سامي عبدالرؤوف (دبي) - أكدت معالي مريم الرومي وزيرة الشؤون الاجتماعية، حدوث انخفاض في عدد الأحداث الجانحين ممن ارتكبوا جرائم بنسبة تجاوزت 44% خلال العام الماضي الذي ارتكب فيه 605 أطفال جرائم مقارنة بـ 1092 حدثاً، سجلها العام قبل الماضي. وقالت الرومي في تصريحات خاصة لـ “الاتحاد”، إن “الخطة الاستراتيجية للوزارة تتضمن عدداً من المبادرات التشغيلية للأعوام 2011 – 2013، المعززة للحماية الاجتماعية من أهمها الخط الساخن، والحملة المرورية، والتثقيف المجتمعي باتفاقيات ومعاهدات الطفولة الدولية، بالإضافة إلى الأندية الصيفية، والبرنامج التأهيلي لتشغيل الأحداث. وأشارت إلى أن الخطة تضم أيضاً برنامجاً تأهيلياً لإعادة الأحداث إلى المدارس، ودورات شرطية وعسكرية تقويمية. وتهدف هذه المبادرات إلى حماية الناشئة واستغلال أوقات فراغهم الاستغلال الأمثل، والحد من بروز ظاهرة “الشلل الشبابية” التي أسهمت في ارتفاع نسب الجرائم التي يرتكبها الأحداث أحياناً. وأكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية أن أي نجاح لهذه الحماية رهن بالأسرة واهتمامها بأبنائها ومتابعتهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة، وعليه فإن معظم برامج الوزارة تتوجه للأسرة كمنظومة واحدة. وذكرت الرومي أن انحراف الأحداث قد يرتبط ببعض العوامل أو الظروف التي قد تؤدي إلى ارتفاع النسبة في سنة وانخفاضها في أخرى وفي الغالب ترتفع النسبة في موسم الإجازات المدرسية بشكل ملحوظ قد يكون نتيجة للفراغ الذي يشعر به الأنباء وانشغال الأهل عنهم”. أسباب الانحراف وفسرت الرومي انخفاض جنوح الفتيات وزيادة النسبة بين الذكور، بزيادة الوعي بين الفتيات الناتج عن تغير الثقافة المجتمعية حول وضع المرأة في المجتمع وحجم مساهمتها في البناء الوظيفي للأسرة، وحرص الأهالي الكبير على المساواة في التعامل بين الذكور والإناث مما أكسب الفتاه الثقة في نفسها. وعن قانون الأحداث الجديد، أشارت الرومي إلى أنه بعد تسلم مسودة القانون من اللجنة المشكلة من الوزارات الثلاث المعنية بالأمر، وهي “العدل” و”الداخلية” و”الشؤون الاجتماعية”، تم البدء في إعداد دراسة مقارنة بين قانون الأحداث الحالي رقم (9) لسنة 1976، ومشروع القانون الجديد؛ بهدف الوقوف على قواعد التحديث في المواد التي يتضمنها مشروع القانون الجديد، ومن ثم دراستها من قبل اللجنة المتخصصة. ولفتت إلى أنه تم التوصل لمشروع قانون جديد تضمن 98 مادة أرسلت إلى الجهات المعنية لدراسته وإبداء الملاحظات لعرضها على اللجنة مرة أخرى لإعداد المسودة النهائية تمهيداً لرفعها إلى اللجنة الوزارية للتشريعات. تحول نوعي وحول وجود تحول نوعي في الجرائم التي يقع فيها الأحداث، قالت الرومي “لا يوجد تحول نوعي في الجنح والجرائم التي يرتكبها الأحداث وأكثر القضايا التي تحال إلى المحاكم تدخل في إطار الجنح البسيطة، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد بعض الجرائم التي ترتكب من قبل مجموعة من الأحداث في إطار (الشللية)”. ودعت وزيرة الشؤون الاجتماعية إلى دراسة أسباب تشكل تلك “الشلل” والعمل على تحويلها من مجموعة سلبية إلى مجموعة إيجابيه بحسن استغلال أوقات فراغها وتأهيلها اجتماعياً ومهنياً وثقافياً. وقالت الرومي “هناك حقيقة مهمة يجب ألا نغفلها عندما نبحث في مثل هذه النوعية من الجرائم وما تؤدي إليه من انعكاسات ومخاطر وبروز ظواهر الانحراف لدى النشء، ألا وهي أننا أمام فيضان ثقافي وإعلامي عارم، منه ما هو محرض على العنف بصورة مباشرة، ومنه ما هو مؤدٍ بشكل أو بآخر في نتيجته النهائية للعنف والعنف المضاد”. جرائم الأحداث وأظهرت الإحصائيات أن أعلى نسبة في التهم الصادرة بحق الأحداث تتعلق بجرائم السرقة والقضايا المرورية و”اللاأخلاقية” على الترتيب، وتأتي