حسام محمد (القاهرة) شرع الله تعالى الإنفاق في سبيله وجعله من أهم القربات التي يتقرب بها المسلم، فقد شرعه الإسلام في الزكاة بل وجعل له مصارف أخرى للإنفاق فيه الأجر العظيم ولأن العمل الخيري بشكل عام يحقق العدالة الاجتماعية في أي مجتمع، ينتشر فيه، فقد اعتبره الإسلام من أهم الأعمال والعبادات شأنه شأن باقي الأمور التي يقوم بها المسلم واعتبره أيضا عملاً يتقرب به المسلم إلى الله، ولكن انتشرت مؤخراً طرق التدليس على فاعلي الخير فانتشر التسول والجهات التي تجمع تبرعات ولا تنفقها في مصارفها الشرعية ووصل الأمر إلى وصول بعض التبرعات إلى أيدي الجماعات الإرهابية، فضلاً عن وصول ملايين الدولارات إلى جيوب المتسولين. رسالة الدين بداية يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء: عمل الخير وإشاعته وتثبيته من أهداف رسالة الإسلام ومن مقاصد الشريعة الأساسية والله تعالى يقول: «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ»، «الزلزلة: 7» وقال سبحانه وتعالى: «إن اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا»، «النساء: 40»، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول، لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا، ولم يرزقه علما، يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول، لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء» وهكذا حرصت الشريعة الإسلامية على الدعوة للعمل الخيري بكافة الأشكال وان الشارع الحكيم جعل الصدقات والتبرعات من أنواع تكفير الوقوع في خطأ أو حنث يمين أو غير ذلك أو تحقيقاً لنذر أو وقفاً في سبيل الله تعالى. يضيف د. واصل: من هذا المنطلق يجب أن يسعى كل المسلمين لصناعة الخير بل حتى الفقراء منا لديهم الفرصة أيضا لصناعة الخير فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا، ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون، قال: «ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله؟، تسبحون، وتحمدون، وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين»، ويجب أن يدرك كل مسلم أن العمل الخيري هو جزء من طبيعة الإسلام، وواجب أصيل، جاء لتعميق التكافل بين المسلمين، فمن حق كل فرد أن يعيش حياته بحرية وكرامة والتحرر من الحاجة والفقر وذلك بفرض حق معلوم من أموال القادرين ليصرف لذوي الحاجات المختلفة. مفهوم قاصر من جانبه يقول الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء: للأسف فإن مفهوم الكثير من المسلمين عن العمل الخيري مازال قاصرا على توفير الغذاء للمحتاجين فقط، وهو ما أدى إلى ضياع الملايين من الدولارات التي ذهبت لجيوب المتسولين الذين يحملون أوراقا وهمية تفيد حاجتهم للعلاج أو الغذاء، ولهذا فقد آن الأوان كي يتبنى العلماء ووسائل الإعلام حملة منظمة توضح لجماهير المسلمين أهمية تنويع العمل الخيري و تحديد عدد من الجمعيات الموثوق فيها كي تجمع تلك الأموال وتقوم بإنفاقها على بناء المستشفيات والملاجئ ولا مانع من بناء المصانع لتوفير فرص العمل للمحتاجين. يضيف د. هاشم: العمل الخيري فريضة وليس من النوافل والله تعالى يقول: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب»، «المائدة: 3» ولذلك يجب دعم العمل الخيري والاهتمام بمعرفة المصادر الذي تذهب فيها زكاة الأموال والتبرعات والصدقات بهدف مساعدة الفقراء والذين قال عنهم الله تعالى: «الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا»، «سورة البقرة الآية 273» فهؤلاء الذين يجب أن يبحث عنهم المسلمون وهم يخرجون تبرعاتهم وزكواتهم حتى يكونوا قد أتموا فريضة الإنفاق في سبيل الله فمن الخطأ التصدق على أشخاص لا يستحقون الصدقات في الوقت الذي هنالك محتاجين فعليين لا يجدون من يلتفت إليهم وهذا يعني وجوب التقصى جيدا عن هؤلاء الذين يعيشون في تعفف وصمت ولا يقوون على طلب المساعدة لشدة الخجل وعزة النفس.