مكة المكرمة (وكالات)

جدد مؤتمر القمة الإسلامية الـ14 «قمة مكة: يداً بيد نحو المستقبل» برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، التزامه بغايات وأهداف ومبادئ ميثاق منظمة التعاون الإسلامي لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين، وذلك بروح من التضامن الحقيقي. ورحب بقرار مجلس وزراء الخارجية الصادر عن الدورة السادسة والأربعين المنعقدة في أبوظبي يومي 1و2 مارس 2019، بشأن نتائج جلسة تطارح الأفكار حول الإصلاح الشامل المنشود في إطار المنظمة، ودعا إلى الشروع في الإصلاحات المنشودة التي تهدف إلى ضمان فاعلية ونشاط المنظمة وحسن سير عمل أجهزتها، كما أعرب عن شكره لبنجلاديش على قبولها استضافة الجلسة الثانية من جلسات تطارح الأفكار خلال سنة 2019. وقرر عقد الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر القمة في جمهورية غامبيا عام 2022.

مركزية «فلسطين»
وأكد البيان الختامي مركزية قضية فلسطين وحق الشعب في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، رافضاً أي إنكار لحق العودة للاجئين بموجب القرار 194، وأي قرار غير قانوني وغير مسؤول يعترف بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، باعتباره لاغياً وباطلاً. وداعياً الدول التي نقلت سفاراتها أو فتحت مكاتب تجارية في المدينة المقدسة إلى التراجع عن الخطوة باعتبارها انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وتقويضاً متعمداً لمستقبل عملية السلام، يصب في مصلحة التطرف والإرهاب، ويهدد الأمن والسلم الدوليين، ومطالباً الدول الأعضاء في المنظمة اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد الدول التي تقدم على ذلك.
ورفض المؤتمر أي مقترح للتسوية السلمية، لا يتوافق ولا ينسجم مع الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وفق ما أقرته الشرعية الدولية، ولا ينسجم مع المرجعيات المعترف بها دولياً لعملية السلام. كما أدان ورفض أي مواقف تصدر عن أي جهة دولية تدعم إطالة أمد الاحتلال ومشروعه الاستيطاني على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومحاولات تقويضها لحقوق اللاجئين. وأكد تبني ودعم رؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بدعوة الأطراف الدولية الفاعلة إلى الانخراط في رعاية مسار سياسي متعدد الأطراف بهدف إطلاق عملية سلام ذات مصداقية برعاية دولية تهدف إلى تحقيق السلام القائم على حل الدولتين وإنهاء الاحتلال على أساس المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002، ومبدأ الأرض مقابل السلام.
وأكد المؤتمر رفض ومواجهة كل الإجراءات والقرارات الإسرائيلية غير القانونية التي تهدف إلى تغيير الحقائق في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، وتقويض حل الدولتين، سواء بسياسة الضم أو التوسع الاستيطاني، وطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمل مسؤولياتهم بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334. كما دعا جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى القيام بذلك، وأكد أهمية حشد الدعم لموازنة الحكومة الفلسطينية لمواصلة عملها، وأدان قرصنة سلطات الاحتلال لأموال الضرائب وأيضاً قطع بعض الدول دعمها المالي بغرض الابتزاز السياسي. مشيداً بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في نصرة القضية الفلسطينية والالتزام بدعم صندوقي القدس والأقصى. ومنوهاً بجهود المغرب والأردن في حماية المقدسات الإسلامية في القدس، والوقوف في وجه إجراءات الاحتلال لتهويد المدينة المقدسة.