تهمة السرقة في المرتبة الأولى، ويمكن تفسير ذلك بأن هذا النوع من الانحراف يعد هو الفعل الأسهل الذي يمكن أن يرتكبه الحدث في ظل غياب المتابعة والضبط الأسري اللذين يحدان من ارتكاب المراهق هذا النوع من الانحراف. كما أن الفتية في هذه السن لا يمتلكون القدرة على تأجيل إشباع حاجاتهم ورغباتهم وعدم امتلاك القدرة على السيطرة على دوافعهم نحو تلبية متطلباتهم، وبالتالي يلجأون إلى السرقة لسد بعض احتياجاتهم التي تدخل في نطاق الرفاهية كنوع من المحاكاة والتقليد في امتلاك الأشياء مثل الهواتف النقالة أو الدراجات النارية أو الألعاب الإلكترونية. وتأتي القضايا المرورية في المرتبة الثانية بين التهم التي ارتكبها الأحداث، ويمكن تفسير ذلك بأنه نظراً لكون الأهالي لا ينظرون إلى ارتكاب الفعل المروري المخالف على أنه نوع من الخطأ الذي يمكن أن يودي بحياة ابنهم والآخرين للتهلكة، بل إن بعضهم يتباهى بأن ابنهم أصبح قادراً على القيادة ويسلمون لهم مركباتهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفتية في هذا السن يجدون متعتهم في قيادة السيارات غير عابئين بالمخاطر التي يمكن أن تحدق بهم، وبالتالي يقعون تحت طائلة القانون. ولفتت الرومي إلى أن القضايا “اللاأخلاقية” تأتي في المرتبة الثالثة بين تهم الأحداث، مرجعة أهم الأسباب التي تقف وراء ارتكاب الأطفال هذا النوع من القضايا، إلى بعض التأثيرات الناتجة عن وسائل الإعلام التي تنتشر عبر القنوات الفضائية والتي تعد أشد خطورة وفاعلية على الأحداث. وبينت أن الطفل أو المراهق، عادة ما يكون لديه استعداد للتأثر وامتصاص ما يعرض في الأفلام ومسلسلات الرعب والجنس والجريمة، وهذا الأمر غالباً ما يصاحبه كثيراً من الضغوطات والتناقضات النفسية على المراهق وتولد لديه استعدادات للانحراف تتمثل في النضج الجنسي المبكر بما يصاحبه من ظهور عادات سيئة لتصريف غريزته ببعض السلوكيات الخاطئة. وذكرت الرومي، أن التغيرات التي شهدتها دولة الإمارات أدت إلى عدد من التحولات الاجتماعية، الأمر الذي أثر كثيراً على البنيان الوظيفي للمؤسسات الاجتماعية ومنها الأسرة. وأشارت إلى أنه انعكس هذا التأثير على نمط حياة بعض الأطفال الذين أصبحوا غير قادرين على تحقيق الحد الأدنى من متطلبات التوافق الاجتماعي المطلوب، وتبلور هذا العجز في حالة عدم الاستقرار التي تصيب هذا الطفل والتي تكمن خطورتها حين يترجمها إلى سلوك غير سوي، فيظهر في سلوك جانح أو جريمة يعاقب عليها القانون مما يشكل تحدياً للقيم والمعايير الاجتماعية السائدة في نسق الأسرة وفي المجتمع ككل. إحصائيات الأحداث توضح إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية، التي حصلت عليها “الاتحاد”، أن عدد الأحداث المحالين إلى دور التربية في السنوات الأربع الأخيرة لم يشهد ارتفاعاً مضطرداً، فقد بلغ هذا العدد 775 في عام 2007، ووصل إلى 838 حدثاً في العام التالي، وارتفع إلى 1092 طفلاً في عام 2009، وعاد لينخفض إلى 605 أحداث في العام الحالي 2010. وأظهرت الإحصائيات أن 775 طفلاً ارتكبوا جرائم عام 2007، منهم 687 حدثاً ذكراً و88 أنثى، وارتفع العدد 838 طفلاً في العام التالي منهم 766 ذكراً و72 أنثى، وواصل العدد الارتفاع في عام 2009 ليصل إلى 1092 طفلاً، منهم 1030 ذكراً و62 أنثى، ثم حدث انخفاض ملحوظ في العام الماضي 2010 الذي ارتكب فيه 605 أطفال جرائم، منهم 575 ذكراً و30 أنثى. وأفادت الإحصائيات بأن النسبة المئوية للذكور هي النسبة الأعلى، إذ بلغت 89% من إجمالي الأحداث في سنة 2007، وارتفعت إلى 95% من إجمالي الأحداث في سنة 2010، بينما تتضاءل نسبة الإناث في كل عام عن العام الذي يسبقه، حيث كانت تلك النسبة 11% من مجموعة الأحداث سنة 2007، وانخفضت إلى 5% من مجموع عدد الأحداث في سنة 2010.