أرجأت شركة نوكيا طرح هاتفها الذكي الجديد N900 في الأسواق لمدة شهر. وهذا الأمر وإن كان يبدو معتاداً بالنسبة لمنتجات التقنية الجديدة إلا أنه يلقي الضوء على الصعوبات التي تواجه الشركة الفنلندية نتيجة للسباق المستحكم بينها وبين “آبل” صاحبة آي فون الذي لقي نجاحاً عظيماً وانتشاراً واسعاً. يأتي هذا الإرجاء بعد يوم من قيام نوكيا برفع دعوى ضد آبل متهمة إياها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بـ “آي فون” وهو ما يفتح المجال لنزاع مثير للجدل بين أكبر شركة تصنيع هواتف محمولة (نوكيا) وأشرس منافس لها (آبل) أمام المحكمة الفيدرالية الأميركية. ولكن الأهم هو ذلك الصراع الذي ما زال محتدماً في متاجر الهواتف المحمولة على الصعيد العالمي نظراً لاستمرار آبل في اقتناص حصة سوقية كبرى من نوكيا في قطاع الهواتف الذكية الذي يعد الأكثر ربحاً والأسرع نمواً في ذلك المجال. وتعول نوكيا كثيراً على أن هاتف N900 الذي يجمع بين مزايا آي فون مثل شاشة اللمس ولوحة المفاتيح المنزلقة وبين مجموعة مزايا جديدة أخرى كشفت عنها نوكيا مؤخراً قبل موسم احتفالات الكريسماس. لاتزال نوكيا أكبر شركة تصنيع الهواتف الذكية (التي تجمع بين خصائص الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الشديدة الصغر) غير أن حصتها السوقية في هذا القطاع تراجعت من 41 في المئة في الربع الثاني من هذا العام إلى 35 في المئة في الربع الثالث في الوقت الذي تتنامى فيه حصلة آبل، التي باعت عدداً قياسياً من آي فون بلغ 7.4 مليون جهاز في الربع الثالث. بينما لم تبع نوكيا سوى 1.8 مليون من هاتفها الشهير N97 و5.7 مليون جهاز من كافة أنواع هواتفها المحمولة ذات الشاشات التي تعمل باللمس. وبالنظر إلى أن N900 يعد أول هاتف نوكيا يعمل ببرامج لينوكس فإنه بذلك يتجنب منصة سمبان التي يقول بعض المنتقدين إن استعمالها أقل سهولة ويسراً من برامج آبل. وقالت نوكيا إنها أجلت طرح N900 شهراً للاستفادة من المعلومات المهمة الواردة من مطوري البرامج المسؤولين عن وضع تطبيقات الجهاز. وهناك هواتف نوكيا محمولة أخرى إما على وشك طرحها في السوق أو طرحت مؤخراً منها نسخة رفيعة من N97 وجهازان جديدان يشغلان الأغاني وكمبيوتر شديد الصغر يسمى نيتبوك. في السياق ذاته يقول خبراء تكنولوجيا إن طفرة الابتكارات تبشر بأن نوكيا أخيراً تأخذ المكانة التي تليق بها في سوق الهواتف المحمولة الذكية بما سوف تطرحه بقوة لغاية أواخر عام 2009. ويعتبر نجاح الشركات حالياً في مجال الهواتف المحمولة الذكية أمراً شديد الأهمية نظراً لانتشارها العظيم مؤخراً في وقت تنكمش فيه سوق الهواتف المحمولة المعتادة لأول مرة في تاريخها، حيث تراجعت مبيعات الهواتف المحمولة 8 في المئة عن السنة الماضية في الربع الثالث في الوقت الذي ارتفعت فيه مبيعات الهواتف الذكية بنسبة 6 في المئة. كما أن الهواتف الذكية تشكل القطاع الأكبر ربحاً وهي مسألة جوهرية في وقت تعاني هوامش ربح نوكيا في قطاع الهواتف المحمولة من ضغوط شديدة، ذلك أن متوسط سعر هاتف نوكيا تراجع من 82 يورو (123 دولارا) إلى 62 يورو خلال العامين الماضيين. وفيما تتوسع شركات الهاتف المحمول في إنتاج الهواتف الذكية التي تجمع بين خصائص الهاتف المحمول والكمبيوتر الشخصي، تزايد إقبال المستهلكين على أجهزة مزودة بخدمات البريد الالكتروني والأغاني والفيديو وغيرها من الخدمات اللحظية على الانترنت online. وإذا فقدت نوكيا ريادتها في فئة الهواتف الذكية يخشى أن تهتز هيمنتها على قطاع الهواتف المحمولة عموماً. تفسير الخلاف إن ذلك يساعد على تفسير قيام نوكيا مؤخراً بالضغط على آبل من خلال رفع دعوى ضدها متهمة إياها بانتهاك 10 براءات اختراع في كل هاتف آي فون بيع منذ طرحه عام 2007. في ذلك يقول دونال أوكونيل المدير السابق لبرادات الاختراع في نوكيا إن نوكيا ربما تطالب رسوم رخصة كتعويض أو قد تسعى إلى صياغة اتفاقية مشاركة تكنولوجية يتاح لنوكيا بموجبها الاستفادة من بعض ملكيات آبل الفكرية. عن “فاينانشيال تايمز”