دعم لبنان ووحدة سوريا
وجدد المؤتمر تضامنه مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي لحكومته في توجهها لتحقيق إنجازات إصلاحية ونهوض اقتصادي، بما يعزز الاستقرار ويحقق الازدهار، ويحفظ الوحدة الوطنية والسيادة على كامل الأراضي اللبنانية، وأكد حق لبنان في استكمال تحرير كامل أراضيه من الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المشروعة.
وشدد على ضرورة انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وحقه في مقاومة أي اعتداء بالوسائل الشرعية، والتأكيد على أهمية وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعـة ضد الاحتـلال. كما أعرب عن وقوفه إلى جانب لبنان في حقه في الاستفادة من موارده البترولية والغازية في منطقته الاقتصادية الخالصة. وأكد ضرورة مؤازرة ودعم لبنان في مجال تقاسم أعباء النازحين السوريين، وشدد على أن هذا الوجود لا يمكن أن يكون إلا مؤقتاً.
وطالب المؤتمر بانسحاب إسرائيل الكامل من الجولان السوري المحتل إلى حدود الرابع من يونيو 1967 وفقاً لقراري مجلس الأمن 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام ومبادرة السلام العربية، وأكد عدم اعترافه بأي قرار أو إجراء يستهدف تغيير الوضع القانوني والديمغرافي للجولان، خصوصاً رفض وإدانة القرار الأميركي الخاص بضم الجولان للأراضي الإسرائيلية، واعتباره غير شرعي ولاغياً ولا يترتب عليه أي أثر قانوني.
وأكد ضرورة صون وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها ووئامها الاجتماعي، وجدد دعمه للحل السياسي للأزمة السورية استناداً إلى بيان جنيف 1 الذي يرمي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية باتفاق مشترك تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة وقرار مجلس الأمن رقم 2254، وذلك بغرض تنفيذ عملية انتقال سياسي بقيادة تقودها سوريا بما يتيح بناء دولة سورية جديدة قوامها النظام التعددي الديمقراطي والمدني تسوده مبادئ المساواة أمام القانون وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وأكد دعمه لجهود المجموعة الدولية لدعم سوريا والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لاستئناف العملية التفاوضية. وجدد التزامه بمواجهة التحديات الإنسانية للأزمة السورية والمزيد من المساهمة في جهود المجموعة الدولية، خاصة منها منظمة الأمم المتحدة في هذا الشأن.

الحل السياسي في اليمن
وأكد المؤتمر دعمه المتواصل للشرعية الدستورية في اليمن التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولجهوده الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي، مشيداً في هذا الصدد باستئناف جلسات مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسية جديد للمجلس كخطوة في طريق استعادة وتعزيز المؤسسات. وجدد دعمه استئناف الأمم المتحدة للعملية السياسية للوصول إلى حل سياسي قائم على التنفيذ التام للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات الشرعية الدولية، وبالأخص قرار مجلس الأمن رقم 2216. مؤكداً مساندته لتنفيذ مخرجات اجتماعات السويد وفقاً لقراري مجلس الأمن 2451 و2452 بما في ذلك الرقابة الثلاثية. وأشاد بالمساعدات الإنسانية لدعم خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة في اليمن ومساهمة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بمبلغ مليار و500 مليون دولار لوكالات الأمم المتحدة من أجل الإغاثة الإنسانية خلال شهر رمضان المبارك. كما أشاد بجهود الكويت ومساهمتها بمبلغ 600 مليون دولار لدعم الوضع الإنساني وسعيها الحثيث لدفع المفاوضات السلمية وصولاً لحل القضية.

