إيمان محمد (أبوظبي) في عملها الروائي الثاني تبدو الإماراتية إيمان اليوسف أكثر تمكناً من أدواتها ومشروعها الروائي، خاصة أن عملها الأخير «حارس الشمس» حصل على جائزة الإمارات للرواية عن فئة الرواية الطويلة هذا العام. واللافت في إنتاجها الأدبي حتى الآن حرثها في مكان بعيد عنها جغرافيا، إذ تدور أحداث رواية «حارس الشمس» في الموصل بالعراق عبر تتبع سيرة وأحلام سادن مسجد النبي يونس التاريخي، والذي تم تفجيره على يد تنظيم داعش، بينما كانت روايتها الأولى «النافذة التي أبصرت» تنتقل في أحداثها بين العراق وتركيا وكندا، وقالت ل «الاتحاد» إن الأمر لا ينطلق من اهتمام ببيئة أخرى بل من معرفة كون والدتها عراقية، وكانت تزور بيت جدها في بغداد في زيارات طويلة «لم أتعمد أن تكون الروايتين عن العراق بل جاءت مصادفة، فقد كان لدى مشروع لرواية ضمن بيئة إماراتية، لكن خلال مشاركتي في برنامج دبي الدولي للكتابة طلبت منا المشرفة على البرنامج الكاتبة نجوى بركات العمل على رواية غير مكتوبة، على أن تكون فكرة الرواية ملحة ومستفزة، وكانت تشغلني وقتها فكرة الآثار والحضارة قبل عشرة آلاف سنة وكيف يتم محوها في لحظة». تميل اليوسف إلى الرواية الواقعية، فمثلاً شخصية الشيخ حسين منصور في «حارس الشمس» مركبة من عدة شخوص لحراس الجوامع والأئمة والسدنة الذين كانت تراهم في مسجد الإمام أبو حنيفة في بغداد قريباً من بيت جدها، وقد بحثت كثيراً، وسألت الكثيرين عن طبيعة الحياة في الموصل حتى تتمكن من رسم الخطوط العريضة لمكان لم تعايشه، وتقول «أحب الرواية التاريخية، وأعتقد أن التاريخ يعيد نفسه، فلو قرأناه جيداً سنعرف مآل الأحداث وتطورها، بينما في القصص القصيرة أفضل الخروج من دوائر الزمان والمكان وأعطي للشخصيات ملامح غير واضحة». استفادت اليوسف من برنامج دبي الدولي للكتابة في تطوير تقنياتها وقالت «استفدت لتغيير كواليس الكتابة والممارسات الشخصية في طقوسها، فقد كتبت الرواية الأولى بنفسي من دون مساعدة، وربما كانت لدى بعض الممارسات الصعبة التي تتعبني، فتعلمت تنظيم جدول زمني وتبني طريقة أكثر سهولة وأكثر تنظيماً لبناء السرد، وهو نظام يعطي صفاء ذهنياً وإبداعاً أكثر، وحصلت على تعليقات إيجابية عن السرد والمستوى في»حارس الشمس«بينما طغي التحشيد اللغوي على رواية»النافذة التي أبصرت«فتعلمت التبسيط في الكتابة لأن الشخصيات واقعية ومألوفة». مدة البرنامج كانت سنة تقريباً، بواقع 3 ورشات وكل ورشة مدتها أسبوع، وكانت تناقش فيها كيفية بناء الشخصية والأحداث بعد كتابتها، وكانت نجوى بركات تراجع الكتابات لغوياً ونحوياً، وتتابع السرد وتطوره هل هو سريع أم بطيء، وتنبه المشاركين إلى نقاط الضعف من دون تدخل منها. وترى اليوسف، التي درست الهندسة الكيميائية، أن تجربة كتابة رواية مؤلمة من كل النواحي، فالقصة لا تأخذ وقتاً طويلاً في الكتابة، بينما تتطلب الرواية نبشا أعمق، فروايتها الأولى استغرقت 4 سنوات لكتابتها بينما كتبت الرواية الثانية في سنة تقريبا «أنا من النوع الذي يرتبط بالشخصيات، وأعيش في غمار الأحداث التي أكتبها، فقد أكون حزينة في الأوقات التي أكتب فيها أحداث حزينة». أما الرواية الثالثة التي تعمل عليها اليوسف فتدور في بيئة إماراتية خلال حقبة الثلاثينات قبل اكتشاف البترول، بينما انتهت من مجموعة قصصية تحمل عنوان «بيض عيون» وهي مجموعة سوريالية كما تصف، تعطي بعداً كتابياً لهذا التيار المعروف في عالم الفن التشكيلي، وقد تصدر أثناء معرض الشارقة الدولي للكتاب القادم.