باريس (وكالات) اتفقت المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، أمس، على العمل المشترك لتحقيق السلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وتعميق المشاورات بينهما وتنسيقها لدعم الحلول السياسية، كما سيعمل البلدان على معالجة التحديات العالمية التي يواجهها المجتمع الدولي، بما في ذلك قضايا تغير المناخ والتنمية البشرية، مؤكدين أن العمل المشترك سيقدم مساهمة حاسمة في هذه المجالات. جاء ذلك ضمن البيان المشترك الذي صدر، أمس، للمملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى فرنسا يومي التاسع والعاشر من أبريل الجاري، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وذكرت البيان أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد التقى أمس في باريس بالرئيس إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء إدوارد فيليب، ووزير أوروبا والشؤون الخارجية جان إيف لو دريان، ووزيرة الدفاع فلورنس بارلي، ووزير الاقتصاد والمالية برونو لومير، وفي قصر الإليزيه ترأس الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي الاجتماع الأول لـ«مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي- الفرنسي» الجديد، الذي حضره عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في حكومتي البلدين. وخلال مأدبة العشاء الرسمية التي أقامها الرئيس ماكرون على شرف ولي العهد قام الأمير محمد بن سلمان بنقل تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى الرئيس ماكرون، داعياً إياه لزيارة المملكة العربية السعودية، وقد رحب الرئيس ماكرون بتلبية دعوة العاهل السعودي وبعث له برسالة صداقة واحترام. وأضاف البيان أن زيارة ولي العهد السعودي كانت فرصة للاحتفاء بالتاريخ الطويل من الصداقة والتعاون بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، وسيؤدي قرار البلدين فتح فصل جديد وواعد في علاقتهما بتطوير إطار شراكة استراتيجية جديد يغطي الجوانب: السياسية، والدفاعية، والأمنية، والاقتصادية، والثقافية والعلمية والتعليمية، إلى أخذ علاقتهما إلى آفاق جديدة. وحول الدفاع والأمن قال البيان: «إن التعاون الأمني بين البلدين واسع النطاق ومتعدد الأبعاد، وقد جعلت السعودية وفرنسا مكافحة الإرهاب أولوية لهما، بتركيز خاص على مواجهة التطرف ومكافحة تمويل الإرهاب، وسيستهدف تعاونهما الوثيق في هذا الصدد إلى توسيع الجهود الإقليمية والجهود متعددة الأطراف وجعلها أكثر كفاءة، وسيعملان على إنجاح مؤتمر باريس لمكافحة تمويل الإرهاب المقرر عقده يومي 25 و26 أبريل الجاري»، كما ستسهم فرنسا في دعم جهود المملكة العربية السعودية لتطوير وزارة الدفاع. وحول الاقتصاد والتجارة والاستثمار يؤكد البيان أن «تعميق التجارة والاستثمارات أمر مفيد لاقتصادي البلدين، وتعد رؤية المملكة العربية السعودية 2030 فرصة لاستكشاف مجالات جديدة في الأعمال والتعاون. ومن بين القطاعات الرئيسية للتعاون: المياه والبيئة، والمدن المستدامة المتصلة، والنقل، والطاقة، والصحة، والزراعة، والإمدادات الغذائية، وتعد المعرفة الفرنسية في مجال التقنية مهمة لكل تلك المجالات، حيث يمكن لتأثيرها أن يكون ملموساً في جميع المجالات. وسيتم تشجيع الاستثمارات المالية البينية في الشركات الكبيرة والناشئة». وتم خلال الزيارة عقد منتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي- الفرنسي في باريس الذي حضره رؤساء تنفيذيون وشركات من البلدين. وأتاح هذا المنتدى تقديم عروض والقيام بمناقشات متعمقة حول المشاريع المتعلقة برؤية 2030، وتأسيس تواصل مهم بين الجانبين، والتوقيع على العديد من العقود ومذكرات التفاهم التي تبرز الديناميكية الجديدة للروابط الاقتصادية والتقنية بين البلدين. وحول الشأن اليمني أكد الجانبان الحاجة إلى حل سياسي كما دعا إلى ذلك قرار مجلس الأمن 2216 في 2015، لإنهاء معاناة الشعب اليمني. ودان الجانبان الهجمات الصاروخية الباليستية التي شنتها الميليشيات الحوثية على المملكة العربية السعودية، وشددا على أهمية امتثال الدول التي تقوم بتزويد الميليشيات الحوثية بالأسلحة والصواريخ الباليستية بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والتي تحظر هذه الأفعال. وعاود الجانبان التأكيد على أهمية دعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية. وفي سياق موازٍ، أكدت فرنسا استعدادها لدعم تحالف دعم الشرعية في اليمن وأجهزة الأمم المتحدة في تسريع وصول المساعدات الإنسانية لليمنيين كافة، بما في ذلك من خلال خطة الاستجابة الإنسانية التي التزمت بها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بمبلغ مليار دولار، واتفقت المملكة العربية السعودية وفرنسا على تنظيم مؤتمر دولي في باريس بشأن المساعدات الإنسانية في اليمن. كما أكد البلدان استعدادهما لتعزيز التعاون -مع دول صديقة أخرى- حول أمن وتنمية البحر الأحمر، وكذلك أكد البلدان على التزامهما باستقرار لبنان ووحدته وسيادته، كما ظهر من تعهداتهما ومواقفهما في مؤتمر الأرز الذي عقد في 6 أبريل الماضي، في باريس، وشدد البلدان على ضرورة تقيد جميع الأطراف اللبنانية بالتزامها بمبدأ النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية. وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، كرر البلدان دعوتهما إلى حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والمبادرة العربية للسلام. واتفق الجانبان على ضرورة منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية، كما ناقش الجانبان الخطوات التي سيعمل عليها لكبح برنامج إيران الباليستي ووقف الجوانب المزعزعة للاستقرار في سياستها الإقليمية، وأشارا إلى أن تزويد الميليشيات، وكذلك المجموعات المسلحة بما فيها المجموعات المصنفة كمنظمات إرهابية من قبل الأمم المتحدة، بالأسلحة والدعم أمر لا يمكن قبوله، وأن على إيران أن تلتزم بالقوانين والمبادئ الدولية فيما يتصل بحسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. وأكد الجانبان على أن زيارة ولي العهد السعودي كانت زيارة تاريخية نقلت العلاقة بين البلدين إلى آفاق جديدة، وعبر الجانبان عن تطلعهما لزيارة الرئيس ماكرون إلى المملكة العربية السعودية لنقل العلاقة بينهما إلى آفاق أرحب.