ليبيا والسودان والصومال
وأكد المؤتمر ضرورة التزام الأطراف الليبية كافة بمراعاة المصلحة العليا وتجنيب شعبها مزيداً من المعاناة وويلات الحروب، وضرورة عودة الأطراف الليبية إلى المسار السياسي في إطار الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات بقصد إيجاد تسوية شاملة من خلال المصالحة الوطنية في كنف التوافق.
ودعا إلى وقف كل أشكال التدخلات الخارجية في الشأن الليبي التي لا يمكن إلا أن تزيد الأوضاع تعقيداً، وإلى تعزيز جهود مكافحة الإرهاب بأشكاله وصوره كافة، مؤكداً التزامه بتوحيد المؤسسات الليبية كافة حفاظاً على مقدرات الشعب الليبي.
وأعرب المؤتمر عن تأييده لخيارات الشعب السوداني وما يقرره حيال مستقبله، ورحب بما اتخذ من قرارات وإجراءات تراعي مصلحة الشعب وتحافظ على مؤسسات الدولة. وأهاب بجميع الأطراف مواصلة الحوار البناء من أجل الحفاظ على السلام والتماسك الاجتماعي بهدف تحقيق تطلعات الشعب في الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، ودعا المجتمع الدولي لشطب ديون السودان الخارجية، وإلغاء العقوبات الاقتصادية الانفرادية المفروضة عليه. وناشد الدول الأعضاء والمؤسسات المالية للمنظمة المساهمة في تقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة للسودان لتمكينه من تجـاوز الحالة الاقتصادية الحرجة التي يمر بها، ودعـا إلى شطب اسم السـودان من قائمة الـولايات المتحدة للدول الداعمة للإرهاب.
كما أكد ارتياحه للتقدم الحثيث الذي أحرزته حكومة الصومال برئاسة محمد عبد الله محمد، وجدد دعمه الكامل لمساعي حكومة الصومال الفيدرالية لبناء السلام، بما في ذلك جهود التواصل الإقليمية من أجل تحقيق مصالحة وطنية شاملة لوضع أسس سلام دائم في الصومال.

مواقف ثابتة
وأشاد المؤتمر بدور خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في رعاية مصالحات منطقة القرن الأفريقي بالتوقيع على الاتفاق النهائي يومي 16 و17 ديسمبر 2018 بين رئيس وزراء دولة إثيوبيا الفيدرالية ورئيس دولة إريتريا وكذلك اللقاء التاريخي للمصالحة الجيبوتية الإريترية للوصول إلى الحلول النهائية. وأكد ارتياحه بالتقدم المحرز منذ توقيع الاتفاق من أجل السلم والمصالحة في مالي، وأشاد بتوقيع الاتفاق السياسي للحكامة في 2 مايو 2019، والذي مكن من تشكيل حكومة مهمتها الأولية مواصلة تنفيذ الاتفاق وإجراء الإصلاحات الضرورية في إطار حوار سياسي شامل.
وأكد المؤتمر دعمه لبلدان منطقة الساحل ولا سيما المجموعة الخماسية، وذلك من خلال تدابير بناء قدرات قوات الدفاع والأمن لبلدان المنطقة ولجهودها في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وأعرب عن تضامنه الكامل مع بلدان حوض بحيرة تشاد (نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد) التي تواصل مواجهة تحديات أمنية كبيرة وتمرد بغيض بسبب تطرف جماعة بوكو حرام وإرهابها. ودعا الدول الأعضاء ومؤسسات المنظمة، بما فيها البنك الإسلامي للتنمية وصندوق التضامن الإسلامي، إلى مساعدة اتحاد القمر وجمهورية غينيا وكوت ديفوار وسيراليون في برامجها الإنمائية بهدف تحقيق التنمية المستدامة.
وجدد المؤتمر موقفه المبدئي المتمثل في إدانة عدوان جمهورية أرمينيا على جمهورية أذربيجان، ودعاها إلى سحب قواتها المسلحة فوراً وبشكل كامل وغير مشروط من إقليم ناغورنو كاراباخ. كما أكد مجدداً دعمه القوي لحكومة الوحدة الوطنية الأفغانية، ورحب بجهود السلام والمصالحة التي تقودها أفغانستان، ودعا المعارضة المسلحة للتجاوب مع وقف إطلاق النار، وأعرب عن دعمه الكامل للجهود التي تبذلها الحكومة من أجل تحقيق السلام والاستقرار والأمن الدائم من خلال إطلاق محادثات سلام مع طالبان للتوصل إلى اتفاق سلام شامل. كما أكد دعمه المبدئي لشعبي جامو وكشمير في إعمال حقهما المشروع في تقرير المصير، وفقاً لقرارات مجلس الأمن. وأكد أيضاً جميع القرارات السابقة بشأن المسألة القبرصية، والبوسنة والهرسك وكوسوفو وقضايا الجماعات والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء.

