يلجأ متسوقون، هرباً من لهيب الأسعار في الأسواق التجارية و''المولات''، وسعياً وراء التوفير، إلى محال ''الدرهم والدرهمين''، التي تشهد مبيعاتها ازدهاراً في الوقت الراهن، بحسب عاملين فيها· ''رب ضارة نافعة'' مثل ينطبق على حال ''متاجر التخفيضات''، فلولا الغلاء وزيادة الكلف المعيشية وموجة التضخم التي طالت أغلبية السلع والبضائع والخدمات، لما اتسعت شريحة محدودي ومتدني الدخول الباحثين عن ''الأرخص ثمناً''، ومرادهم توفره تلك المنافذ التي تنتشر في مناطق عديدة· ويقول التاجر عبداللطيف محمد نور، الذي يملك محلاً على شاكلة ''متاجر التخفيضات''، إن ''محالنا تلعب دوراً توازنياً مع نظيراتها التقليدية ذات الأسعار المرتفعة''· ويستبشر نور خيراً بحلول الصيف، فموسم الإجازات وكثرة المناسبات الاجتماعية والسفر لقضاء الإجازة تنعش مبيعاته، إلى جانب موسم شهر رمضان المبارك، والفترة التي تسبق العودة إلى المدارس· ويقول: ''يفضل المقيمون حمل هدايا كثيرة غير مكلفة''· ويضيف: ''محال الدرهم والدرهمين تعتبر ملجأ الباحثين عن الأسعار المناسبة؛ هرباً من نار الأسعار التي تشهد ارتفاعاً يومياً''· وتوجد محال ''التخفيضات'' في مختلف مناطق أبوظبي، وتعد شوارع المطار وخليفة والفلاح، إلى جانب منطقة الخالدية، أشهر المناطق التي تنتشر فيها· وكانت نسب التضخم، التي تقيس الارتفاع في متوسط أسعار المستهلك، ارتفعت العام الماضي بنحو 11,1%، بعد أن كانت قفزت 9,3% العام الذي سبقه· ويؤكد نور أن محله بات يلاقي إقبالاً ملحوظاً من قبل العديد من الجنسيات، في مقدمتها الآسيوية، إلى جانب ''بعض العرب'' و''قليل من المواطنين''· أما السلع الأكثر مبيعاً، فهي أدوات الزينة والإكسسورات، فضلاً عن الملابس وأدوات المطبخ، على حد قول نور ومتسوقين· وتقول فاطمة المهيري، التي تعمل موظفة في دائرة حكومية: ''إن رواد هذه المحال يركزون على سلع معينة تدخل ضمن الكماليات، كما هو الحال بالنسبة لي''· وتوضح أنها تقصد محال الدرهم والدرهمين لشراء أدوات زينة بسيطة كالإكسسوارات وبعض اللوحات والمزهريات، وتشير المهيري إلى أن ''هناك بضائع في تلك المحال تستخدم كتوزيعات في حفلات أعياد الميلاد وحفلات الزواج وبسعر زهيد جداً؛ ولهذا يقبل الناس على شرائها بهدف التخفيف من الأعباء المادية''· ''مركز الدراهم للهدايا'' اسم اختاره نور لمحله الذي يشهد ازدحاماً يزداد مساء مع غياب شمس الصيف الحارقة· وتكاد مساحة محل آخر، يملكه ضياء الحق محمد، لا تتسع للبضائع التي يعرضها، وبأسعار لا تتجاوز عشرة دراهم· ولا يتوقف الإقبال عند المقيمين والمواطنين، فالسياح أيضاً زبائن يترددون على تلك المحال لشراء الهدايا التذكارية ذات الطابع المحلي، وفقاً لنور· ويقول: ''سلع محال التخفيضات تلقى رواجاً في مختلف دول العالم، لا سيما في ظل ارتفاع الأسعار''· ولكن زبائن تلك الأسواق ''على يقين'' بأن المنتجات التي يبتاعونها ''ليست ذات جودة عالية''؛ لأن أسعارها متدنية، بحسب وليد فلاح المنصوري المدير العام لهيئة المواصفات والمقاييس· ويؤكد المنصوري أن ''صحة وسلامة المستهلك تعتبر في المقام الأول قبل سعر السلعة''· ويضيف: ''من هنا، فإن الهيئة تشدد على تطبيق المعايير والمتطلبات الخاصة بالصحة وبالسلامة والبيئة الواردة في مواصفات المنتج وهذا الشيء لا تساهل فيه''· ويشير المنصوري إلى أنه ''لا يمكن مقارنة جودة وكفاءة وأداء السلع المباعة في محال الدرهم والدرهمين بالمنتجات المشابهة لها والتي تباع في المحال الأخرى وتطابق معايير الجودة التي تحددها مواصفات تلك المنتجات''· ورغم تزايد الإقبال على تلك المحال، يؤكد المنصوري أنها ''لا تدخل كمنافس للمنتجات الأخرى المشابهة والتي تتميز بجودتها العالية''· ويقر ضياء الحق محمد بأن البضائع التي يعرضها ''ذات جودة منخفضة مقارنة بالبضائع في الأسواق التقليدية''· ويقول: ''لا يمكن أن تباع سلعة بأسعار منخفضة لهذه الدرجة إلا أذا كانت ذات جودة متدنية''· ورغم ذلك، يؤكد ضياء الحق أن جميع السلع التي يبيعها ''غير مخالفة للمواصفات'' وأغلبها ''سلع مقلدة لماركات عالمية ولعب أطفال''· ويدافع نور عن المنتجات التي يعرضها في محله، مؤكداً أنها ''تخلو من المشكلات ومستوفية للشروط ومصرح بيعها''· ويضيف: ''ان تلك المحال تأتي من منشأ معلوم، وتتركز مصادرها في تايلاند والصين، وأحياناً من ألمانيا''· وتقول منى العامري، الموظفة في إحدى الدوائر الحكومية: ''إن أكثر ما يشد انتباه المستهلكين لتلك المحال هو التنوع الكبير لبضائعها، حيث تلبي جميع احتياجات الأسرة، وبأسعار في متناول الجميع''· وتشير العامري إلى أن ''من تلك السلع احتياجات أساسية كالملابس''· ولكن العامري تقول: ''إن الغريب في الأمر أن هناك سلعاً في محال الدرهم والدرهمين تباع بأسعار زهيدة، والسلع نفسها موجودة في محال أخرى تباع بأسعار غالية''· وتطالب العامري بتفعيل الرقابة على المحال التجارية التي تبيع سلعاً بأسعار مبالغ فيها، بدلاً من توجيه الاتهام لمحال التخفيضات أو ما يعرف بمحال الدرهم والدرهمين·