بالنسبة لحكومة فيتنام، فإن الحديث عن احتمال انهيار اتفاق التجارة عبر الهادي ليس الخيار المفضل بأي حال. وسواء كانت اتفاقية الشراكة عبر الهادي -وهي اتفاقية للتجارة التفضيلية تضم 12 دولة وتغطي 40 في المئة من الاقتصاد العالمي- قد وافق عليها الكونجرس أم لا، فإن السلطات في فيتنام تمضي قدماً في تنفيذ خطط لخفض الضرائب والحد من الإجراءات البيروقراطية بالنسبة للشركات لجعلها أكثر قدرة على المنافسة عالمياً. وفي هذا السياق قال «تران شوان ها»، نائب وزير المالية، في مقابلة في هانوي يوم 22 يوليو: «مع أو بدون اتفاقية الشراكة عبر الهادي، هدفنا هو تحسين بيئتنا الاستثمارية. ومعها أو بدونها فإن قطاع الشركات لدينا بحاجة لأن يكون أكثر قدرة على المنافسة، لضمان حفاظه على حصته في السوق». إن فيتنام تستفيد من موجة الازدهار الاقتصادي الذي يقوده المستثمر الأجنبي ما جعل هذه الدولة، التي تقع في جنوب شرق آسيا، تتحول من مصدر رئيسي للسلع الزراعية، مثل الأرز وحبوب البن، إلى مركز صناعي أيضاً. ومن غير المرجح أن يتغير طريق النمو هذا حتى وإن فشلت اتفاقية الشراكة عبر الهادي في السريان، نظراً لمعارضة الاتفاق من قبل المرشحين الرئاسيين في الولايات المتحدة، دونالد ترامب وهيلاري كلينتون. وفي هذا السياق قال «سبيستيان إيكرادت»، وهو خبير اقتصادي بارز للبنك الدولي في فيتنام، في مقابلة أجريت معه في هانوي: «إن فيتنام في وضع يجعلها تستفيد من اتفاقية الشراكة عبر الهادي، وهناك أيضاً دول أخرى في الوضع نفسه من بينها الولايات المتحدة». ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، فإن اقتصاد جنوب شرق آسيا سيشهد نمواً بنسبة 6 في المئة خلال هذا العام، مقابل توقعات سابقة بأن يصل إلى 6,2 في المئة، وذلك بعد أسوأ موجة جفاف تحدث هناك منذ 3 عقود. وقد ارتفعت تعهدات الاستثمار الأجنبي بنسبة 85 في المئة في الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015، حسب ما ذكرت وكالة الإحصاءات. ومن المتوقع أن تسهم اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي في فيتنام بنحو 8 في المئة في حلول العام 2030، ما يجعلها من بين أكبر المستفيدين من هذه الاتفاقية التجارية، وفقاً لما ذكره البنك الدولي. والاتفاقية -التي تعد محور أهداف السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما في آسيا- تبدو أكثر طموحاً من الاتفاقيات الأخرى ليس فقط فيما يتعلق بخفض التعريفات الجمركية بالنسبة لمجموعة من المنتجات، بل إنها أيضاً توفر الحماية لحقوق الملكية الفكرية. وقد تم التوقيع على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي في شهر فبراير، ولكن لم يتم التصديق عليها بعد من الأعضاء ومن بينهم أستراليا واليابان وسنغافورة. وسيتم عرضها على الجمعية الوطنية لفيتنام التي يحكمها الحزب الشيوعي للتصديق عليها في وقت لاحق من هذا العام. وقال المسؤول إن وزارة المالية ستقدم مشاريع اللوائح في أغسطس لرئيس الوزراء «نجوين شوان فوك» لتخفيف الضرائب التجارية ودعم الشركات الناشئة. وتوصي الوزارة بخفض ضريبة الدخل على الشركات بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتتراوح ما بين 17 إلى 15 في المئة بدلًا من 30 في المئة. إن صناعة التصدير في فيتنام جاذبة بشدة للاستثمار الأجنبي الذي يمثل 71 في المئة من القطاع، حسب ما جاء في تقرير البنك الدولي، كما أن زيادة مشاركة الشركات المحلية في التجارة ما زالت تمثل تحدياً، ولاسيما في مواجهة الاتفاقيات التجارية مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي. وسيكون من الصعب الموافقة على الاتفاقية التجارية في الولايات المتحدة، حيث تسيطر على حملة الانتخابات الرئاسية مشاعر مناهضة للعولمة، وإذا ما فشل الكونجرس الأميركي في التصديق على الاتفاقية خلال جلسته التي ستعقد بعد انتخابات نوفمبر، فإنها ستواجه مصيراً غامضاً مع المشرعين الجدد. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»