مأساة الروهينجا
وندد المؤتمر بالوضع اللاإنساني الذي تعيشه أقلية الروهينجا المسلمة، ودعا إلى التحرك العاجل لوقف أعمال العنف، وكل الممارسات الوحشية التي تستهدف هذه الأقلية مع منحها جميع الحقوق دون تمييز أو تصنيف عرقي. وشدد على أن حكومة ميانمار تتحمل المسؤولية الكاملة في حماية مواطنيها، وأكد ضرورة الوقف الفوري لاستخدام القوة العسكرية بولاية راخين. وحث على اتخاذ خطوات عملية وموقوتة وملموسة لإعادة الجنسية للنازحين والمهجرين الذين أسقطت عنهم وإتاحة وتسهيل عودة آمنة وكريمة لجميع اللاجئين والنازحين داخل وخارج البلاد، بمن فيهم أولئك الذين أرغموا على اللجوء إلى بنجلاديش. وشدد على أهمية إجراء تحقيقات دولية مستقلة وشفافة حول انتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار، بما فيها الاعتداء الجنسي والعنف ضد الأطفال، ومحاسبة جميع المسؤولين عن هذه الأعمال الوحشية.
وتطرق البيان إلى العديد من القضايا الأخرى للمسلمين في الفلبين وتايلاند واليونان وسريلانكا. كما رحب بالتعاون المتنامي بين منظمة التعاون الإسلامي ومختلف المنظمات الدولية والإقليمية، بما فيها الأمم المتحدة، ودعا إلى معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الإنسانية وتعزيز دور المنظمة في مجال العمل الإنساني من أجل تخفيف معاناة المحتاجين في الدول الأعضاء المتضررة من الكوارث والنكبات.

مكافحة الإرهاب
وجدد المؤتمر موقف الدول الأعضاء ضد الإرهاب بجميع صوره وأشكاله ومظاهره، بغض النظر عن دوافعه ومبرراته، وأكد براءة الإسلام الوسطي السمح من التطرف والغلو. ودعا إلى ضرورة اعتماد مقاربة شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب تقوم على استئصال الفكر المتطرف وتجفيف منبع الإرهاب، وتعزيز الأدوات القانونية الدولية والوطنية لمواجهة هذه الظاهرة. وشدد على أن الحرب على الإرهاب أولوية قصوى لجميع الدول الأعضاء، وجدد عزمه على العمل معاً على منع الأعمال الإرهابية وقمعها عـن طريق زيادة التضامن والتعاون الدوليين، مع الاعتراف التام بدور الأمم المتحدة المركزي، وطبقاً لميثاق الأمم المتحدة والالتزامات بموجب القانون الدولي، ودان الأعمال الإرهابية كافة التي تتعرض لها الدول الأعضاء. ورحب بإطلاق مركز صوت الحكمة للحوار والسلام والتفاهم في منظمة التعاون الإسلامي بوصفه خطوة مهمة ترمي إلى تفكيك بنية الخطاب المتطرف الذي تنشره الجماعات الإرهابية عبر وسائل الإعلام، ولا سيما التواصل الاجتماعي، ودعا الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم اللازم للمركز وتعزيز الشراكة والتعاون بين المركز والمؤسسات المعنية في الدول الأعضاء.
وأدان المؤتمر بشدة الاعتداء الإرهابي على محطات الضخ البترولية بمدينتي الدوادمي وعفيف في المملكة العربية السعودية والذي يستهدف مصالح الدول وإمدادات النفط العالمية. وأعرب عن كامل تضامنه مع المملكة ودعمه اللامحدود لجميع الإجراءات التي تتخذها لحماية أمنها القومي وإمدادات النفط، كما دعا المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته للحفاظ على السلم والأمن في المنطقة. كما أدان بشدة الأعمال التخريبية التي تعرضت لها أربع سفن تجارية مدنية في المياه الإقليمية للإمارات العربية المتحدة بوصفه عملاً إجرامياً يهدد أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية الدولية، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لضمان حركة الملاحة البحرية وسلامتها، وضمان استقرار أمن المنطقة. وأعرب عن دعمه الكامل للحكومة العراقية في جهودها في مكافحة الإرهاب، وثمن ما تحقق من انتصار شامل مكن من تحرير المدن العراقية من قبضة «داعش».

