خلال اجتماع وزاري عقد يوم الأحد الماضي في هانوي، أكدت اليابان وعشر دول أخرى مشاركة في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، المعروفة اختصاراً بالحروف «تي بي بي»، أنها ستستمر في التعاون لوضع هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في مرحلة مبكرة قدر الإمكان. ولكن على رغم ذلك، فقد ظهرت الاختلافات في مواقف الدول الأعضاء مرة أخرى، كما يتضح من حقيقة عدم التوصل إلى تسوية لمشروع البيان المشترك حتى قبل الاجتماع. ولذا فإن السؤال عما إذا كانت بإمكان الدول الأعضاء تمهيد الطريق وتذليل كل العقبات لإتمام الاتفاق قبل حلول الموعد النهائي في نوفمبر، ما زال جوابه أمراً غير معروف على وجه اليقين. وفي نحو الساعة السابعة من صباح يوم الأحد الماضي، قبل ثلاثين دقيقة من بدء الاجتماع الوزاري، أجرى «نوبوتيرو إيشيهارا»، وزير الاقتصاد الياباني المسؤول عن ملف «تي بي بي»، محادثات مع وزير التجارة الدولية الكندي «فرانسوا فيليب شامبان» في أحد فنادق هانوي. وهذا مؤشر مهم لأهمية دور كل من كندا واليابان في هذه الشراكة الدولية متعددة الأطراف. وقد أرجأت كندا قرارها بشأن ما إذا كانت ستوافق على مشروع البيان في اجتماع كبار المفاوضين، الذي استمر لفترة طويلة بشكل متقطع من الليلة السابقة وحتى فجر اليوم التالي. ومن جانبه، سعى «إيشيهارا» إلى تسوية مشروع البيان على المستوى السياسي، من خلال البحث عن حلول وسط لتجاوز عقبة بعض النقاط مثار عدم الاتفاق. وخلال الاجتماع الوزاري، أعربت بعض الدول الأعضاء عن قلقها العميق بشأن طريقة التعامل مع الولايات المتحدة، التي أعلنت انسحابها من اتفاقية «تي بي بي» من الأساس. ووفقاً لمصدر مطلع على المفاوضات، فقد أعربت العديد من الدول عن دواعي قلق عديدة خلال الاجتماع الوزاري، وقالت إنها إذا أكدت على المضي قدماً في تنفيذ الاتفاقية مع 11 دولة، فإنها قد تثير استياء الولايات المتحدة، وهو ما لا تريده بطبيعة الحال. وقد حمل البيان المشترك إشارات إلى أبعاد الاختلاف في وجهات النظر، والتجاذب المترتب على ذلك بين مواقف العديد من الدول فيما كانت تناقش وتعبر عن مخاوفها ودواعي قلقها. وعلى رغم أن اليابان وأستراليا ونيوزيلندا قد دفعت لتنفيذ الاتفاقية في مرحلة مبكرة، مع 11 دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة، فإن البيان المشترك لم يوضح ما إذا كانت اتفاقية «تي بي بي» ستدخل حيز التنفيذ في مرحلة مبكرة بين 11 دولة فقط، أم يمكن أن تبقى معلقة على شراكة 12 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة بأمل عودتها إلى الاتفاقية. وبالنسبة لماليزيا وفيتنام، فقد وافقتا على رفع القيود عن أسواقهما خلال عملية التفاوض الخاصة بالاتفاقية لأنهما توقعتا زيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة، التي تعد سوقاً ضخمة. وحتى الآن، ما زالت هاتان الدولتان تأملان أن تعود الولايات المتحدة للانضمام إلى الاتفاقية من جديد. واشتمل البيان أيضاً على جملة مؤداها أن الاتفاقية «ستتوسع لتضم اقتصادات أخرى يمكنها قبول المعايير العالية للاتفاقية»، لأن تشيلي وبيرو أظهرتا استعداداً لتنفيذ الاتفاق في إطار خطة جديدة تتضمن مشاركين جدداً مثل الصين ودول أخرى. وينظر إلى محتوى البيان المشترك على أنه يُبقي على بعض الخيارات مفتوحة. وقال مصدر على دراية بالمفاوضات: «إذا ما تمسكنا بإتمام الاتفاق مع 11 دولة، فهذا قد يكسر وحدتنا». ووفقاً لما ذكره «إيشيهارا»، فقد وافقت 11 دولة خلال الاجتماع على أنها لن تغير جزءاً من الاتفاقية يدور حول الإلغاء أو الحد من التعريفات التي وافقت عليها بالفعل. ومن المتوقع أن تواجه الدول الأعضاء بعض الصعوبات الأخرى لأنها ستحتاج إلى وضع اتفاقيات جديدة لإدخال اتفاقية «تي بي بي» حيز التنفيذ من دون الولايات المتحدة إن فقدت الأمل في عودتها بشكل كامل. *صحفي ياباني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»