزب “الإصلاح” الإسلامي في محافظة حضرموت محسن باصرة، الذي غادر الجمعة إلى دولة خليجية معلنا عدم مشاركته في جلسات مؤتمر الحوار الوطني، على الرغم من ورود اسمه ضمن قائمة حزبه الممثل السياسي لجماعة “الإخوان “ في اليمن. كما أعلن جنوبيان، أحدهما قيادي في الحراك والآخر أكاديمي في جامعة عدن، انسحابهما من مؤتمر الحوار. وفيما اعتبر عبدالعزيز المفلحي، وهو زعيم قبلي وقيادي في المعارضة الجنوبية مقيم في القاهرة، إدراج اسمه ضمن قائمة أعضاء الحوار الوطني “محاولة رخيصة لتشويه سمعته”، أعلن رئيس جامعة عدن الأسبق الأكاديمي طاهر العيسائي انسحابه من الحوار، مؤكدا وقوفه إلى جانب “مطالب شعب الجنوب”. كما انسحب من مؤتمر الحوار النائب المستقل والقيادي البارز في الحركة الشبابية المستقلة، أحمد سيف حاشد، الذي تعرض لاعتداء من قبل قوات الأمن قبالة مبنى الحكومة في صنعاء الشهر الماضي. وفجر الزعيم القبلي والتاجر المشهور، حميد الأحمر، الليلة قبل الماضية، مفاجأة بإعلانه الانسحاب من مؤتمر الحوار الوطني. وقال الأحمر، في بيان صحفي تناقلته وسائل إعلام يمنية: “اعلن عدم مشاركتي في فعاليات مؤتمر الحوار الوطني، مع أمنياتي أن لا تسفر مخرجات مؤتمر الحوار الوطني عن مزيد من التعقيد لمشاكل اليمن في حال لم يتمكن من حلها”. وعزا الأحمر قراره إلى أن قرار الرئيس هادي بشأن تشكيل مؤتمر الحوار الوطني ونظامه الداخلي تضمن “العديد من التجاوزات والمخالفات للمبادرة (الخليجية) والآلية شكلا ومضمونا”، مشيرا أيضا إلى أن قائمة المتحاورين لم تتضمن تمثيل “أبناء محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها من المتضررين من جماعة الحوثي” المتمردة على الحكومة المركزية في صنعاء منذ عام 2004. وكانت “اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية والشعبية” التي تزعمت الانتفاضة السابقة، طالبت أمس الأول، باستبعاد عدد من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني على خليفة مزاعم بتورطهم في قتل المحتجين المدنيين. وقال عضو اللجنة التنظيمية وعضو مؤتمر الحوار الوطني، مانع المطري لـ “الاتحاد”: “نحن نتحفظ على بعض الأسماء التي وردت ضمن القرار الرئاسي”، مشيرا إلى أن اللجنة التنظيمية تعتزم تقديم “أدلة” تؤكد تورط بعض قيادات حزب صالح في أعمال العنف. وقال حمزة الكمالي، الذي ينوب عن الشباب المستقلين في مؤتمر الحوار الوطني، لـ “الاتحاد”: “سنقدم في بداية المؤتمر طعونا ضد عدد من قيادات المؤتمر” المشاركة في الحوار، مؤكدا أن مجموعة من القانونيين تعكف حاليا على إعداد الأدلة والقرائن التي تدينهم. وتظاهر عشرات الآلاف من المحتجين أمس في العاصمة صنعاء ومدينة تعز للمطالبة بمحاكمة المتورطين في حادثة “مذبحة جمعة الكرامة”، التي راح ضحيتها 51 محتجا سلميا، والتي تصادف ذكراها الثانية اليوم الاثنين. وردد المتظاهرون، الذين رفعوا صور القتلى، هتافات طالبت بنزع حصانة الرئيس السابق ومحاكمته وعدد من رموز نظامه، مؤكدين استمرار “الثورة” حتى تحقيق جميع أهدافها خصوصا ما يتعلق منها بـ “محاكمة القتلة”.