الإسلاموفوبيا
ولاحظ المؤتمر أن الإسلاموفوبيا، باعتبارها شكلاً معاصراً من أشكال العنصرية والتمييز الديني، ما انفكت تتنامى في أنحاء كثيرة من العالم، كما يتضح من ازدياد حوادث التعصب الديني، ودعا الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية إلى اعتماد يوم 15 مارس يوماً دولياً لمناهضة الإسلاموفوبيا. وأدان الهجوم الإرهابي المروع والشنيع الذي استهدف مصلين أبرياء في مسجد النور ومسجد لينوود في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا. وحث جميع البلدان التي تضم مجتمعات وأقليات مسلمة ومهاجرين على الامتناع عن جميع السياسات والبيانات والممارسات التي تربط الإسلام بالإرهاب أو بالتطرف أو بالمخاطر المهددة للمجتمع. كما دعا إلى اعتماد استراتيجية شاملة لمكافحة الإسلاموفوبيا، وذلك بهدف وضع آلية قانونية دولية ملزمة لمنع تنامي ظاهرة عدم التسامح والتمييز والكراهية على أساس الدين والاعتقاد. ورحب بإنشاء فريق الاتصال الخاص بالسلم والحوار، ودعاه لوضع برنامج عمل لمكافحة الإسلاموفوبيا، وذلك للإعداد لاجتماع الفريق على المستوى الوزاري على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

تعزيز التجارة والثقافة
وأشاد المؤتمر بتنفيذ مختلف البرامج وإنشاء آليات مؤسسية لتعزيز التجارة الإسلامية البينية وتحقيق الهدف المتمثل في رفع نسبة التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى 25% بحلول عام 2025. ودعا إلى الإسراع في تنفيذ مشروع منظمة التعاون الإسلامي لخط السكة الحديد داكار-بورتسودان. ورحب بتدعيم هياكل المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي وأيضاً بتنفيذ خطة عمل زراعية شاملة تهدف إلى مواجهة التحديات الرئيسة في مجال الزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي. وأشاد بالدور المهم الذي تضطلع به مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في تعزيز التنمية الشاملة في الدول الأعضاء. وسجل أهمية الدور الذي يضطلع به صندوق التضامن الإسلامي للتنمية، وأكد أيضاً قرار دعم المشروع الجاري المتمثل في إعادة تغذية بحيرة تشاد.
وأكد ضرورة استخدام الثقافة أداة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة تتفق مع القيم الإسلامية، لتكون أداة استراتيجية لتحقيق أهداف المنظمة، وأدان بشدة الجرائم التي ارتكبت ضد التراث الحضاري بجميع أشكاله المادية وغير المادية في كل من سوريا والعراق ومالي وليبيا ودول أعضاء أخرى. ودعا إلى الاستثمار في تطوير البنية التحتية لقطاع الإعلام، وتعزيز الدبلوماسية العامة لمنظمة التعاون الإسلامي من خلال وسائل الإعلام، وأكد الدور المهم للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان. وأقر بأن التدهور البيئي، بما في ذلك شح المياه وغياب التثقيف البيئي، يزيد من تفاقم المعايير الصحية في الدول الأعضاء.

«إعلان مكة».. رؤية جديدة لمستقبل واعد للعالم الإسلامي
أكد «إعلان مكة» الصادر عن الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية في المملكة العربية السعودية أمس الالتزام بدعم منظمة التعاون الإسلامي لتحقيق الأهداف التي حددها ميثاقها من خلال العمل الإسلامي المشترك الذي تمثله لتنطلق نحو رؤية جديدة لمستقبل واعد للعالم الإسلامي، تساعده في التعامل مع التحديات الداخلية والدولية التي تواجهه بما يحفظ أمنه واستقراره، والعمل على تطوير قدرات الدول الإسلامية وأنظمتها في كافة المجالات للنهوض بها وتحقيق أهدافها التنموية من خلال وضع الخطط والبرامج اللازمة وتنفيذها بما ينعكس إيجابا على أداء العمل الإسلامي المشترك، وتعزيزه والإسهام في تطوير عمل المنظمة وأجهزتها الفرعية ومؤسساتها وفق المبادئ التي تحقق مصالح الشعوب والدول الإسلامية.
وشدد على أهمية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للأمة الإسلامية والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وذلك طبقاً للقرارات الدولية الصادرة في هذا الشأن، وتأكيد التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الاحتلال وحقه في حياة كريمة بالعيش داخل دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد إدانة الإرهاب والتطرف والغلو بجميع أشكاله ومظاهره مهما كانت الأسباب والدوافع وتكاتف الجميع بالوقوف ضد المنظمات الإرهابية ووضع القوانين والضوابط الرادعة لمواجهة هذه الآفات. وأعلن عن إدانة الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها محطات الضخ البترولية في المملكة العربية السعودية والسفن التجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات، ودعا المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته للحفاظ على السلم والأمن في المنطقة.
ورفض أي محاولة لربط الإرهاب بأي جنسية أو حضارة أو دين ورفض أي دعم مباشر أو غير مباشر للجماعات والمنظمات التي تدعو إلى العنف والتطرف والإرهاب تحت أي ذريعة. وأكد استمرار الإدانة الكاملة لجميع أشكال التعصب والتمييز القائم على الدين أو اللون أو العقيدة وتأكيد التحلي بالتسامح والاحترام والحوار والتعاون بين جميع الشعوب سبيلا لمكافحة العنصرية والكراهية.
ورفض الطائفية والمذهبية بجميع أشكالها ومظاهرها ودعا إلى تشجيع الجهود الوطنية التي تسعى إلى مكافحة السياسات والممارسات الطائفية وتعزيز التصالح بين جميع المسلمين. وأكد أن القائمين على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عليهم مسؤولية كبيرة في تحقيق الغايات والمقاصد الأخوية الإسلامية والبعد عن إثارة الفوضى والفتن بين أبناء الأمة الإسلامية.
وأكد أهمية الوقوف مع المسلمين في الدول غير الإسلامية والذين يتعرضون للاضطهاد والظلم والقهر والعدوان، وتقديم كل العون لهم وتبني قضاياهم في المحافل الدولية لضمان تحقيق حقوقهم السياسية والاجتماعية في بلدانهم ووضع البرامج والآليات التي تكفل اندماجهم في مجتمعاتهم دون تمييز. وأشار إلى استشعار منظمة التعاون الإسلامي للتغيرات والتطورات التي تحدث على المستوى الدولي والتي تحتم علينا تطوير البرامج والأدوات التي تنتهجها لتمكنها من أداء دورها على المستويين الإقليمي والدولي بالشكل الذي يحقق التوافق في العمل الإسلامي المشترك. وتقدم بالشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على عقد الدورة الرابعة عشرة للمؤتمر وجهوده المخلصة في تمتين الإخاء والتضامن بين الدول الإسلامية وفي خدمة الإسلام والمسلمين من جميع أنحاء العالم.